التوهج الذهبي المنبعث من الكتاب المقدس الذي يحمله أريان امتزج مع الظلام الحالك الذي يسيطر عليه زايروس، ليشكل دوامة من القوى المتضادة وسط القاعة العتيقة.
زايروس لم يتحرك، بل راقب بعينيه الحادتين الطاقة المنبعثة من أريان، وكأنه يقيم مدى خطورته.
— "أنت تتطور بسرعة… لكن هذا لا يغير شيئًا."
أريان لم يرد، بل ركز كل حواسه على الطاقة التي تتدفق داخله. للمرة الأولى، شعر وكأن الكتاب لا يمنحه القوة فحسب، بل يرشده، كما لو أنه كان دائمًا أكثر من مجرد أداة.
بخطوة واحدة، اندفع نحو زايروس، مستخدمًا سرعة غير مسبوقة. لم يكن يتحرك فقط بقوته الجسدية، بل بدعم مباشر من طاقة الكتاب.
زايروس بالكاد تمكن من رفع ذراعه للصد!
الصدمة التي نتجت عن اصطدام قبضتهما تسببت في تحطم الأرضية تحتهما، بينما تراجعا للخلف، كل منهما يقيس قوة الآخر بعناية.
— "هكذا إذًا…" زايروس ابتسم ببرود. "لقد بدأت أخيرًا تفهم القوة التي بين يديك."
لكنه لم يمنح أريان فرصة لالتقاط أنفاسه.
بلمحة واحدة، اختفى وسط الظلام، ثم ظهر خلفه مباشرة، موجهًا ضربة قاتلة نحو عموده الفقري!
لكن هذه المرة، أريان لم يكن بطيئًا.
بإشارة من يده، تشكل درع أثيري حوله، لكنه لم يكن درعًا اعتياديًا… بل كان نسخة شبه شفافة منه نفسه، تتحرك كما يتحرك!
زايروس تفاجأ للحظة، لكن لم يكن لديه وقت للتفكير، إذ أن أريان استدار في اللحظة ذاتها، موجهًا لكمة أخرى، لكن هذه المرة، لم يكن وحيدًا.
نسخته الأثيرية وجهت الضربة معه!
اصطدمت القبضتان بصدر زايروس، مما دفعه للخلف بقوة عنيفة!
الخصم الذي لم يُظهر أي علامات ضعف طوال المعركة… انحنى لثانية واحدة فقط.
رغم أن الأمر كان لحظة عابرة، إلا أنه كان كافيًا ليُظهر لأريان أن النصر ليس مستحيلاً.
زايروس وقف مستقيمًا، ونظر إلى أريان بنظرة باردة، لكن شيئًا جديدًا كان يلمع في عينيه هذه المرة…
— "مثير للاهتمام…"
ثم… بدأ الظلام حوله يتحرك مرة أخرى، لكن هذه المرة، لم يكن مجرد طاقة تتدفق…
بل كان يتحول إلى شيء أفظع بكثير.
بل كان يتحول إلى شيء أفظع بكثير.
الظلال بدأت تتماوج، تتجمع، ثم تتشكل لتصبح كائنات مظلمة ذات أجنحة ضخمة وأنياب حادة، تلتف حول زايروس كأنها حراس من الجحيم. كل كائن منهم كان ينبض بطاقة شريرة، وعيناه الحمراء تتوهج بلهيب الجحيم.
رفع زايروس يده، وبدأت المخلوقات المظلمة تزأر بصوت يزلزل الأرض، وكأنها تستعد لالتهام كل شيء في طريقها.
— "هذه الكائنات ليست مجرد ظلال…" تمتم أريان، وهو يشعر بمدى الرعب الذي تخلقه. "إنها تجسد الخوف والدمار."
لكن رغم ذلك، لم يتراجع.
تقدم خطوة للأمام، وعينيه تتوهجان بعزيمة لا تتزعزع. شعر بأن الكتاب يستجيب لندائه، وكأن الصفحات نفسها تتحدث إليه.
— "إذا كانت الظلال تجسد الخوف، فسأكون النور الذي يبددها."
بكلمات قوية، فتح الكتاب مرة أخرى، ليظهر رمز قديم يتوهج بالذهب والأزرق، طاقة نقية تتدفق منه، تحيط بأريان كدرع يحميه من هجمات المخلوقات.
انطلقت المخلوقات المظلمة نحو أريان بسرعة جنونية، أجنحتها تخفق كالرعد، ومخالبها تتمدد كأنها سهام قاتلة.
أريان لم يتراجع.
بخطوة سريعة، استدعى سيفًا من النور، مشعًا بطاقة قادرة على شق الظلام نفسه. التقى السيف الأول بمخلب أحد المخلوقات، لينقسم الظلام ويندثر كأنه لم يكن موجودًا من قبل.
المخلوق الآخر هاجمه من الجهة اليمنى، لكنه كان مستعدًا. بحركة دائرية، انحنى ليترك المخلوق يمر بجانبه، قبل أن يغرس سيفه في صدره، ليطلق صرخة تهز المكان وتختفي في العدم.
زايروس، الذي كان يراقب بلا مبالاة، رفع يديه إلى السماء، ليبدأ الظلام يتجمع فوقه، مشكلًا كرة ضخمة من الطاقة السوداء، تكبر وتتوهج، حتى بدت وكأنها ثقب أسود صغير.
— "لن تهزم هذا، أريان. هذه القوة هي خلاصة الظلام في هذا المكان… إنها قوة العدم نفسه."
أريان شعر بثقل تلك القوة، كأنها تسحب كل الأمل والضوء من حوله. لكنه لم يكن وحده. وميض خافت ظهر بجانبه، ليجد ميكا وألين يقفان إلى جانبه، عيونهم مشتعلة بالعزم.
— "لن ندعك تواجه هذا وحدك." قالت ألين، ممسكة بسيفها بقوة.
— "قوة العدم قد تكون مخيفة، لكنها ليست نهاية كل شيء." أضاف ميكا، بينما كان يرسم تعويذة قديمة في الهواء، تحيط بهم كدرع مضاد للطاقة السلبية.
بشجاعة مشتركة، تقدموا نحو زايروس، بينما كانت كرة الظلام تتضخم أكثر فأكثر، مستعدة للابتلاع كل شيء.
— "معًا." قال أريان، رافعًا سيفه إلى السماء، مما جعله يتوهج بشكل غير مسبوق، كأنه يستمد قوته من الشمس نفسها.
زايروس، بابتسامة متغطرسة، أطلق كرة الظلام نحوهم.
لكن في اللحظة ذاتها، اجتمع ضوء أريان مع تعويذة ميكا وسيف ألين، ليشكلوا درعًا ساطعًا ارتطم بقوة الظلام، مشكلًا انفجارًا هائلًا زلزل المعبد وأضاء سماء الليل فوقهم.
تراجع الظلام، ولكن زايروس لم يكن قد انتهى بعد.
صوته المزلزل ملأ الفراغ:
— "قوتكم مجتمعة مثيرة للإعجاب، لكنني لست سوى البداية. في أعماق هذا العالم، هناك قوى أقدم مني وأقوى بكثير. إن كنتم تسعون للنجاة، فعليكم أن تكونوا أكثر من مجرد محاربين… عليكم أن تكونوا أساطير."
ثم، اختفى زايروس بين الظلال، تاركًا وراءه رسالة واضحة… المعركة لم تنتهِ بعد، وما يواجهونه قد يكون أعظم من أي شيء تخيلوه.
62تم تحديث
Comments