الفصل3: قصر توت العليق

..."أنتِ، لستِ الابنة الحقيقية لعائلة فينوش، أليس كذلك؟"...

...بعد عدة أيام، قال الفتى ذلك وهو يبتسم بخبثٍ تحت شجرة توت العليق. و عندما لم تجبه ساشا، ناولها زجاجةً صغيرة بالكاد تخفى في راحة اليد، وأوصاها،...

..."سأعطيكِ إياها لأنكِ مسكينة. إنها غالية، لذا خذيها إلى المنزل وتناوليها سراً لوحدكِ."...

...كان في الزجاجة سائلٌ شفاف لزج. كان يشبه لون عيني الفتى، أخضر رمادي، وربما بدا أكثر اصفراراً بقليل....

...إن كان شيئاً ثميناً إلى هذا الحد، يجب أن أتناوله قبل أن يُكتشف أمري. و لو أخذته للمنزل، قد يأخذه إنزو مني....

...وبسرعة قررت ساشا أن تفتح الزجاجة وتفرغ محتواها دفعة واحدة. فاهتزّت عينا الفتى بقلق وهو يراقبها....

...ثم أغمي على ساشا أمامه، وهي تتصبب عرقاً بارداً....

...لم تستطع ساشا العودة إلى المنزل، وظلت طريحة الفراش عدة أيام في قصر توت العليق. و لم تعد إلى البيت إلا بعد ثلاثة أيام، محمولةً على ظهر إنزو بصعوبة....

...ولاحقاً فقط عرفت أن ما تناولته في ذلك اليوم كان مُسهلاً قوياً وصفه الطبيب للفتى....

..."لم أظن أنه سيصل إلى حدّ ارتكاب شيءٍ كهذا. لكنني لا أعتقد أنه كان ينوي إيذاء ساشا فعلاً. إنه يشعر بالذنب الشديد حتى إن منظره يثير الشفقة. في الحقيقة، هو كان يحب ساشا، وأراد فقط أن يلفت انتباهها."...

...قال السيد بريسون ذلك معتذراً بتردد أمام الباب الأصفر الليموني....

...أضاف أن هذه طريقة تعبير الأولاد في ذلك العمر، وهي طريقةٌ خرقاء بطبعها، خصوصاً أنه قضى وقتاً طويلاً مريضاً حتى أصبح ذا طبعٍ صعب، وتساءل إن كان بإمكان ساشا أن تتفهم ذلك بقلبٍ متسامح....

..."هراء. لا داعي لسماع هذا الكلام. أفضلُ أن أتخلى عن سفري للدراسة على أن أتحمله."...

...إنزو، الذي سدّ أذني ساشا واقتادها معه، انفجر غضباً بحزم. لكن ساشا كانت تعرف جيداً ما معنى أن يُؤذيكَ أحدهم لأنه يحبك....

...أمها كانت تقول أن والدها كان يضايقها لأنه يحبها. وقالت أيضاً أنها تضرب ساشا لأنها تحبها....

...لو لم تكن تهتم بها، لما كرهتها، ولما ضربتها أصلاً....

...وحين قالت ساشا ذلك، غضب إنزو بشدة. و قال إن والدة ساشا الحقيقية كانت مريضة عقلياً....

...السيد فينوش أنقذ ابنة أخته الصغيرة التي كانت تتعرض للإساءة على يد أختٍ فقدت عقلها، وأحضرها إلى مانولي....

...أما أم ساشا التي أنجبتها، فهي الآن نزيلة في مستشفى للأمراض النفسية في بونوفيل....

...لكن، حتى لو كانت مريضة عقلياً، فهي الوحيدة التي أحبت ساشا فعلاً....

...ولم تمضِ أيام قليلة حتى عاد فتى قصر توت العليق إلى لوران. ومنذ ذلك الحين، أصبحت لوران بالنسبة لساشا مكاناً مجهولاً، مليئاً بأشخاصٍ متقلبين وفاتنين لا يمكن فهمهم....

...ونسيت ساشا أن لوران هو نفس الشارع الذي طردها فيه والدها، مع أمها، فقط لأنها لم تطيع أوامره....

...كاد حلم إنزو في الدراسة بالخارج أن يتحطم، لكنه أُنقذ بفضل قريبٍ بعيد للجدة إيلودي وافق على إرسال المال....

...سارت الأمور كلها بسلاسة، باستثناء قرار إنزو بأن يساعد ساشا في دراستها قبل أن يغادر. فلم تستطع ساشا أن تفهم أبداً لماذا اتخذ إنزو ذلك القرار....

..."حتى لو كنتُ سيئة في الرياضيات أو الأدب، فلن يؤثر ذلك على حياتي أو قدرتي على العيش."...

...ما كانت تهتم به ساشا دائماً هو تلك الأشياء الثمينة التي جمعتها في غرفتها....

...ذلك فقط، لا أكثر....

...***...

..."ما أنتِ بحق؟"...

...سألها الفتى حين التقيا مجدداً في الغابة، دون مقدمات....

...ساشا، التي فرحت لأن توقعها بأنه سيكون في نفس المكان اليوم أيضاً قد تحقق، أمالت رأسها مستغربةً من سؤاله....

...فقط بالأمس أخبرته باسمها أأصبح و قد نسي اسمها بهذه السرعة؟...

..."أنا ساشا فينوش."...

...بالأمس كان يُخفي وجهه بقبعة، أما اليوم فغطاه بكتاب....

...جلست ساشا إلى جواره دون استئذان، وألقت نظرةً سريعة....

...كان هناك فاصل صفحاتٍ في آخر الكتاب، يبدو أنه كان يقرؤه بالفعل. و كان اكتشافاً غير متوقع، إذ لم يكن يبدو من النوع الذي يحب القراءة مثل إنزو....

...ساشا، وقد اكتشفت فرقاً آخر بينهما، شعرت بالإحباط....

..."أعرفكِ. أسأل لماذا جئتِ مجدداً؟"...

...ولاحظت ساشا أيضاً أنه لم يكن يرتدي زيه الرسمي اليوم. و كان يبدو أكثر راحةً من الأمس بكثير....

...ناولته برتقالةً كانت قد أحضرتها معها وسألته،...

..."ألا يُسمح لي بالمجيء؟"...

...كان على وشك أن يقول «لا»، لكنه أغلق فمه كأنه يعرف ما ستقوله ساشا بعدها....

...ثم أخذ البرتقالة وعلى وجهه ملامح ضيق....

...راحت ساشا تراقب بفخر كيف قشّر البرتقالة ببراعة، تماماً كما فعل في الأمس، ثم فتحت فمها لتتحدث....

..."أنا أعرف من أنت."...

...توقفت يد الفتى، الذي كان يقطع قشرة البرتقال بسكين جيب أخرجه من جيبه....

...انتشر عبير البرتقال الحامض في الهواء، فاستنشقت ساشا الرائحة بسعادة....

..."أنت ضيف ابن الكونت لافاييت، أليس كذلك؟"...

...سألت وكأنها تطلب تأكيداً، فتغيرت ملامح وجهه بشكل طفيف. لكنه ...

...لم يجب. وبدلًا من ذلك، ناولها فصوص البرتقال التي انتهى من تقشيرها....

...كانت قد أعطته البرتقالة كهديةٍ ليأكلها، لكن انتهى به الأمر وكأنه طُلب منه تقشيرها فقط....

...شعرت ساشا بالحرج، فقطعت البرتقالة إلى نصفين وأعادت إليه نصفها....

...أخذ الفتى نصف البرتقالة وتنهد بعمق، ثم أكلها....

..."ابقي هنا إن شئتِ، لكن ابقي هادئةً، فقط."...

...في النهاية، حصلت على الإذن. و منذ تلك اللحظة، أطبقت ساشا شفتيها تمامًا....

...كانت قد لاحظت منذ الأمس أن هذا الشخص لا يمانع وجودها طالما لم تبادر هي بالكلام. ...

...أخرجت ساشا دفتر الواجبات الذي أعطاها إياه إنزو من السلة، وفرشته على العشب المزهر بزهور البنفسج....

...كانت الريح كلما هبّت، تطايرت منها ورقةٌ أو اثنتان، لكنها لم تكترث. لكن بعض تلك الأوراق طار باتجاه الفتى....

...ثم امتزج بالريح صوت تنهدٍ خافت آخر....

..."صعب……هذا الدرس لم نأخذه بعد في المدرسة، لكن يبدو أن إنزو يظن أنني عبقرية."...

...تذمرت ساشا بعدما استعصى عليها حلّ أحد التمارين. فراحت تمضغ طرف قلمها الرصاص بشدة حتى شعرت بطعم المطاط....

...ثم ارتمت تماماً على الورقة، وكأنها ستحشر نفسها داخلها، تحدق في المسألة بعناد. ولم تنتبه أن أحدهم كان يحدق بها طوال الوقت....

...و عندما طال الوقت، لاحظت ساشا أخيرًا ظلًا فوق رأسها، فرفعت رأسها بسرعة. وبسبب تلك الحركة المفاجئة، كادت تصطدم برأسها في ذقنه....

..."كم عمركِ؟"...

...سألها الفتى وهو يغلق الكتاب الذي كان يحمله. يبدو أنه أنهى قراءته، إذ كان الفاصل في آخر صفحة....

..."عشر سنوات."...

...لم يقل شيئاً، لكن ملامحه أوضحت ما يدور في ذهنه. فنظرته المستغربة أثارت كرامة ساشا....

...ساشا فينوش لم تكن من الطلاب المتأخرين في المدرسة. صحيحٌ أنها كانت كثيراً ما تسرح بخيالها أثناء الدروس، لكنها لم تكن غبية....

...رغم أن الشاب أمامها لم يكن يراها بهذا الشكل على ما يبدو....

..."أعطني هذا."...

..."لكن هذا دفتري! لماذا؟ لم أتكلم حتى كما طلبتَ!"...

..."هذا ليس صعباً، أليس كذلك؟"...

