بين الشك و اليقين

غادر كايلن وإلرياس ساحة الغروب، وكل منهما يحمل في داخله ثقلًا لم يكن موجودًا قبل ساعات. لم تكن تلك مجرد مواجهة عابرة مع رجل غامض؛ كانت نقطة تحول، لحظة فصلت بين ما كانا عليه وما سيصبحان.

مع شروق شمس اليوم التالي، وقف كايلن في ساحة التدريب داخل الأكاديمية العسكرية. الجنود الجدد كانوا مصطفين أمامه، بعضهم يمسك بالسيوف الخشبية، وآخرون يحاولون تثبيت دروعهم الثقيلة. كان يجب أن يكون حاضرًا معهم، منتبهًا لأخطائهم، لكنه لم يستطع. أفكاره كانت تدور حول عرض الرجل الغامض.

"درع والدي... قطعة من قوته؟ هل هذا حقيقي؟"

نظر إلى تلاميذه. كانوا شبابًا طموحين، يبحثون عن مجدهم الخاص، تمامًا كما يفعل هو. لكنه ظل دائمًا محاصرًا باسم والده. لا أحد يراه كايلن فحسب؛ الجميع ينظرون إليه باعتباره "ابن ألينيوس". كم مرة حاول أن يثبت نفسه؟ كم مرة قاتل بشراسة، فقط ليجد نفسه في ظل ذلك الرجل العظيم؟

-"سيدي؟ هل أنتم بخير؟"

رفع رأسه ليجد أحد الجنود ينظر إليه بقلق. أدرك أنه كان صامتًا لفترة طويلة، وكأنه انفصل عن الواقع. هز رأسه، محاولًا إخفاء شروده.

-"استمروا في التدريب."

تركهم هناك، واتجه نحو مكتبه. عندما دخل، أغلق الباب خلفه واستند إليه للحظة، يحاول تهدئة أفكاره. لكنه توقف عندما لاحظ شيئًا غير مألوف على مكتبه.

كانت هناك ورقة، مطوية بعناية.

تقدم ببطء، وقلبها بين أصابعه قبل أن يفتحها. الكلمات كانت قليلة، لكنها حملت ثقلًا لا يُحتمل:

"هذه آخر فرصة لك للخروج من ظل والدك وبناء المجد لنفسك."

كايلن تجمد. كيف وصلت هذه الورقة إلى هنا؟ لا أحد غيره يدخل مكتبه. حتى الخدم لا يُسمح لهم بالاقتراب. هذا يعني شيئًا واحدًا فقط: الرجل الغامض لديه وسائل لا يستطيع فهمها.

نظر حوله بحذر، كأن أحدًا قد يكون مختبئًا في الظلال. لكن المكان كان فارغًا. جلس على كرسيه، واضعًا رأسه بين يديه.

"هل هذه فرصتي أخيرًا؟ هل يمكنني أن أكون شيئًا أكثر من مجرد ابن ألينيوس؟"

لكن ثمن ذلك سيكون خيانة والده.

ارتجف قلبه للحظة، لكنه تذكر نظرة والده الباردة عندما أخفق في أحد الاختبارات قبل سنوات. تذكر كيف كان يتحدث عنه الآخرون، يقولون إنه لن يكون أبدًا في عظمة والده.

قبض على الورقة بين يديه، عيناه تشتعلان.

"ربما... ربما هذه ليست خيانة. ربما هذه فرصتي الوحيدة لأكون شخصًا مستقلًا.

على الجانب الآخر من المدينة، كان إلرياس يجلس في ورشته الصغيرة، محاطًا بأدوات الرسم واللوحات التي لم تكتمل. كان قد أمضى الساعات الأخيرة يعمل على لوحة جديدة، مشهد لبحيرة صامتة تحت ضوء القمر. كان يحب التفاصيل الصغيرة، الانعكاسات، الظلال التي تتراقص على سطح الماء.

لكن أفكاره لم تكن صافية.

ضرب بفرشاته بقوة على القماش، دون أن يدرك، لتشوه الألوان التي كان ينسقها بعناية. تراجع إلى الخلف، يحدق في الفوضى التي صنعها.

"هذا العرض... لا يمكنني قبوله. لا أريد أن أكون جزءًا من لعبة هذا الرجل."

وضع الفرشاة جانبًا، يراقب اللوحة التي أصبحت غير متناسقة. كم تشبه أفكاره الآن.

-"أبي ليس رجلًا مثاليًا... لكنه والدي."

وقف، وبدأ يسير في الغرفة، يمرر أصابعه بين خصلات شعره البني الداكن. لطالما كره العنف، كره الصراعات، لكنه الآن وجد نفسه في واحدة دون أن يختارها.

"كايلن قد يراه كفرصة... لكنه لا يفهم. هذه خيانة. مهما كان والدي، لا يمكنني أن أفعل ذلك له."

لكن ماذا لو لم يكن أمامه خيار؟

ماذا لو أصبح هدفًا لهذا الرجل، لمجرد أنه رفض التعاون؟

حدق في اللوحة مجددًا، وأخذ نفسًا عميقًا.

"لا، لن أدعه يرعبني. حتى لو كنت ضعيفًا جسديًا، فأنا لست ضعيفًا داخليًا."

أخذ قطعة قماش ومسح اللوحة، يمحو الأخطاء، يعيد ترتيب الألوان. تمامًا كما قرر إعادة ترتيب أفكاره.

تباعد الأخوين

في تلك الليلة، لم يلتقِ كايلن وإلرياس، رغم أنهما اعتادا تبادل الحديث قبل النوم. كان كلاهما غارقًا في أفكاره.

كايلن يرى الباب الذي قد يقوده إلى المجد.

إلرياس يرى الفخ الذي سيقوده إلى العار.

وبينهما، يقف ظل الرجل الذي قابلتهم في ليله امس، يراقب من بعيد، مبتسمًا.

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon