الفصل6: الأمير كي

...روبرت رو بلان كي برافان كان يُعرف غالبًا باسم روبيرتو كي، أو الأمير كي....

...في عائلة والدته التي قضى فيها طفولته، كان يُدعى رو بلان. وفي المدرسة الداخلية التي دخلها في السابعة من عمره، كان يُنادى بالأمير كي....

...ولم يُبدأ بمناداته “روبرت” إلا بعد التحاقه بالأكاديمية العسكرية في سن الخامسة عشرة....

..."أنت هو الأمير كي، صحيح؟ أنا كريستوفر لافاييت، دخلنا معًا. دعنا نكون على وفاق، روبرت."...

..."لم أسمح لكَ تناديني باسمي."...

..."هاه، أنت فعلًا مثلما تقول الشائعات. حسنًا، أنا آسف لأني ناديتكَ باسمكَ من دون إذن، حسناً؟ الآن أستطيع أن أناديكَ به؟"...

..."افعل ما تشاء"...

...منذ اليوم التالي بدأ روبرت يقضي وقته مع كريستوفر....

...كان كريستوفر شابًا لا بأس به، الابن الثاني لعائلة لافاييت، مرحًا وهادئًا في نفس الوقت. و العيب الوحيد فيه أنه كان يبالغ في محبته لأخته الصغيرة التي يكبرها بفارقٍ كبير....

..."إذا ما كنت ستذهب إلى لورتيز في عطلة هذا الفصل، هل تود القدوم معنا لرؤية عائلتي؟ كتبت عنكَ قليلًا في رسائلي، و أصبحوا فضوليين ليعرفوا من تكون."...

...في العطلة الصيفية الأخيرة قبل التخرج، عرض كريستوفر على روبرت أن يزوره في بلدته....

...وافق روبرت من دون تردد. فهو لم يكن متحمسًا للذهاب إلى لورتيز....

...رغم أنه كان يعرف أنها أرض سيتحمل مسؤوليتها يومًا ما. لكنه لم يعش فيها قط، ولم يشعر تجاهها بأي انتماءٍ خاص....

...من هذه الناحية، كان في كريستوفر جانبٌ غريب...

...وكانت عائلته تشبهه في ذلك....

...بعد أن التقى أفراد عائلة لافاييت الذين يغلب عليهم الطابع العائلي المفرط، بدأ يندم قليلًا على مجيئه إلى هنا....

...وكأن الأمر كان متوقعًا، فقد ضحك كريستوفر واقترح عليه قريةً هادئة في الضواحي....

..."اسمها مانولي، قريةٌ ريفية وهادئة، غالبًا لن يعرفكَ أحدٌ هناك"...

...كانت مانولي قريةً ساحلية ريفية تقليدية....

...وفي زمنٍ كانت فيه السكك الحديدية تمتد في كل مكان، لم يكن هناك خط مباشر يربطها بلوران....

...الشيء الوحيد الجيد فيها كان الغابة التي تحيط بالقرية....

...دخل روبرت الغابة دون تردد، وجلس في أي مكان لقضاء الوقت....

...في الأيام الأولى، كان راضيًا تمامًا، فلم يزعجه أحد. إلى أن ظهرت المزعجة ساشا فينوش....

...كانت تلك الفتاة التي تضحك بغباءٍ كجنية تعيش في الغابة، تفوح منها دومًا رائحة الخوخ أو البرتقال....

...وكانت تأتي كل يوم، دون أن تلمس واجباتها، وقد شُغلت به كليًا....

...وفي أحد الأيام، كانت تنظر بتمعن شديد إلى مشبك حذائه. حتى عالم حشراتٍ يكتشف نوعًا جديدًا غير معلن من النمل، لن يراقب بتلك الحماس....

..."أتعطيني إياه؟"...

...عرض روبرت عليها أن تأخذه إن كانت تحبه إلى هذا الحد. و عندها ابتسمت ساشا ابتسامةً عريضة كشفت عن أسنانها البيضاء المشرقة....

