ليس الان

الصمت الذي غمر القاعة الكبرى بعد موت سيرافيم كان ثقيلًا، لكنه كان مناسبًا. كنت بحاجة إلى هذا الصمت، إلى هذه اللحظة. أمامي، كانت سيرينا تنظر إليّ بعينين مثقلتين بالخسارة والغضب، لكن في أعماقهما... الخوف. الخوف هو ما أبحث عنه.

خطوت نحوها ببطء، الظلال تتبعني كأنها كائن حي، تحيط بي، وتكمل حضوري الذي لا يرحم. نظرت إليها نظرة ثابتة، ثم قلت بصوت هادئ لكنه يحمل وزن الجبال:

"لقد انتهى عصر سيرافيم، ولكنك تعلمين أن هذا لم يكن سوى البداية. لدي أسئلة، وأنتِ ستجيبين."

رفعت رأسها بشموخ مزيف، رغم أنها كانت تكاد تنهار. "لا أعرف شيئًا عما تبحث عنه،" قالت بنبرة واثقة لكنها خالية من القوة.

ضحكت ضحكة باردة، كمن يستمع إلى طفل يحاول الكذب للمرة الأولى. "كاذبة. أنتِ كنتِ ذراعه اليمنى، سكينه الخفية. لا تقولي لي إنه لم يثق بك بما يكفي ليكشف أسرار هذا العالم."

"أسرار؟" همست، محاولة أن تبدو مرتبكة.

"نيرفانا،" قلت بحدة، مقاطعًا محاولتها العقيمة للمراوغة. "القوة التي تتحكم بهذا العالم، مصدرها الحقيقي. ما هو؟"

ارتبكت للحظة، ثم تمالكت نفسها. "ليس هناك ما تبحث عنه. سيرافيم كان مصدر كل شيء. قتلتَه، والآن كل شيء قد انتهى."

خطوت نحوها بسرعة، الظلال تلتف حول قدميها كالأفاعي، تجبرها على الركوع أمامي. انحنيت حتى أصبح وجهي قريبًا من وجهها، ونطقت بحدة:

"إن كنتِ تعتقدين أنني غبي بما يكفي لأصدق هذا الهراء، فأنتِ أسوأ مما كنت أظن. الآن، تكلمي."

شعرت بترددها، صراعها الداخلي. كنت أعرف أن هناك شيئًا تخفيه، وحين بدأ التوتر يزداد، اخترت لعب ورقتي الأخيرة. "سيرينا... ثمن الصمت معي أعلى مما تتخيلين. ولكن ثمن التعاون؟ قد يمنحك فرصة لمغادرة هذه القلعة حيّة."

كانت كلماتي كسكين اخترقت ترددها. أخيرًا، استسلمت. "هناك مكان... قاعة سرية تحت الأرض. سيرافيم كان يحرسها بنفسه. ولكن إن كنتَ تعتقد أنني سأقودك إليه بإرادتي، فأنت واهم."

ابتسمت ابتسامة خبيثة، وأشرت للظلال أن تشد قبضتها حولها. "لم أطلب إذنك. أنتِ ستأخذينني هناك، وسأكون أنا من يقرر ما الذي سيحدث."

قادَتني سيرينا إلى أعماق القلعة، حيث الجدران الحجرية تتحول إلى رخام أملس، والسكون يصبح ثقيلاً كأنه يحمل أسرارًا عمرها قرون. وقفنا أمام باب ضخم مزخرف برموز غريبة، لا تشبه أي شيء رأيته من قبل.

"افتحيه،" قلت، والحدة في صوتي تُظهر أنني لا أملك صبرًا للألعاب.

ترددت لوهلة، ثم رفعت يدها، وأطلقت تعويذة فتحت الباب ببطء. ما رأيته في الداخل كان مذهلاً. قاعة هائلة، جدرانها مرصعة بالذهب والفضة، وفي وسطها مكعب سحري متوهج، يطفو على ارتفاع مترين عن الأرض. الضوء الذي ينبعث منه كان شديدًا، لكنه لم يكن مجرد ضوء. كان طاقة، حضورًا ساحقًا يتجاوز الفهم.

"ما هذا؟" سألت، نبرة صوتي تحمل مزيجًا من الفضول والسيطرة.

سيرينا نظرت إلى المكعب، ثم إليّ، وقالت: "هذا هو قلب نيرفانا. مصدر قوتها، وروحها. سيرافيم كان يخفيه لأنه يعلم أن سقوطه يعني خطرًا أكبر على العالم. لو وقع في الأيدي الخطأ..." توقفت، ثم أكملت بنبرة صارمة، "لا يمكنك أخذه. لن تفهم قوته. لن تستطيع التحكم بها."

خطوت نحو المكعب، شعرت بالطاقة تشدني إليه كأنها تناديني. "أنتِ تظنين أنني لا أستطيع التحكم به؟"

"إن أخذتَه، سينهار هذا العالم. كل من يعيش هنا سيُمحى. حتى أنا... لن أستطيع إنقاذهم."

ترددت للحظة. ليس بسبب تحذيرها، بل بسبب الفكرة التي بدأت تتشكل في عقلي. هذه القوة ليست عادية. إنها شيء يتجاوز حتى طموحاتي. إن لم أتمكن من السيطرة عليها، فقد أكون أخطأت خطأً قاتلاً.

استدرت نحوها، ونظرت مباشرة في عينيها. "هذه المرة... لن آخذ المكعب. لكن لا تخطئي الفهم، سيرينا. لن أترك أي شبر في هذا الكون دون أن أطالب بحقي فيه. سنلتقي مجددًا، وعندما يحدث ذلك... لن أترك شيئًا في طريقي حيًا."

تركتها واقفة هناك، تحدق فيّ بينما كنت أغادر القاعة. الظلال التي تحيط بي تتلاشى مع كل خطوة، وأنا أترك وراءي عالمًا آخر لم أنهه تمامًا، لكنني أعددته للفوضى القادمة.

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon