الفصل2: لونٌ ناضج

...“ساشا فينوش!”...

...صرخ إنزو فينوش، الذي بلغ من العمر خمسة عشر عامًا هذا العام، وهو يمسك بشقيقته الصغيرة التي كانت تتسلل عبر البوابة الصفراء بخفة، ثم بدأ يزمجر....

...“كدت أقول لأمي أنكِ نائمة. لو اكتشفوا أنكِ خرجت خلسة، ما كنتِ لتتمكني من الخروج مرة أخرى لمدة عشرة أيام.”...

...“شكرًا، إنزو.”...

...كانت رائحة الشوكولاتة تفوح من شفتي ساشا التي تمتمت بالكلمات. ...

...كان قد طلب منها أن تنتظر في المنزل بينما تأكل الشوكولاتة، ولكنها لم تأخذ بنصيحته وخرجت لتتمشى بمفردها....

...شعر إنزو بالإحباط وأمسك جبهته. تساءل إذا كانت هذه الفتاة تدرك حقيقة أنها كانت قريبةً من الموت قبل فترةٍ قصيرة....

...“ماذا عن الواجب الذي أعطيتكِ إياه؟”...

...'لابد أنها قد أنجزت ذلك قبل أن تخرج.'...

...أغمض إنزو عينيه بتشكك....

...“كنت حقًا أرغب في القيام به، لكن عن طريق الخطأ طار دفتر الواجب مع الرياح.”...

...“هل طار كله؟”...

...سأل إنزو بعبوس وهو يطوي ذراعيه. و أومأت ساشا برأسها دون تردد، بابتسامةٍ عريضة....

...“كله!”...

...“إذا كنتِ ستكذبين، فعلى الأقل أظهري بعض الجدية.”...

...حين تلألأت عينا إنزو الواسعتان كما لو كان قد صادف شيئًا في الظلام، شعرت ساشا بالخطر وحاولت بسرعة تغيير الموضوع....

...“لا تكن هكذا واسمعني. لقد قابلتُ شخصًا لأول مرة في الغابة اليوم. كان يرتدي زيًّا رسميًا.”...

...“زياً رسمي؟”...

...عندما سمع إنزو ذلك، ألحّ عليها لتشرح المزيد من التفاصيل. وبعد أن سمع من ساشا أن الشخص الذي صادفته في الغابة كان يرتدي زيًا رسميًا أسود بياقةٍ زرقاء وأزرار ذهبية، شعر أخيرًا بالاطمئنان....

...“إنه زي أكاديمية سارساي العسكرية. من المحتمل أن ابن الكونت لافاييت، الذي يدرس هناك، و قد عاد إلى القصر. فهذه آخر عطلةٍ صيفية له قبل التخرج.”...

...لسببٍ ما، شعرت ساشا أن نبرة إنزو كانت وكأنه يلومها لأنها لم تكن تعرف، فنفخت شفتيها....

...كانت تعرف على الأقل أن ابن الكونت هنا يدرس في أرقى مؤسسةٍ تعليمية في بريسين. و فقط لم تكن تعرف كيف يبدو زي تلك الأكاديمية....

...“إذًا، هل الشخص الذي قابلتهُ هو ابن الكونت لافاييت؟”...

...“بالطبع لا. ماذا كنتِ تسمعين للتو؟ ابن الكونت يقيم في القصر. من الأرجح أنه زميله في الأكاديمية أو أحد الضيوف.”...

...“فهمت. أنا فقط لم أكن أعرف من أي أكاديمية جاء ذلك الشخص.”...

...وعندما نظر إليها عن كثب، بدت ساشا متحمسةً على غير العادة....

...خدّاها المستديران كانا أحمرين كحبتَي كرز، وعيناها الكبيرتان كانت تلمعان بفضول لا يمكن إخفاؤه....

...توقف إنزو عن فرك ذقنه وسألها،...

...“هل أرعبكِ ذلك الشخص بأي شكل؟”...

...“لا، لم يُعرني أي اهتمامٍ على الإطلاق. سألته إن كان قد أضاع طريقه، لكنه تجاهلني ونام.”...

...يبدو أن تذكّر التجاهل جعل ساشا تنكمش فجأة....

...عيناها الكبيرتان والواضحتان، اللتان تكادان تشغلان نصف وجهها، انسدلتا إلى الأسفل بحزن....

...و وجنتاها البيضاء والممتلئة ارتفعتا قليلًا مع انكماش أرنبةِ أنفها الصغيرة التي لا تزال مسطحةً كأنف الأطفال....

...وجهها كان يشبه تمامًا أرنبًا صغيرًا أُمسِك من أذنيه....

...وضع إنزو يديه على خصره وكتم تنهيدة خرجت منه بلا إرادة. ...

...كانت ساشا طفلةً محبوبة جدًا، وكانت على دراية تامة بذلك. وعندما تقع في موقفٍ محرج، كانت تستغل جاذبيتها بمهارة لتفلت من المواقف، سواءً فعلت ذلك بوعيٍ أو بشكل لا إرادي....