...كانت ابتسامةً نضرة. ...

...بالطبع، الفتاة التي أمامه كانت صغيرةً بالفعل. ومع ذلك، كانت ابتسامتها طفوليةً بالكامل بكل معنى الكلمة....

...لكن، في ذلك اليوم، لم تأخذ ساشا مشبك الحذاء. ...

...وبعد عدة أيام، عاد روبرت إلى المدرسة برفقة كريستوفر....

...كان القطار يشق طريقه بسرعةٍ وسط حقول القمح المترامية....

...كريستوفر، الذي كان أكثر صمتًا من المعتاد، نظر إلى صديقه بنظرةٍ ذات مغزى ثم وكزه بخفة في جانبه....

...“إصابتكَ في ساقك، كانت بسبب تلك الفتاة التي كانت معك وقتها، أليس كذلك؟”...

...قالها كريستوفر بلك بمكر وهو ينظر إلى فخذ روبرت الذي عولج في قصر لافاييت....

...“لو كنتُ أنا بدلها، هل كنت ستقف وتحميَني أيضًا؟”...

...“فلتحمي نفسك.”...

...قالها روبرت ذلك وهو يعبس وكأنه سمع أفظع ما يمكن سماعه....

...كان كريستوفر قد دخل سن البلوغ مبكرًا، فبنيته كانت أكبر من روبرت. فلماذا عليه أن يحمي هذا الجسد الضخم؟ ...

...حتى زيه المدرسي المائل بدا مهدورًا عليه. ...

...“كنت أعرف أنكَ ستقول ذلك، ما أقسى قلبكَ.”...

...قال كريستوفر طلك بلا مبالاة، وبدأ يسرد ما حدث له مع عائلته في العطلة....

...استمع روبرت إليه في البداية، لكنه أغلق أذنه من منتصف الحديث عندما بدا أن القصة لا نهاية لها....

...“يا، هل تسمعني؟ فيمَ تفكر بهذه الجدية؟ يبدو أنك عشت شيئًا ممتعًا في مانولي، أليس كذلك؟”...

...نظر روبرت إليه بوجهٍ خالٍ من التعبير. وكانت في عيني كريستوفر نظرةٌ متوقعة مازحة....

...لكن ما رآه روبرت في مانولي لم يكن سوى غابةٍ مظللة وطفلة صغيرة....

...“لم يكن هناك شيء.”...

...حدّق روبرت للحظة في الأفق الذهبي الذي كان يمر بسرعة خلف نافذة المقصورة الفاخرة، ثم سرعان ما صرف نظره....

...أما كريستوفر، فأطلق صفيرًا بانزعاج من هذا الرد الممل....

...أعاد روبرت وضع قبعته المدرسية المائلة لتكون مستقيمة أمامه. و كان مشبك الحذاء يلمع تحت الضوء....

...وبعد وقت قصير، تخرج روبرت من الأكاديمية العسكرية كما هو مخطط له، وتوجّه إلى بورونا....

...لكنه لم يُكمل مدة خدمته بالكامل. فبعد وقت قصير من حصوله على رتبة ضابط، وصل أمر ملكي من الملكة يقضي بعودته إلى لورتيز....

...فقد توفي والده أسرع مما كان متوقعًا....

...وبعد أن خلع زيه العسكري وعاد إلى لورتيز، أصبح روبرت الدوق الجديد لعائلة كي....

...وبعد وراثة اللقب، تولى أعمال الفندق أيضًا، ودخل بطبيعة الحال إلى مجتمع لوران الراقي....

...فشهرة الفندق كانت تعتمد على شهرة الشخصيات الرفيعة التي تنزل فيه....

...كان يوماً مشابهاً لأي يومٍ آخر. حتى اليوم الذي حضر فيه المعرض الذي نظمته الأكاديمية الملكية للفنون....

...توقفت حذاء روبرت أمام جدارٍ لا تدخله الإضاءة جيداً....

