**اللقاء الأول**
في أحد الأيام الهادئة، بعد أن اكتشفا السر الغامض وراء القصر، شعرت ليلى بحاجة للاسترخاء. كانت الأمور بينهما وبين يلو قد أصبحت أكثر تعقيدًا مع كل خطوة، والآن كان قلبها يملؤه حيرة. قررت أن تأخذ استراحة من التفكير العميق، فذهبت إلى أحد الأماكن التي كانت دومًا تجد فيها السلام: الحديقة الواسعة في القصر.
بينما كانت تمشي بين الأزهار الملونة والأشجار الظليلة، لفت انتباهها شخص كان يجلس تحت شجرة كبيرة، يقرأ كتابًا بتركيز. كان شعره أسود طويلًا، وعيناه لونهما بني داكن يشعان بحزنٍ عميق. لم تستطع أن تتجاهل جاذبيته الغريبة، وكأن هناك شيءًا في عينيه يجعلها تشعر بشيء غير مألوف.
اقتربت منه ببطء، وقالت بابتسامة هادئة: "أنت هنا منذ فترة طويلة، أليس كذلك؟"
رفع نظره من الكتاب بابتسامة خفيفة، وقال بصوت منخفض: "نعم، أعتقد أنني أتيت إلى هنا بحثًا عن الهدوء."
"هل تجد الهدوء في هذا المكان؟" سألته ليلى، وهي تلاحظ كيف تبدو عيناه مليئتين بالأسرار.
"ليس دائمًا." أجاب ببساطة، ثم أضاف: "لكن في بعض الأحيان، الهروب من الحياة هو ما نحتاجه."
**حديث عميق**
جلست ليلى بجانبه، وأصبح حديثهما يتنقل بين المواضيع المختلفة، من الأدب والفن إلى الحياة في القصر. كان هذا الرجل غريبًا في تفاصيله، وكان يبدو كأنه يحمل قصة لم تُحكى بعد.
"أنت جديدة هنا، أليس كذلك؟" قال لها فجأة، بنظرة غامضة.
"نعم، لقد انتقلت منذ فترة قصيرة." قالت ليلى وهي تبتسم بحذر. "لكنني ما زلت أتعلم الكثير عن هذا المكان."
"هذا المكان يحمل الكثير من الأسرار، وليس كل من يدخل هنا يستطيع الهروب منها." قال وهو يغلق الكتاب برفق. كانت كلماته تلمس قلبها بطريقة غير مريحة، وكأنها تفتح أبوابًا قديمة للقلق.
"هل تعني بذلك أن هذا المكان ليس آمنًا؟" سألته ليلى بتردد.
"آمن؟" رد بنبرة ساخرة. "الحياة نفسها ليست آمنة، خاصة هنا."
لحظات من الصمت مرّت، بينما كانت ليلى تشعر بتصاعد شعور غريب داخلها. كان هناك شيء في طريقة حديثه، في صوته العميق، جعلها تشعر وكأنهما يعرفان بعضهما البعض لوقت طويل رغم أن اللقاء كان جديدًا.
**الانجذاب المفاجئ**
في الأيام التالية، أصبح لقاؤهما في الحديقة أكثر تكرارًا. كان يلتقيان هناك، يجلسان معًا في ظل الشجرة الكبيرة، ويتحدثان عن كل شيء وكل شيء. لم تكن ليلى قد شعرت من قبل بهذا النوع من الانجذاب نحو شخص ما. كانت تكتشف جوانب جديدة في نفسها، وأحيانًا كانت تتساءل كيف استطاعت أن تعيش كل هذه السنوات دون أن تعرف هذا الشعور.
وفي إحدى الجلسات، عندما كانا يتحدثان عن الحياة في القصر، فوجئت ليلى بسؤاله المفاجئ: "هل شعرتِ يومًا أنكِ ضائعة؟"
"أعتقد أنني شعرت بذلك مؤخرًا." أجابت ليلى، وهي تنظر إلى عينيه. "لكنني لا أريد أن أكون ضائعة للأبد."
أمسك الرجل بيدها فجأة، كان لمسة ناعمة لكنها مليئة بالمعنى. "لن تكونين ضائعة أبدًا طالما كنتِ هنا، بالقرب مني."
**حقيقة المشاعر**
مع مرور الوقت، بدأ الشك في قلب ليلى يتحول إلى يقين. كان هذا الرجل، الذي يدعى "آدم"، ليس مجرد شخص عادي. كان يحمل في قلبه حزنًا عميقًا، وكان لديه ماضٍ غامض يرفض التحدث عنه. ومع ذلك، كانت جاذبيته تتسلل إلى قلبها بشكل غير إرادي.
في إحدى الأمسيات المظلمة، بينما كانا يتناولان العشاء في الحديقة، كشف لها عن جزء من ماضيه. قال بصوت خافت، وعيناه غارقتان في الذكريات: "لقد فقدت عائلتي في حادث، وكان ذلك قبل سنوات. أنا هنا الآن فقط لأحاول أن أجد السلام."
"أنا آسفة." قالت ليلى، وقد شعرت بحزن عميق يملأ قلبها.
"لا داعي للاعتذار." قال آدم بلطف، وهو ينظر إليها بنظرة مليئة بالود. "لقد تعلمت أن نكون أقوياء في مواجهة الماضي. لكنكِ... أنتِ تجعلينني أرى الحياة بطريقة مختلفة."
كانت تلك هي اللحظة التي اعترفت فيها ليلى بمشاعرها. كانت مترددة في البداية، لكن مع مرور الوقت، ومع كل لحظة قضاها بجانبه، بدأت تشعر بأن قلبها يفتح له بشكل طبيعي.
"آدم، أنا لا أستطيع أن أشرح ما أشعر به." قالت ليلى، وهي تنظر في عينيه. "لكنني أعتقد أنني قد بدأت أحبك."
ابتسم آدم بابتسامة هادئة، ثم قال: "وأنا أيضًا. ربما كانت هذه هي اللحظة التي انتظرتها طوال حياتي."
**القرار المشترك**
وفي تلك اللحظة، شعر كلاهما بأنهما قد اجتازا حاجزًا كبيرًا. لم يكن لديهما الوقت الكافي لفهم كل شيء حول بعضهما البعض، لكنهما كانا متأكدين من شيء واحد: كان بينهما رابطًا قويًا لم يكن أي منهما يستطيع إنكاره.
"لن أسمح لكِ بالرحيل، ليلى." قال آدم، وهو يمسك بيدها. "لن أدعكِ تبتعدين عني."
"وأنا أيضًا." قالت ليلى، والابتسامة تظهر على شفتيها للمرة الأولى منذ فترة طويلة.
كانت تلك بداية قصة حب جديدة، قصة مليئة بالغموض والأمل. وكان كل يوم يمر بينهما يوثق الرابط الذي جمعهما. في عالم مليء بالأسرار والتحديات، كان قلباهما معًا، يواجهان المستقبل المجهول بكل شجاعة.
---
25تم تحديث
تنزيل على الفور
novel.download.tips
Comments