...ولهذا السبب، كان إنزو يواجه صعوبةً شديدة في مجالسة ساشا وتعليمها بجدية....

...“ساشا، أنتِ تريدين الذهاب إلى الغابة للعب مرة أخرى غدًا، أليس كذلك؟”...

...يبدو أن ساشا بدأت تشعر بالضيق من كثرة التوبيخ، فصارت تلتف بجسدها محاولةً الفرار، لكنها توقفت فجأة عندما سمعت تلك الكلمات....

...تلألأت عينا إنزو الذي كان غارقًا في التفكير. لقد خطرت له فكرةُ لترويض هذه الفتاة المشاكسة....

...***...

...عندما عادت إلى غرفتها واستلقت على السرير، صدر صوتٌ خافت من الفراش....

...أخذت ساشا تحدق في السقف، محاولةً أن تجد في أرجاء غرفتها لونًا يشبه لون شعر الشاب الذي قابلته قبل قليل....

...كانت غرفة ساشا مليئةً بشتى أنواع الأغراض المبعثرة. و كلها كانت أشياء قديمة حصلت عليها من الآخرين، أو جمعتها من غابة مانولي، أو صنعتها بنفسها....

...من بين كل تلك الأشياء، أعز ما تملك هو مصباحٌ نفطي قديم يبدو أنه صُنع قبل خمسين عامًا، وقد ورثته عن الجدة إيلودي....

..."هذه الغرفة ذات الذوق الأغرب مما رأيت في حياتي. تبدو كعش طائر ٍهاجمه أحدهم للتو."...

...كان تقييم الجدة رولو الجاف قاسيًا وصريحًا....

..."رائع يا ساشا! تبدو كأنها متحفٌ غامض وعتيقٌ مليء بالتحف القديمة."...

...كان إعجاب الجدة إيلودي بمثابة عزاءٍ بسيط لساشا. و على أي حال، كلتاهما كانتا طيبتين....

...تذكّرت ساشا باقة أزهار القطيفة البنفسجية التي قطفتها في طريق عودتها إلى المنزل، فنهضت فجأةً من على السرير....

...أين يجب أن أضعها لتبدو في أجمل هيئة؟...

...بعد تفكيرٍ طويل، وضعتها في زجاجةٍ كانت تحبها، ثم وضعتها على حافة النافذة حيث تصل أشعة الشمس جيدًا....

...الزجاجة على شكل صدفةٍ مزينة بشريط وردي كانت في الأصل زجاجة عطر اشتراها السيد فينوش لزوجته من لوران. وقد نالتها ساشا كهدية في ميلادها العام الماضي، بعدما ألحت كثيرًا للحصول عليها وهي فارغة....

...جلست ساشا على وسادةٍ مزينة كانت رائجةً قبل عشر سنوات، وبدأت تفكر في ذلك الفتى الذي قابلته اليوم....

...بدا أنه في عمر إنزو تقريبًا. لكنه كان يبدو أكثر نضجًا بكثيرٍ منها....

...أما شعره، فكان بلونٍ لم ترَه في حياتها من قبل....

...كان يشبه قطعةَ شوكولاتة ذابت في وضح النهار، أو خشب شجرة الأبنوس التي رأتها في الغابة....

...لكنه لم يكن بنيًا. كان أسود ناعمًا للغاية....

...“الآن بعد أن فكرت في الأمر، ما لون عينيه؟ هل كانتا زرقاوين؟ لو رأيته مرة أخرى فقط، سأعرف بالتأكيد.”...

...تمنت لو أن الغد يأتي بسرعة لتعود إلى الغابة....

...كان إنزو قد وعدها أنه إذا أنجزت واجباتها في الصباح، فسيسمح لها بالخروج في نزهةٍ إلى الغابة بعد الظهر. قال إن ذلك الفتى، إن كان حقًا طالبًا في أكاديمية سارساي العسكرية، فسيبقى هنا حتى نهاية عطلة الصيف....

...لكن، حتى لو كان كذلك، لا أحد يعلم إن كان سيعود إلى الغابة مجددًا. ...

...وإن كان ضيفًا لدى عائلة لافاييت، فلا بد أنه يقيم في القصر. و ربما مرّ بالغابة اليوم فقط بدافع المزاج أو الفضول....

...لذا، لا يوجد ما يضمن عودته....

...ومع ذلك، كانت ساشا تشعر بطريقةٍ غريبة أن ذلك الفتى سيكون مستلقيًا في نفس المكان غدًا أيضًا....

...لم تعرف السبب، لكنها فقط كانت تشعر بذلك....

...وقعت عينا ساشا، التي كانت قد أرجعت رأسها إلى الوراء بطريقةٍ خطيرة كانت لتجعل الجدات يوبخنها لو رأينها، على شيءٍ موضوع فوق المكتب....

