ليليان
امريكا ، احدى المناطق المعزولة ...
ليليان : صباح عادي تشرق بهِ الشمس الذهبية على حديقتنا الواسعة ، لربما ليست حديقة بل اشبه بالجنة ، فـ على اليمين و اليسار اشجارٌ متنوعة للفاكهة الى جانبها جدولٌ متوسط الحجم يمر بسلاسة بينَ الشجيرات ، اما في الوسط ، فـ كلُ ما طابَ من الازهار و الورود الجذابة التي تجعلكَ ترغب في اقتطافها ، بالاضافة الى الكراسي الخشبية المرصوصة بشكل جميل ، يجعلك تشعر بدفئ داخلي ، ابتسمت ليليان الى الصباح و ارتدت قميصا ابيضا فوقهُ ثوبٌ احمر منقطْ بدوائرَ بيضاء ، و هي تنزل من جناحها على الدرج القت تحية الصباح على الخادمة ام امين التي بدورها ردت التحية ؛ صباح النور عليكِ ليلو ! ، وصلت ليليان الى غرفة الطعام ، لم تكن غرفة بل كانت اشبه بالجناح ، غرفة لها بداية بلا نهاية ، لونها اصفرٌ كلاسيكيُ عتيق مع نوافذَ بلونٍ بنيٍ قاتم و تطريزٍ على الشبابيك برسوماتٍ كلاسيكية لطيفة او زخرفة نباتية مُتقنة الرسم ، في الوسط ، تشعُ ثلاثُ ثرياتٍ كلاسيكات على طولِ المائدة ، واحدة من هذه الثريات يمكنها انارة اربعةْ بيوت لمدة 72 ساعة متواصلة دون انقطاع ، ف بداية المائدة يجلس الرجل المُقنع المحتشي بالأسود ، لم ترهُ ليليان ابداً بدون القناع ، منذُ قدومها الى هذا القصر و الى هذه اللحظة لم تره ابدا ينزعُ قناعهُ امامها ، و على الجهة المقابلة للمائدة ، تجلس امرأة في متوسط العمر ترتدي ثوباً زهري قصير مع شعرها الاشقر المنسدل على كتفيها تظهر و كأنها عذراءٌ في بدايةِ مراهقتها و ليس أُماً لفتاةٍ مراهقة ! ، القت ليليان تحية الصباح على والدتها بطريقة لطيفة - غير رسمية - اما على السيد المُقنع فقد القتها بهدوء و رزانة كبيرة و كأنها انتحلت شخصية أخرى غير سابقتها ، اومأ المُقنع لها بالجلوس لتجلسَ بهدوء و يُقدم لها الطعام بطريقة كلاسيكية ، في طبقها تجد الجُبنَ الابيض مع الكثيرِ من حباتِ الزيتون منزوعٍ النوى ، بالاضافة الى اللمسة العربية ، استكانُ شايٍ عربيٍ اصيل ، ابتسمت ليان قليلاً و هي تشمُ رائحةَ الشاي اللطيفة ، حتى قطعَ نشوتها بالشاي صوتُ المُقنع ؛
السيد المُقنع : ليليان ... تعاليْ هنا
نهضت ليليان من كرسيها و ذهبت الى جوار المُقنع ، نظرَ لها و هو يتأملها بغبطةٍ و فرحٍ شديد يكادُ يكتمهما لسببٍ خاص ، بالطبع تحت نظرات والدة ليليان الحادة تجاه المُقنع ،
السيد المُقنع : احزمي اغراضكِ ... سوفَ تلتحقين بالصرح بعد ثلاثةِ ايام
ليليان : ماذا ؟
زمردة : ماذا ؟ هل قُبلَت ليليان بالصرح ؟
السيد المُقنع : اجل ... لن أتحدث اكثر و لا يوجد وقت للاعتراض او اعطاءي اي شيء آخر ... نظر نحوَ الخدم و قال : انتهى الطعام !
ركضت زمردة الى ليليان و احتضنتها بفرحٍ شديد ثم القت الى مسامعها : سوفَ تصبحين حُرّة و تعيشين !
ابتسمت ليليان بشدة لما تقولهُ والدتها ، فهي لم تستطع الذهاب للدراسة مثل بقية الطلاب ،فـ هي اخيراً سـ تحقق حلمَ والدتها و كما تقول سـ تصبح " حُرّة "، اتت رئيسة الخدم الى ليليان التي كانت تنظر الى الحديقة بتأمل و سكينة شاردة الذهن ، تفكر في هذا الصرح الكبير و كيفَ لـ فتاةٍ مثل ليليان أن يتم قبولها فيه !
ام امين : آنسة ليليان ... احملُ لكِ خبراً مُفرحا ايضا .. ان السيد المُقنع وافقَ ان تخرجي اليوم برفقةِ السيدة زمردة الى المتاجر و تشتري ما تحتاجينه لانك سـ تقيمين في السكن هناك و لا يمكنكِ القدوم الى هنا إلا بفتراتٍ وجيزة
ليليان : حسنا حسنا ... هل يمكنك مناداة ناتالي لتمشيطِ شعري ؟ فـ أنا مستعدة
ام امين : اعتذر يا آنسة ليلو ... لكن السيد المُقنع وافق على خروجكما بشرطِ ان ترتديا الحجاب
ليليان : لا بأس ... لا بأس
ام امين : اذا بعد صلاةِ الظهر ... يمكنكما الخروج .. سأنتظركما عندَ البوابة برفقة الحارس مروان
ليليان : مروان ؟ اوه .. هل يوجد غيره ؟
ام امين : للاسف لا يا آنستي .. فهو الوحيد الذي يثق بهِ السيد المُقنع
ليليان : اوه .. حسنا لا بأس
بعد ان خرجت رئيسة الخدم من جناح ليليان توجهت مباشرة نحو جناحِ السيدة زمردة ، و اخبرتها عن خروجتهما ، لكنها ظلت تصرخ معترضةً على ارتداءِها للحجاب على عكسِ ابنتها ليليان التي ارتدته بهدوء ، بعد ان اتمت ليليان و ام امين صلاة الظهر ذهبتا الى السيارة حيثُ ينتظرهما السائق مروان و السيدة زمردة ، كانا يتكلمان بموضوعٍ ما لكن ما ان ركبت ام امين و ليليان في السيارة صمتا بسرعة و بإرتباك ، حاول مروان المبادرة بالكلام كي يلغي الارتباك الذي حدث ؛
مروان : مباركٌ لكِ يا آنسة ليليان على قبولكِ بالصرح
ليليان : اشكركَ يا سيد مروان ... لكن اطلب منكَ ألا تكلمني ثانيةً ... انا و امي ايضا ... اعتقد ان من شروط وظيفتكَ هي ان لا تتحدث الى الآنسة ليليان او السيدة زمردة مهما كان الظرف ؟
السيدة زمردة : ههه ... ماذا تقولين يا ليليان ؟ هو يقوم بتهنئنكِ ! لا تنسي الآداب !
ليان : بالطبع لن انسَ الآداب لكن في نفس الوقت لا يجب نسيان الشروط
خرجت السيارة واخيراً من اسوار القصر و لحقها عدد من سيارات الحماية و التي تحمل مجموعة من الخدم ، وصلوا الى المركز التجاري ، و دخل كل من السيدة زمردة و الآنسة ليليان بالإضافة الى رئيسة الخدم ام امين ، مع عدد كبير من الحراس و عدد قليل من الخادمات ليحملن المشتريات ، كانت هذه المرة الأولى لـ ليليان ان تخرج فيها لمكان مكتضٍ بالناس ، هي لم ترَ في حياتها سوى الخدم و عائلة صديقتها الوحيدة سوزن ، شعرت ليليان بالحرج و عدم التصرف بشكل لائق ، مما جعل فكرها مشوشاً قليلا ، اممم على الارجح كثيرا ، لدرجة انها اصطدمت بأحدهم ، لم ترفع رأسها بل اعتذرت وحسب و اكملت طريقها ......
Comments