...لم يكن فناناً بالفطرة، بل رجل أعمالٍ تلقى تعليماً. أما معاييره في تقييم اللوحات فكانت أقرب إلى القدرة على التمييز منها إلى الذوق الجمالي....

...اللوحة التي أمامه لم تكن من النوع الرائج هذه الأيام. و لم تكن متقنة، بل فيها ضعف في المهارة....

...ربما كان هذا هو السبب في أنها مركونةٌ في زاوية لا تلفت الانتباه. ومع ذلك، ثمة قوةٌ غامضة لا يمكن تفسيرها تشده نحوها....

...في تلك اللحظة، اقترب منه كريستوفر من الخلف و تحدث بإعجاب....

..."المنظر في تلك اللوحة يشبه البركة الموجودة في حديقة قصر لورتيز. غريبٌ فعلاً. لو قيل لي أن الرسام ذهب بنفسه إلى هناك ورسمها، كنت سأصدق.”...

...أهكذا هو الأمر؟ ضيّق روبرت عينيه وهو يتأمل اللوحة أمامه. فلم يسبق له أن رأى تلك البركة التي يتحدث عنها كريستوفر بشكلٍ جيد....

...ربما لمحها فقط أثناء دخوله بالسيارة....

...ألقى نظرةً على ساعته ثم استدار دون تردد....

...“لنغادر الآن. لقد مكثنا هنا بما فيه الكفاية.”...

...خرج روبرت بسرعة من قاعة المعرض. و لحقه كريستوفر بخطواتٍ واسعة وبملامح يكسوها الارتباك....

...“إن لم يكن هناك أمرٌ مستعجل، لم لا تتجول قليلاً بعد؟ يجب أن تأخذ اعتبار سمعة العائلة المالكة أيضاً. أليست العلاقة بينكما قد تنتهي بزواج؟ الكل يقول أنكَ المرشح الأبرز لتكون زوج الأميرة ديبورا.”...

...“إن كنت مهتماً، فلتكن أنت الزوج.”...

...كان قاسياً إلى درجة أنه لم يلتفت حتى أثناء حديثه....

...كريستوفر يعلم أن روبرت لا يهتم كثيراً بهذه الأمور، لكن رغم ذلك لم يستطع أن يمنع نفسه من الشعور بالانزعاج، فرفع صوته،...

...“سيكون شرفاً عظيماً أن تظفر بأجمل امرأةٍ في مستقبل بريسِن. لكن على أية حال، ربما لا أكون من النوع الذي يلفت نظرها، أليس كذلك؟”...

...لم يُجب روبرت بل اكتفى بابتسامةٍ ساخرة....

...كانت ملامحه تقول أنه من السخيف أصلاً الحديث عن “جميلة المستقبل” وهي لا تزال في الرابعة عشرة من عمرها....

...أُغلِق باب السيارة أمام أنف كريستوفر بفارقِ لحظة....

...و فتح روبرر النافذة ولوّح لكريستوفر قائلاً له أن يتجول قدر ما يشاء، ثم ودّعه....

...تُرك كريستوفر خلفه بشعور بالفراغ، ففتح فمه بدهشة....

...كان هناك بعض الضجيج على الطرف الآخر. و حين خرج نحو المدخل، وجد الأميرة ديبورا قد وصلت لتوها إلى المعرض....

...“أين الدوق كي؟”...

...“اضطر للانصراف بسبب أمرٍ طارئ.”...

...ابتسم كريستوفر ابتسامةً محرجة. و شعر بالضيق من صديقه الذي غادر المعرض للتو....

...إن كان سيغادر، لِمَ لم يأخذه معه؟ وما الداعي لتركه هنا وحيداً؟...

...الأسوأ من كل شيء أنه بات مضطراً الآن لتفسير سبب مغادرة روبرت....

...“لم تكن لديه أي أمورٍ طارئة، لقد غادر فقط لأنه لم يرغب في لقائي.”...

...انفجرت الأميرة ديبورا بحدة....