...انتزع الفتى قلم ساشا وأخذ يجيب على التمرين الذي كانت تجد صعوبةً فيه. و بجانب الإجابة المرتبكة التي كانت مليئةً بالأفكار العشوائية، كُتِب الجواب الصحيح بخطٍ مرتب. ...

...حدقت ساشا في خطه بشكل غريب. و عندما أرادت أن تشكره، نظرت إليه لتجد أنه قد غطى وجهه بالكتاب مجددًا واستغرق في النوم....

...عندما كانت الشمس تختبئ خلف الغيوم، نهض الفتى حاملاً الكتاب الذي قرأه بالكامل. ثم دفنت ساشا قشور البرتقال تحت الشجرة وتبعت الفتى....

...وبينما كانا يقتربان من الخروج من الغابة، تسلل صوتٌ غير مطمئن إلى أذنها....

..."لا تتحركي. كوني هادئة وابقي خلفي."...

...همس الفتى بحذر. و حينها، رأت ساشا الكلب الأسود خلفه، فتجمّدت في مكانها....

...فجأةً مر في ذهنها كلام إنزو عن الصيادين الذين كانوا يتجولون حول القرية هذا الصباح، وحذرها منهم....

...لكن، أليس الكلب المدرب لا يعض البشر؟...

...أثار صوت أنفاسه الخشنة القشعريرة في جسدها. و كانت عيناه الحمر لا تفارق ساشا....

...الكلب الأسود كان قد قرر هدفه، وكان يبدو أنه قد اختار فريسته....

..."ما الذي يفعله مثل هذا هنا؟"...

...تجهم الفتى وهو ينظر حتى اقترب الكلب الأسود، ثم ضغط على الزناد دون تردد....

...طار الطائر من على الأشجار. بينما أخطأت الرصاصة، ولكنها خدشت ساق الكلب....

...ظل هادئًا ولم يظهر عليه أي انفعال، ثم أطلق رصاصةً أخرى. و رصاصةً تلو الأخرى....

...وأخيرًا، أصابت الرصاصة الأخيرة نقطة ضعفِ الكلب الأسود....

...ترك الفتى ساشا خلفه وتقدم ليتفقد الكلب الميت....

..."إنه كلب صيد. يبدو أنه كان تحت تأثيرٍ منشط."...

...تمتم وهو ينظر إلى الكلب الذي كان فمه مغطى بالرغوة. ...

...مالك الكلب المفقود، بالتأكيد، لن يجرؤ على العودة للبحث عنه، خوفًا من أن يكشف أمر المنشط....

...أعاد الفتى المسدس الفارغ إلى جرابه، ثم نظر إلى ساشا....

..."لا تتجولي في الغابة بمفردكِ. إنه خطرٌ على شخص مثلكِ."...

...من الحقيبة التي أسقطتها ساشا، طارت ورقة الواجب التي كان قد حلها الفتى سابقًا. ثم حدقت ساشا في تلك الورقة بقليلٍ من الذهول....

...سمعت صوت احتكاك الورق ببعضه البعض، وكان الصوت يثير إحساسًا غريبًا في أذنيها....

...رفع الفتى قدمه ليمنع الورقة من الطيران، ثم انحنى ليلتقط الواجب من الأرض....

...كانت يده المبللة بالحرارة قد امسكت بالورقة وغطتها ببعض التراب، ولكن بقيت آثار الحذاء عليها....

...لم يظهر عليه أي قلق، وأعاد الورقة إلى الحقيبة وناولها لساشا....

..."لنذهب. سأوصلكِ إلى منزلكِ."...

...لكنه فجأة تذكر أنه لا يعرف أين منزل ساشا. و في النهاية، تقدمت ساشا لتقود الطريق....

...كانت عيونها محمرةً من كبح دموعها. فتنهد الفتى وأدخل يده في جيبه ليبحث عن شيء....

..."أنتِ لا تحبين الشوكولاتة؟"...

..."لا، لا أكرهها. أنا أحبها."...

...كانت ساشا تحدق في الورقة الذهبية المربوطة في راحة يده، لكنها هزت رأسها. و حتى بعد أن أجابت، لم تستطع أن تأخذها. لكنه لم يسألها مرة أخرى....

...ثم افترقا عند مدخل الغابة....

...سمعوا فجأةً صوت أجراس قادمة من الغابة، فركض سكان مانولي بسرعة، وكان من بينهم السيد فينوش الذي جاء يبحث عن ساشا....

...رأى الفتى الناس مجتمعين عن بعد، فتوقف عن المشي....

...__________________________...

...العبب مسدس! هذا رايع...

...شكلهم في ذاك العصر الي عندهم سيارات كأنها عربة...

...ساشا تحزن طلع اهلها غير وامها مجنونه 😔...

...شلون قدرت تضرب البرتقاليه هذي الي حتى ولد اخوها يستسلم قدام وجهها 😔...

...المهم اجل كم عمره؟ هو واضع انه البطل بس ابي اعرف كم فارق السن ...

...بعدين ليه للحين ماقال اسمه؟😭...

...Dana...

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon