في تلك الليلة، كان القصر ساكنًا، بينما كان قرار ليلى ويلو يشق طريقه بهدوء نحو بداية جديدة. كان الوقت قد حان للتخلي عن الخوف، والاعتراف بأن طريقهما معًا قد أصبح مكتوبًا، مهما كانت العواقب.
**اللحظة الأولى**
عندما عادت ليلى إلى غرفتها بعد لقاء المكتب، كانت تشعر بثقل غريب في صدرها، ليس خوفًا، بل شعورًا بالمسؤولية. لم تكن هذه المرة الأولى التي تواجه فيها قرارًا مصيريًا، لكنها كانت المرة الأولى التي شعرت فيها أن القرار لم يعد يخصها وحدها.
أغلقت باب غرفتها خلفها وجلست على الكرسي قرب النافذة. كانت السماء مليئة بالغيوم الثقيلة، وكأنها تعكس حالة من الترقب المعلق بين السماء والأرض. حدقت ليلى في الأفق، تفكر في اللحظات التي جمعتها بيلو، في الكلمات التي قالها، وفي الصراعات التي شعرت بأنها قد انتهت لتوها، بينما بدا أن أخرى قد بدأت.
"أريد أن أكون مستعدة لكل شيء"، همست ليلى لنفسها، كما لو كانت تحاول إقناع قلبها بأن الخطوة التي اتخذتها لم تكن مجرد لحظة عاطفية، بل اختيارًا واعيًا.
**في صباح اليوم التالي**
كان الفجر يشرق ببطء، وأشعة الشمس الضعيفة تخترق الغيوم الثقيلة التي ملأت السماء بالأمس. استيقظت ليلى على صوت طرق خفيف على باب غرفتها. كان صوت الخادمة يقول: "آنسة ليلى، السيد يلو يطلب رؤيتك في الحديقة."
ارتدت ليلى عباءتها بسرعة ونزلت بخطوات هادئة نحو الحديقة. كان يلو ينتظرها هناك، واقفًا تحت شجرة ضخمة، وكأن حضوره كان جزءًا من الطبيعة المحيطة.
"صباح الخير، ليلى." قال بصوته العميق.
"صباح الخير." ردت ليلى بابتسامة خفيفة، وهي تحاول قراءة تعابير وجهه.
"هناك شيء أريد أن أوضحه قبل أن نستمر." قال يلو وهو يشير إلى مقعد خشبي قريب. "لنجلس."
**النقطة الفاصلة**
عندما جلسا، كان الصمت بينهما كثيفًا، لكنه لم يكن صمتًا محرجًا، بل صمتًا يحمل الكثير من الكلمات التي تنتظر الخروج.
"ليلى، أعلم أن اتخاذك هذا القرار لم يكن سهلًا." قال يلو، وهو ينظر مباشرة في عينيها. "وأنا أقدّر شجاعتك. لكن يجب أن تعرفي أن الطريق الذي اخترناه ليس طريقًا بسيطًا."
"أعرف." أجابت ليلى بثقة مفاجئة. "لكنني لست خائفة. على الأقل، ليس بالطريقة التي كنت أخاف بها من قبل."
"هذا جيد." قال يلو بابتسامة صغيرة. "لأنني أريدك أن تعرفي أنني لن أسمح لأي شيء أن يؤذيك، حتى لو كان ذلك يعني أن أتخلى عن أشياء كنت أعتبرها جزءًا من حياتي."
كانت تلك الكلمات بمثابة وعد. شعرت ليلى بأن قلبها، الذي كان مشوشًا في الأيام الماضية، بدأ يجد راحته في وجوده.
**الاستعداد للمواجهة**
على مدار الأيام التالية، بدأت ليلى ويلو في العمل معًا على وضع خطة لمستقبلهما. كان الأمر أشبه برحلة تحتاج إلى الكثير من التخطيط، لكن كلاهما كان مستعدًا لتحمل العواقب.
أثناء ذلك، بدأت ليلى تلاحظ التغيرات التي طرأت على يلو. أصبح أكثر انفتاحًا، وأكثر استعدادًا لمشاركة أفكاره وأسراره. كانت ترى الآن جزءًا منه لم تكن تعرفه من قبل، جزءًا أعمق وأكثر إنسانية.
أما بالنسبة لها، فقد شعرت بأنها أصبحت أقوى، وأكثر ثقة بنفسها. لم تعد تلك الفتاة التي كانت تخاف من المجهول، بل أصبحت امرأة مستعدة للمجازفة من أجل ما تؤمن به.
**الصدام الأول**
لكن، كما هو الحال دائمًا، لم يكن كل شيء يسير بسلاسة. في إحدى الليالي، وبينما كانا يناقشان التفاصيل النهائية لخطتهما، ظهر رجل غريب في القصر. كان وجهه حاد الملامح، وعيناه تحملان نظرة غامضة.
"يبدو أنكما تخططان لأمر كبير." قال الرجل بنبرة ساخرة، بينما كان يقف على عتبة الغرفة.
"ما الذي تريده؟" سأل يلو بصوت حاد، وهو ينهض من مكانه.
"أريد فقط أن أذكرك بأن كل خيار له ثمن، يلو." قال الرجل بابتسامة باردة. "وأعتقد أن ثمن هذا الخيار سيكون أكثر مما تستطيع تحمله."
شعرت ليلى بالخوف لأول مرة منذ أن اتخذت قرارها. لكنها قررت ألا تظهر ذلك. وقفت بجانب يلو، محاولة أن تظهر القوة، حتى وإن كان قلبها ينبض بسرعة.
"لن أدع أي شيء يقف في طريقنا." قال يلو بصوت قوي، بينما كانت عيناه تشعان بالغضب.
**الخاتمة المؤقتة**
بعد مغادرة الرجل، جلست ليلى ويلو في صمت لفترة طويلة. كان كلاهما يدرك أن الطريق أمامهما أصبح أكثر تعقيدًا، وأن المواجهة الحقيقية قد بدأت للتو.
"هل أنتِ بخير؟" سأل يلو بهدوء، بينما كان ينظر إليها بعناية.
"أنا بخير." قالت ليلى، رغم أنها لم تكن متأكدة من ذلك. "لكنني أريدك أن تعدني بشيء."
"ماذا؟"
"أن نبقى معًا، مهما حدث."
نظر يلو إليها بصمت للحظة، ثم قال: "أعدك."
كانت تلك الكلمات كافية لتجعلها تشعر ببعض الراحة. ربما لم تكن تعرف ما الذي ينتظرهما، لكن كان هناك شيء واحد مؤكد: لن يكونا وحدهما في هذه الرحلة.
---
25تم تحديث
تنزيل على الفور
novel.download.tips
Comments