...مدّ كريستوفر ذراعه، لكنها تجاهلته تماماً ودخلت وحدها، وسلوكها بدا بارداً جداً....

...ومع ذلك، كانت أذناها قد احمرّتا من الخجل بعد أن تعرّضت للخذلان من قِبل الدوق كي. فهي رغم كونها الحفيدة الوحيدة للملكة، لا تزال مجرد فتاةٍ في الرابعة عشرة من عمرها....

...وقع كريستوفر في الحرج. ولسبب ما، تذكّر أخته الصغرى في المنزل....

...وبعد تردّد، قرر في النهاية أن يعود إلى داخل المعرض ليرافق الفتاة ذات الشعر البلاتيني....

...***...

...اتكأ روبرت برأسه إلى الخلف على مقعد السيارة....

...كان مرهقاً....

...رغم أنه خلع زيه العسكري منذ أكثر من عام، إلا أن الحياة الجديدة لا تزال غريبةً عليه....

...وكذلك كانت لورتيز. وكذلك لقبه كـ “الدوق كي”....

...عاد إلى شقته في وسط مدينة لوران، و بدّل ملابسه، ثم خرج من جديد....

...كان لديه موعد عشاءٍ في مطعم بشارع سانت ماري....

...عندما عاد تماماً في وقت متأخر من الليل، وجد إطاراً مغلفاً بورق موضوعاً أمام باب المنزل....

...كانت اللوحة التي طلبها بعد خروجه من المعرض....

...و قد دفع مبلغاً كبيراً بالنظر إلى أنها من عمل فنان مجهول الاسم....

...لكنه طلب بالمقابل ألا يُكشف عن هوية المشتري....

...لم يرغب بأن يأتيه الرسام لاحقاً. فقد خاب ظنه أكثر من مرة بعد لقائه بأشخاص يُقال عنهم إنهم فنانون عظماء....

...لم يكن هناك سبب خاص لذلك. فقط…..هكذا كان الأمر....

...ولا يدري إن كانت تلك اللوحة تستحق فعلاً ما دفعه لأجلها. فتردّد روبرت في المكان الذي يعلّقها فيه، لكنه تركها على الأرض....

...ومضت عدة أيام على هذا الحال، حتى خطرت له فكرة المكان المناسب....

...عُلّقت تلك اللوحة أخيراً في غرفة من غرف فندق جديد سيتم افتتاحه في ربيع العام القادم، في شارع سانت ماري، بعد انتهاء أعمال الترميم التي استمرت نصف عام....

...كان فندق “دو إكران” أفخم وأغلى وأرقى مكانٍ في مدينة لوران....

...كان يضم 125 غرفة في المجموع، إحداها كانت مخصصة بشكلٍ خاص لمالك الفندق، الدوق كي....

...وبحسب الشائعات، كان الدوق يزور تلك الغرفة كثيراً لرؤية اللوحة المعلّقة فيها....

...لكن على عكس ما يُتداول في المجتمع المخملي، لم يكن روبرت يحب تلك اللوحة المجهولة بشكلٍ خاص....

...فهو يملك مئات اللوحات التي تفوقها جمالاً وشهرة....

...كل ما في الأمر أنه حينما تقع عينه عليها كان يتأملها لوقت أطول قليلاً، وحين اضطر إلى اختيار اسم للغرفة، خطر له عنوان تلك اللوحة لا أكثر....

...وعندما أخبر كريستوفر بذلك، انفجر ضاحكاً....

...“اسمع يا دوق، توقف عن المكابرة واعترف بالأمر. من وجهة نظري، أنت فعلاً تحب تلك اللوحة.”...

...____________________...

...لا مايحب اللوحه هو يحب صاحبة اللوحة😘...

...زمن الروايه حلو ✨...

...المهم الناس مشبكينه بالاميره وهي صدقت نفسها يختي خليس بعيد شوي لاتصيرون مخطوبين رسمياً...

...كويستوفر ذاه هو خوي البطل الهطف الي ينرمي عليه كل شي😭...

...Dana...

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon