توقفت السيارة السوداء التي يملكها ألفارو عند إشارة المرور الحمراء. التفت نظره نحو نافذة السيارة، حيث لمح مطعماً بسيطاً كان هو وبيانكا يترددان عليه كثيراً. الآن أصبح هذا المكان مجرد ذكرى.
بعد انفصال طويل عن بيانكا، لم يُقدِم ألفارو على تناول الطعام هناك مرة أخرى، ربما بسبب الذكريات الكثيرة التي قضوها في ذلك المكان. وقد علم ألفارو أن بيانكا قد باعت منزلها الصغير لتسديد ديون القروض الدراسية التي أثقلت كواهلها.
تنهد بثقل وهو يتذكر كل شيء عن ماضيه، فلقد كان الألم لا يزال يحفر في قلبه. يُعتقد أن الرجال لا يبكون، لكن ذلك هو ما يجعل الأمر أكثر معاناة، لأنه لا يستطيع التعبير عن الألم الذي يشعر به. شعر ألفارو بحياته في فوضى عارمة.
تحول حبه إلى كراهية شديدة، كراهية عميقة. كان يبدو غير عادل لرؤية بيانكا تعيش حياة هانئة ومستقرة، في حين كان هو لا يزال يعيش في ألم شديد، متظاهراً بالقوة أمام الجميع، بينما قلبه هش.
أراد أن يُعيد بيانكا إلى حيث بدأت كامرأة لا تملك شيئاً، كما كانت في السابق، على الرغم من أنه لم يعرف كيف ينتقم لنفسه.
كان ينبغي على ألفارو العودة إلى المكتب، ولكنه ظل يفكر في قضية القتل التي ارتكبها اليكس، حتى بعد أن صُنف اليكس كمشتبه به في قضية الفساد وقتل ست نساء، التي لم تُكتشف هويتهن بسبب تشوه وجوههن بشكل كبير.
ركن ألفارو سيارته جانباً وشاهد فيديو لمقابلة مع رئيس الشرطة يعلن فيها أن الضحايا الستة لديهم أمر مشترك؛ أواصر حمراء مربوطة بشكل عقدة على معاصمهن، وكأنه يلمح إلى أن الجرائم كلها تحفة فنية.
لقد كان الشيء نفسه عندما وُجدت جثث ثلاث نساء قبل سبع سنوات، مع أواصر حمراء على معاصمهن. هل كان من الممكن أن يكون أليكس قاتلاً متسلسلاً؟ تلك بعض التلميحات التي أدلى بها رئيس الشرطة.
أغلق ألفارو جهازه المحمول؛ قبل سبع سنوات لم يكن في السجن بعد، وقد سمع الأخبار حول اكتشاف الجثث الثلاث في الغابة والتي هزت البلاد. للأسف، لم يُقبض على الجاني آنذاك، ربما لأنه كان ذكيًا جدًا في إزالة بصماته.
كان بإمكانه أن يتجاهل الأمر كليًا، خصوصًا وأنه لم يتلق أي تعويض عن ذلك. ولكن، لن يستريح حتى يجد إجابات للأسئلة التي تستبد به. لم يكن يعتقد أن القاتل المتسلسل كان اليكس.
قرر ألفارو أن يلتقي بريسا في منزلها، تلك المرأة البالغة من العمر 47 عامًا كانت أحد عملائه السابقين. كان هناك شيء مهم يحتاج لاستقصاءه هناك.
"لماذا جئت إلى هنا يا مُحقق أل؟ أليس كل شيء بيننا قد انتهى؟" بدت ريسا مُتحفظة بشأن زيارة ألفارو لبيتها، وكأنها خائفة من أنه قد يكتشف شيئًا ما.
لكن ليس هو ألفارو إذا لم يكن لديه حيل في جعبته، فقد أحضر معه صورًا جمعها من تحرياته، تُظهر الصور علاقة أليكس وعشيقته. "أنا هنا فقط لتسليمك هذه الصور."
كانوا يجلسون في غرفة المعيشة عندما دقق نظر ألفارو في أرجاء المنزل الفخم. حينها، لاحظ صورة لديون وهو صغير، وبدا ذو تعبير محايد على وجهه.
من ملامح ونظرات ديون في تلك الصورة، بدا كأنه بلا مشاعر، نظرته فارغة، مما أثار قليلًا من الرهبة. لكن ألفارو ليس عالم نفس ليستخلص استنتاجات، لكنه تعلم شيئًا عن التعرف على الشخصيات.
تنبهت ريسا إلى ما كان ينظر إليه ألفارو، وسرعان ما قالت: "نادرًا ما يبتسم ابني، إنه خجول للغاية. لكنه الآن قد تغير قليلًا، فقد أصبح لديه صديقة أثناء دراسته في أمريكا، ولا يزالان معًا حتى الآن." قالت هذا وكأنها تريد إبلاغ ألفارو بأن ابنها رجل طبيعي لأن لديه صديقة.
عادةً ما لا يكون لدى السيكوباتيين اهتمام أو رغبة، لذا إذا كان ديون يملك صديقة، فإن هذا يمكن أن يكسر أي شكوك قد تكون لدى ألفارو. دليل على ذلك أن صديقته ما زالت على قيد الحياة.
أخذت ريسا الصور التي قدمها إليها ألفارو قائلة: "شكرًا لمساعدتك في العثور على عشيقة زوجي، وأنا أعلم أنك أيضًا من أبلغ عن قضية الفساد التي ارتكبها زوجي. إنه يستحق العقاب على أفعاله. لكن يبدو أن علاقتنا قد انتهت، لذلك لا داعي لأن تأتي مرة أخرى إلى هنا."
لم يكن ألفارو على استعداد للمغادرة حتى يحصل على الإجابات التي يبحث عنها. "آه، سمعتُ أن ابنك أصبح رجل أعمال ناجح، ياله من إنجاز لابنك. لكن، أين هو الآن؟"
بدت ريسا مترددة في الإجابة على سؤال ألفارو، لكنها اضطرت إلى الإجابة: "ابني مشغول بعمله خارج المدينة."
ثم جاءت خادمة تحمل كوبين من الماء، ووضعتهما على الطاولة. رمقت بنظرة نحو ألفارو كأنها تريد قول شيء ما، لكنها تراجعت عندما رأت نظرات السيدة ريسا إليها.
"يمكنك الذهاب الآن يا مُحقق أل!" أرادت ريسا أن يغادر ألفارو منزلها على الفور.
لسبب ما، كان ألفارو مقتنعًا بأن هناك شيئًا خاطئًا بشأن الرجل المدعو ديون، خاصة وأن والدته بدت وكأنها تخفي شيئًا ما.
"أصبحتُ فضوليًا، من هي صديقة ديون؟" همس ألفارو بهذا بينما كان في سيارته. قرر التحقيق فيمن تكون صديقة ديون، هل حقًا لديه صديقة؟ وهل لا تزال على قيد الحياة؟ كانت هناك شكوك لدى ألفارو عندما رأى نظرات ديون في الصورة التي شاهدها، فقلبه يُخبره بأن ديون قد يكون سيكوباتيا.
قرر ألفارو العودة إلى المكتب، يريد أن يطلب من دانو التحري عن صديقة ديون. إذا كانت لا تزال على قيد الحياة، فقد تكون مصدرًا للمعلومات عن ديون. عادة ما يعرف الأحباء الكثير عن طبيعة شركائهم، وقد تكون مشاركة لبعض الأسرار.
*** تم توقيع هذا العمل مع NovelToon، ويُمنع بشدة القرصنة مثل إعادة النشر بدون إذن.***
87تم تحديث
تنزيل على الفور
novel.download.tips
Comments