...كان ظرفًا يحمل رسمًا لأسد، وتحت الرسم كُتبت بالأحرف المزخرفة أول حروفٍ من اسمٍ ما. كانت رسالةً من قصر توت العليق....

...قال إنزو أنه يجب تمزيقها فورًا، لكن ساشا لم تفعل ذلك. ...

...الصبي الذي قِيل إنه ابن أخت الطبيب بريسون في القرية، جاء إلى بيت المصيف في مانولي في ربيع العام الماضي....

...حتى قبل قدومه بوقتٍ طويل، اعتاد سكان مانولي أن يطلقوا على ذلك البيت ذي السقف الأحمر، حيث نُصب في فناءه شجرة توت العليق ضخمة، اسم “قصر توت العليق”....

..."لا يستطيع الخروج من القصر؟ لماذا؟"...

..."لأن صحته سيئةٌ جدًا."...

...أنصتت ساشا باهتمامٍ إلى ما قاله السيد بريسون عن فتى قصر توت العليق، الذي يعيش حياته في الداخل بسبب مرضه....

..."ساشا، أنتِ فتاة يحبها الجميع. وإن تحدّثت إليه فتاةٌ مشرقة مثلكِ تجيد الابتسام، فسيستعيد قوته بسرعة."...

...كان الطبيب، الذي طُلِب منه أن يجد صديقًا لابن أخته، قد قصد منزل السيد فينوش أولًا، لأن ساشا فينوش كانت الطفلة التي تعرف كيف تبتسم بأجمل شكلٍ في مانولي....

...وقد قبلت ساشا هذا الاقتراح بسرور. فالزوجان اللذان قيل أنهما محاميان شهيران في لوران، دفعا لها أجرًا جيدًا....

...وكانت ساشا تعلم أن السيد والسيدة فينوش يعانيان من الصداع بسبب محاولاتهما توفير تكاليف دراسة إنزو في الخارج....

...في أحد أيام أوائل الصيف، التقت الصبي للمرة الأولى تحت شجرة توت العليق، وكان لون عينيه رماديًا مائلًا إلى الأخضر، يشبه لون ماء البحر في يومٍ غائم....

...وقد أحبت ساشا ذلك اللون، ولذا آمنت بأن من يملك عيونًا بتلك الدرجة لا بد أن يكون شخصًا طيبًا....

...لكن في الحقيقة، كان ذلك الصبي طاغيةً صغيرًا يشبه البحر في يوم غائم....

...كان يتعامل معها بلطفٍ في البداية، ثم ينفجر غضبًا لأتفه الأسباب، ثم يعتذر لاحقًا....

...كان شخصاً من الصعب تمامًا فهمه أو التنبؤ بتصرفاته....

..."هل يمكنني التوقف عن الذهاب إلى ذلك البيت؟ أريد فقط الذهاب للعب في الغابة."...

...في أحد الأيام التي بدأت فيها الحرارة تزداد حتى صار العرق يتصبب، اعترفت ساشا على مائدة العشاء بأنها لم تعد ترغب في الذهاب إلى قصر توت العليق....

...عندما سمع السيد والسيدة فينوش ذلك، وقعا في حيرة. فقد كان الطبيب بريسون قد أثنى على ساشا قائلًا أتها ساهمت كثيرًا في تحسّن حالة الصبي، كما أخبرهم أن ذلك الفتى قد تعلّق بساشا ويعاملها كأنها أخته الصغرى ويكنّ لها محبةً كبيرة....

...لذلك، كان قد طلب منهم أن يسمحوا لها بالاستمرار في زيارته....

..."إنه مجرد دلال أطفال، أليس كذلك؟ إن تحدثتم معها بلطف، فستقبل بالعودة قريبًا. ساشا فتاةٌ طيبة."...

...كان الطبيب بريسون يتوسل إليهم بلهجةٍ جادة، حتى جعل السيد فينوش يشعر بالحرج والتوتر....

...فقد كان الطبيب في السابق هو من عالج إنزو من مرض السل، ويُعتبر منقذ العائلة. ...

...ثم إن ساشا لم تعارض الذهاب إلى هناك بجدية. لذا لخّص الزوجان فينوش إلى أن ما قالته ساشا كان مجرد دلالٍ عابر....

...وساشا وافقت على ذلك....

...فقد كان ما أزعجها فقط هو عناء الذهاب يوميًا إلى قصر توت العليق، أما قولها بأنها لا تريد الذهاب هناك، فكان مجرد كذبة....

..._______________________...

...لحظه ليه وقف الفصل هنا ابي اعرف طيب وش صار مع الورع المجنون كيف رجعت من القصر وهي قدها تموت 😭...

...المهم كذا تأكدت ان الولد الي كلا معها الخوخ هو البطل بس الباقي؟ هذا ما سنعرفه ...

...إنزو اخو ساشا يضحك يارب مب بس طالع في الماضي ذاه...

...هذا خشب الابنوس: ...

...Dana...

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon