الفصل4: أحياناً، بعد السقوط تقف فوراً

...“ساشا! يا إلهي، ساشا!”...

...أسرعت السيدة فينوش بجنون ورفعت ساشا دفعةً واحدة إلى الأعلى....

...“ما الذي حدث؟ سمعت صوت إطلاق نار. هل تعرفين كم كنت خائفةً عندما سمعت أنكِ كنت هناك؟”...

...“كان هناك كلب صيدٍ في الغابة. اندفع نحوي محاولًا عضّي.”...

...“هؤلاء الأوغاد المجانين!”...

...صرخت السيدة فينوش غاضبةً وهي تسبّ الصيادين غير الشرعيين....

...دفنت ساشا رأسها في حضن السيدة فينوش وهي تحتضنها. ...

...هل أصبحت صمّاء لحظة سماع صوت الرصاصة؟ فلا تزال تسمع كل الأصوات وكأنها آتيةٌ من بعيد....

...“سيدة فينوش، انظري إلى يدها! ألا تظنين أن الكلب عضّها؟”...

...فزعت السيدة فينوش وسرعان ما فتحت راحة يد ساشا التي كانت تقبض عليها بإحكام. و كانت قطعة الشوكولاتة داخل الغلاف الذهبي قد ذابت تمامًا في يد ساشا منذ وقتٍ طويل....

..."لا، أنا بخير. لم أُصب بأي أذى.”...

...كانت ساشا تعرف. من نزف لم يكن هي، بل الصبي. فالكلب اندفع نحوها محاولًا عضّها، لكنها كانت تقف خلف الصبي، وهو من تصدى له....

...“من الذي أطلق النار؟ يجب أن أشكره على إنقاذكِ.”...

...لكن عندما التفتت ساشا وأشارت إلى الصبي، كان قد اختفى بالفعل. يبدو أنه لم يكن يرغب في أن يلاحظه أحد....

...عادت ساشا إلى المنزل محمولةً على ظهر السيدة فينوش. بعد أن أثارت قلق السيدة فينوش والجدّات، وتعرضت لتوبيخ من إنزو....

...دخل سكان القرية الغابة، وجمعوا جثة الكلب، والتقطوا الفوارغ المنتشرة، وطردوا الصيادين خارج مانولي....

...ومع انتهاء كل تلك الأحداث، لم يُسمع أي خبرٍ عن الغريب أو زيارته للطبيب....

..."إنه ضيف عائلة لافاييت. من المؤكد أنه عاد إلى القصر وتلقى العلاج هناك. لا داعي لأن تقلقي بشأنه."...

...عندما قال إنزو ذلك، أومأت ساشا برأسها مطمئنة....

...وبعد عدة أيام، دخل إنزو إلى غرفة ساشا، فوجد شيئًا على حافة النافذة يُجفف تحت أشعة الشمس....

...كانت رائحةً عطرة تفوح من الغلاف الذهبي النظيف والمغسول بعناية. كانت رائحة الشوكولاتة التي قبضت عليها ساشا بقوةٍ طوال طريق عودتها من الغابة في تلك الظهيرة الصيفية، وهي تحاول كتمان بكائها....

...***...

...منذ أن غادر الصيادون القرية هاربين، عادت ساشا تتردد يوميًا على غابة مانولي. و كان السيد والسيدة فينوش قلقين من احتمال أن تكون قد التقت بشخصٍ غريب هناك،...

...لكن الجدة لولو قالت إنه من الأفضل تركها تفعل ما تشاء. ...

...وفي اليوم العاشر، كان المكان الذي اعتاد أن يكون الفتى فيه خاليًا تمامًا....

...وقفت ساشا هناك وحدها، تحمل علبةً من كستناء محلاةٍ بالسكر. كانت هدية اشترتها من متجر دوني كعربون شكر له على إنقاذها في المرة السابقة....

...اضطرت إلى إنفاق كل ما تبقى من مصروفها، لكنها لم تشعر أن ذلك كان خسارة....

...‘أين ذهب؟ هل عاد بالفعل إلى المكان الذي كان يعيش فيه؟’...

...فتشت الغابة بأكملها بدقة، لكنها لم تجد له أثرًا، حتى ظله لم يظهر. و كما ظهر بطريقة سحرية، فقد اختفى كذلك....

...جلست ساشا على جذع شجرةٍ عند مجرى النهر، وبدأت تحلّ الشريط الوردي الجميل المربوط على العلبة الزرقاء....

...كان طعم الكستناء، التي أكلتها وحدها، حلوًا لدرجة أنها أشعرت بوخزٍ في لسانها....

...“عادةً ما يتلقى الخريجون أوامر الاستدعاء في وقتٍ أبكر. عليهم التوجه إلى مكان تعيينهم قبل نهاية الصيف.”...

...عندما عادت ساشا إلى المنزل، علمت من إنزو أن ابن الكونت لافاييت قد عاد إلى المدرسة....

...“لابد أنه كان يعرف بالأمر مسبقًا، أليس كذلك؟”...

...“بالطبع. لماذا، هل حزنتِ لأنه رحل دون أن يقول وداعًا؟”...

...على الأقل كان يمكنه توديعها في اليوم الأخير. ...

...شعرت ساشا بالحزن كما قال إنزو. لكن ربما كانت هذه نتيجة طبيعية. فمنذ البداية، لم يُبدِ أي اهتمام بها....

...بالنسبة له، لا بد أنها كانت مجرد فتاةٍ مزعجة ومملة. و بسبب تلك الفكرة، قضت ساشا يومين محبوسةً في غرفتها تشعر بالاكتئاب....

...لكن لحسن الحظ، تحسنت حالتها بسرعة. فقد وصل البريد ومعه رسالة قبول إنزو في الأكاديمية....

...ولأن مانولي قريةٌ نائية جدًا، كان لا بد من إيصال إنزو إلى إيلّيمان، وهي نقطة التوصيل الوسطى، لإرسال أمتعته إلى أكاديمية لوويه....

...“بما أنكِ في عطلة، ألا ترغبين في الذهاب معنا؟ يا ساشا؟”...

...اقترح السيد فينوش على ساشا أن ترافقهم في الرحلة إلى إيلّيمان....

...تحمّست ساشا بشدةٍ لدرجة أنها نسيت أمر العمل في قصر توت العليق، ونسيت الصبي الذي التقت به في غابة مانولي، وانشغلت تمامًا في تجهيز حقيبة السفر....

...***...

...في يوم الرحيل المنتظر، كان لون السماء أزرق كما كانت تأمله....

...تلقت ساشا وداعًا من السيدة فينوش والجدّات، ثم وصلت إلى المحطة واستنشقت نفسًا عميقًا....

...كانت تمسك بيد السيد فينوش بإحدى يديها، وفي الأخرى تمسك بتذكرة القطار، وسارت نحو الرصيف....

...جلست على مقعد مطليٍ باللون الأصفر، وانتظرت طويلًا حتى ظهر القطار من بعيد. بدا و مأنه كتلةٌ معدنية سوداء ضخمة ومخيفة كانت تقترب، تنفث الدخان من فوقها وهي تتحرك من تلقاء نفسها....

...وعندما دوّى صوت صافرة القطار العالي الذي كاد يمزق الأذنين، أسرعت ساشا تغطي أذنيها بذعر....

...عندها فقط تذكّر إنزو أن والد ساشا قد أحضرها من لوران على متن سفينة، وأن هذه هي أول مرة تركب فيها القطار....

...“لا تقلقي، سيكون كل شيءٍ على ما يرام.”...

...طمأن إنزو ساشا التي بدا عليها الخوف....

...بدأ الركاب المنتظرون بالصعود إلى القطار واحدًا تلو الآخر، لكن ساشا لم تستطع أن تصعد إلى المقصورة بسهولة....

...“لكن، ماذا لو توقف القطار في منتصف الطريق؟”...

...“هذا لن يحدث أبدًا. شركة بريسين للنقل لم تسجل حتى الآن أي حادث خروج عن السكة أو انقلاب قطار. ساشا، أنت الآن على متن أسرع وأأمن وسيلة نقل في العالم.”...

...عند سماع تلك الكلمات، بدأ توتر كتفيها يتلاشى قليلًا. ثم دفعها فضولها إلى سؤال السيد فينوش،...

...“ولِمَ لا يمكننا الذهاب بعربة خيل؟”...

...“إذا استخدمنا عربة الخيل، فعلينا أن نُريح الأحصنة في منتصف الطريق. لكن القطار يمكنه أن يستمر في السير حتى أثناء الليل دون توقف.”...

...لم يكن السيد فينوش يعرف الكثير عن هذا الاختراع الضخم والمذهل الذي أنتجته التكنولوجيا الحديثة،...

...لكنه شرح لساشا ما يعرفه بأكبر قدرٍ ممكن من الوضوح....

...ولحسن الحظ، تقبلت ساشا الأمر بسهولة، وتمكنوا من الصعود إلى مقصورة الدرجة الثالثة في القطار دون تأخيرٍ وبسلام....

...توقف القطار المتجه إلى إيلّيمان وهو يُحدث ضجيجًا عاليًا....

...يبدو أن الحوادث مثل الخروج عن السكة أو الانقلاب لا تحدث أبدًا، لكن التوقف في منتصف الطريق يحدث أحيانًا....

...كانت ساشا ملتصقةً بزجاج نافذة مقصورة الدرجة الثالثة، وما إن توقف القطار حتى قفزت بسرعة لتساعد السيد فينوش في إنزال الأمتعة....

...“يقولون إن هناك مشكلة في غرفة الغلايات. يبدو أننا سنضطر للبقاء هنا لعدة أيام حتى يصل القطار التالي.”...

...ركض إنزو عائدًا وهو يلهث ليبلغهم بأخبارٍ مزعجة بعد أن ذهب لاستطلاع الوضع. و كان السيد فينوش، الذي بقي لحراسة الأمتعة، يضع على وجهه تعبيرًا يوحي بالحيرة والارتباك....

...أما ساشا فكانت جالسةً بهدوء إلى جانبه، ممسكةً بحقيبتها....

...كانت يدها تقبض بإحكام على مقبض الحقيبة التي ربطت عليه وشاحًا ورديًا هديةً من الجدة إيلودي على شكل شريط....

...“علينا أن نجد مكانًا للإقامة فيه إلى أن يصل القطار التالي. سأرسل برقيةً إلى مانولي أولًا، فابقيا هنا وانتظراني.”...

...غادر السيد فينوش وعلى وجهه ملامح الضيق، فجلست ساشا على المقعد الخشبي بجانب إنزو تنتظر، وسط أكوام الحقائب....

...رغم أن أول رحلةٍ لها بالقطار بدأت بمشكلة غير متوقعة، لكنن لم تكن التجربة سيئةً بالكامل....

...كانت ساشا معتادةً على التفكير بإيجابية، وتمتلك القدرة على فعل ذلك بجدارة....

...“هذا المكان واسعٌ للغاية، وفيه عددٌ كبير من الناس. يبدو أن محطة مانولي كانت شبه خاليةٍ بالفعل.”...

...كان الرصيف الذي توقف فيه القطار أكبر بكثيرٍ وأكثر تطورًا من ذلك الذي رأته في مانولي، حتى أنه لا يمكن مقارنته به....

...وكانت ملابس الناس المارين هناك أكثر أناقةً بكثير، مما جعل المشاهدة ممتعةً بحد ذاتها....

...أرادت ساشا أن تطمئن إنزو وتخبره بأنها تستمتع كثيرًا الآن. لكن في تلك اللحظة، توقفت أمامهم عربةٌ فاخرة ذات أربع عجلات يجرها جوادان أسودان رائعان....

...“ساشا، لا يُعقل أنكما بلا مكان للإقامة، أليس كذلك؟”...

...سألتها السيدة شابة أنيقة بلطف، كانت ترتدي كابًا من الحرير....

...و عندما لم تتعرف ساشا عليها على الفور، رفعت السيدة قليلاً قبعتها الكبيرة المزينة بالريش لتحييها....

...لقد كانت السيدة بيل، زوجة الماركيز، التي كانت نزيلةً في المقصورة الخاصة....

...“إن لم يكن لديكما مكانٌ تذهبان إليه، فتعاليا معي. لديّ ابنةُ عم تعيش بالقرب من هنا.”...

...نظرت ساشا إلى إنزو بجانبها، لكنها وجدته متفاجئًا من الموقف لدرجة أنه لم ينبس ببنت شفة....

...أومأت ساشا برأسها سريعًا، ثم أضافت أنها ستذهب بشرط أن يسمح والدها بذلك. و وافقت السيدة بيل بسرور، وأمرت السائق بأن يحمل أمتعتهما في العربة....

...عندما عاد السيد فينوش بعد إرسال البرقية، كان خادم الماركيزة قد أنهى بالفعل تحميل جميع أمتعتهم في العربة....

...تفاجأ السيد فينوش بشدة وسأل ساشا،...

...“ساشا، كيف تعرفتِ على الماركيزة؟ ولماذا عرضت أن تأخذنا معها؟”...

...“في المرة الماضية، طلب مني السيد مارتين أن أوصل شيئًا إلى المقصورة الخاصة. لكنني لم أكن أعلم أن المستلم هي الماركيزة.”...

...عند سماع كلامها، فتح كلٌ من السيد فينوش وإنزو فاهيهما دهشة....

...كانت ساشا تتقرب من الناس بسرعة، وقد أصبحت مألوفةً بين طاقم القطار، وكانت تساعد أحيانًا في نقل رسائل صغيرة أو بعض الطلبات مقابل قطع نقدية أو حلوى، لكنهم لم يتخيلوا أبدًا أن السيدة التي أُعجبت بساشا في المقصورة الخاصة قد تكون شخصيةً نبيلة كهذه....

...ورغم أن السيد فينوش كان من مانولي ولا يعرف الكثير عن مجتمع لوران الأرستقراطي، فقد كان يعلم أن الماركيزة تنتمي إلى طبقة النبلاء الرفيعة، وأنها قريبةٌ بعيدة للدوق أوجين، زوج الملكة....

...“ألستم قادمِين؟ لقد أرسلتُ البرقية فور توقف القطار، لذا من المؤكد أن الماركيزة تنتظر على أحرّ من الجمر.”...

...قال الخادم ذلك وهو يمسك اللجام بنفاد صبر، وكانت نبرة صوته تحمل استغرابًا من احتمال رفضهم لهذه الفرصة الثمينة....

...دون أن يطيلوا التفكير، صعدت مجموعة ساشا إلى العربة على عجل. وانطلقت العربة الفاخرة ذات الأربع عجلات، بلونها الأصفر الفاتح، تحمل أفراد العائلة الثلاثة خارج المحطة المزدحمة....

...__________________________...

...واو ساشا عندها ذكاء اجتماعي وهي توها 10 سنوات 😭🤏🏻...

...المهم ياربتلقى البطل منا ولا منا ...

...والماركيزه ذي واضح حلوه عساها بعد تصادق السيدة فينوش 😂...

...Dana...

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon