الـ ٣ سنوات التي قضيتها محبوسًا في المكتبة

الرجل الذي قضيت معه ثلاث سنوات من عمري رغما عني ودون اختياري كان اسمه (عمار) كما حكى لي فيما بعد. منذ أول يوم قضيته معه كنت ثائرا و ساخطا على حالي خاصة عندما طال البحث عن (دجن) في كتبه. كنت حبيسا للمكان وكان هو يخرج من وقت لآخر لإحضار الطعام وكان بيته معزولاً عن المدينة وسط تلال خضراء وكنت أشعر بالملل والقلق دائما على حال أهلي بعد رحيلي و غضبت منه كثيرًا لأنه رفض التواصل معهم و طمأنتهم علي وعلى حالي لكني تفهمت سبب خوفه فيما بعد.

الفترة التي قضيتها مع (عمار) لم تكن بسيطة وأثرت على شخصيتي و سلوكياتي كثيرا وفي مرحلة متأخرة أبعدتني عن ديني وخلقت مني إنسانا مختلفا.

الدقيقة الأولى في بيت (عمار):

كانت تلك الدقيقة مليئة بالانبهار والاستغراب من شكله وشكل بيته الذي كان بسيطا ومكونا من دور واحد فقط وليس به غرف كثيرة

وسقفه المغطى بالأخشاب بالرغم من أن المنزل كان من الطوب. لم أتحدث في هذه الدقيقة لكني أدركت أني دخلت لعالم مختلف.. عالم يختلف كليا عن العالم الذي أتيت منه، ومنذ تلك الدقيقة ورغبة الخروج

من منزله تراودني.

الساعة الأولى في بيت (عمار):

هي الساعة التي قدم فيها لي (عمار) مفتاح خلاصي وفي اللحظة نفسها رماه في بحر عميق وقال لي اذهب وابحث عنه وأنا لم أكن أجيد السباحة. قضيت ساعتي الأولى في بيته وأنا أقرأ على عجالة كي أدرك طائرتي قبل إقلاعها .. لم أكن أعرف وقتها أن الرحلة سوف تؤجل قليلا. عندما أعطاني (عمار) الخيار لأبدأ من أي كتاب لم أفكر في الاختيار بشكل محدد بل مددت يدي على أول كتاب رأيته وفتحته وبدأت القراءة فيه بلا هوادة أو تركيز. كنت أبحث عن شيء لا أعرفه لذلك لم أجده. قلبت الصفحات وفي معظم الوقت لم أفهم شيئًا لأن تلك الكتب كانت تتحدث مع القارئ وكأنه يعرف المقصود من الكلام والرموز لذلك

ذهبت ل ( عمار ) بعد نصف ساعة من القراءة وقلت له :

لا أفهم شيئًا مما هو مكتوب.. ولا أظنني أستطيع الإكمال

قال: لن تفهم شيئًا في البداية لكن استمر وأعدك أنك ستفهم

أغلقت الكتاب ووضعته على المنضدة التي كانت بجانب (عمار)

وأخذت نفسًا عميقا وقلت له :

لا أستطيع ...

فقال: هل تنوي البقاء هنا للأبد؟

سكت وأنا أنظر في عينيه اللتين كانتا تحدقان بي بجدية ثم قلت له : لا أستطيع ..

نهض (عمار) من مكانه وبيده اليسرى حمل الكتاب وبيده اليمنى

أمسك بكتفي وهزني وقال بنبرة صارمة :

لقد استطعت قراءة كتاب تحضير ذلك الشيطان وسوف تستطيع

إيجاد الكتاب الذي يخلصك منه !

مددت يدي وأخذت الكتاب بشمالي وأنا أقول:

ليتني لم أقرأ ذلك الكتاب...

بعد ذلك نهضت من مكاني وعدت للمكتبة وأكملت قراءة الكتاب...

اليوم الأول مع (عمار):

بقيت أقرأ في المكتبة حتى غابت الشمس ولم أشعر بالوقت حتى دخل علي (عمار) بعد غروبها تماما بمصباح في يده وقال: هل وجدت شيئًا ؟

فقلت له : لا .. ولم أفهم شيئًا أيضًا...

فضحك وقال: توقف عن القراءة الآن وتعال لتأكل

فقلت له : لا أستطيع يجب أن أجد ما أبحث عنه

فقال لي: لا أريدك أن تقرأ وقت الغروب

فقلت له : ولماذا ؟

فقال : لا تسألني الآن سوف أخبرك عن السبب يوما ما. نهضت من مكاني وتوجهت لغرفة المعيشة لأجد (عمار) جالسا ومعه إناء واحد وفيه خليط غريب أشبه بالهريسة وقال لي:

تفضل تناول معي طعام العشاء... لم أرغب في البداية بتناول ذلك الطعام فقد كان الأكل الذي أحضره (عمار) غريبا لا يشبه الأكل الذي تعودت عليه وعندما سألته عن نوع الطعام ومصدره قال لي:

كل ولا تسأل»...

ترددت في البداية لكن جوعي أرغمني على التذوق. لاحظت أن (عمار) لم يسم وكان يأكل بيده اليسرى لكني لم أعلق على ما لاحظته. بعد الانتهاء من الطعام سألني (عمار) وقال: كيف وجدت الطعام؟

فقلت له : لقد كان جيدا ...

قلت ذلك من باب الذوق لكن الطعام كان بلا طعم تقريبا ولم يكن

به ملح أو أي مصدر للتذوق لكني لم أرد أن أكون فظا مع من فتح لي باب منزله

عدت للقراءة بعد تناول الطعام مباشرة بالرغم من أن (عمار) حاول

إقناعي بتأجيل ذلك للغد لكني لم أكن أريد أن أضيع الوقت فرحلتي في المطار كانت بعد يوم. دخلت المكتبة وكانت مظلمة فبحثت عن مصدر للكهرباء كي أشعل الإضاءة لكني لم أجد بالرغم من تذكري وجود إضاءة في غرفة المعيشة عندما كنا نتناول الطعام. عدت لغرفة المعيشة ووجدت (عمار) جالسا يكتب في إحدى مدوناته ورفعت نظري لأبحث عن مصدر النور في الغرفة فوجدته مصباحًا يعمل على الزيت فتعجبت

وسألت (عمار):

ألا تملك كهرباء في هذا المنزل؟

لم يرد (عمار) على سؤالي واستمر بالكتابة.

كررت السؤال عليه أكثر من مرة لكنه كان يكتب بتركيز وكأنه لا يعي شيئًا مما حوله. عدت للمكتبة وبدأت أبحث عن مصدر الضوء

فيها وخلال بحثي دخل علي (عمار) وفي يده مصباح غير المعلق في غرفة المعيشة وقال:

خذ.. استخدم هذا المصباح

فقلت له: ما الذي حدث قبل قليل.. لماذا لم ترد علي ؟

تجاهل (عمار) سؤالي ودخل المكتبة وهو يحمل المصباح في يده ويقول:

تعال سأريك شيئا ...

لحقت به ونسيت أمر سؤالي . جلس (عمار) على الطاولة التي كانت تتوسط المكتبة ووضع المصباح في المنتصف ثم أحضر كتابين ووضعهما

بجانب بعضها بعضا وقال: افتح الكتابين...

جلست بجانب (عمار) وفتحت الكتاب الأول فوجدته شبيها .....

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon