لِيـليـان
فورَ خروجِ الآنسة ميلا وضعت ليليان رأسها على سطحِ الكرسي و اغلقت عينيها متشائمةً مما حدثَ لها ، شعرت بضرباتٍ خفيفةٍ على مرفقها رفعت رأسها لتجد مايك وهو يقوم بتقطيع الورقة و يرميهِ عليها ؛
ليليان : اوه ... ماذا تريد ؟
مايك : اجدُ متعةً خاصة في إزعاجك
ليليان : لِيُعني اللهُ عليك
مايك : هاهاهاهاها .... لا تقلقي سـ تلعنين هُنا .....
ليليان : آوه .. لقد لُعنتُ منذُ لحظة رؤيتي لك ... أراكَ في قسمٍ آخر
_ حملت حقيبتها و خرجت من القسم متجهةً نحوَ قسمِ الفيزياءِ النووية ، جلست تنتظرُ في مقعدها حتى دخلَ طالبينِ سوياً رمقت احدَهُما بنظراتٍ شبهَ مُطولة ، ثم التفت تنظر نحوَ النافذة تحديداً نحوَ الحديقة الرئيسية ، شعرت ان شخصاً ما جَلَسَ بجانبها ، التفتت لترى مَن ، لِـ تُفاجأ بأنهُ الفتى نفسهُ الذي ساعدها على عثورها لِـ شقتها ، أحنت رأسها مُحييةً إياه ؛
وليد : اوه ... اهلا بكِ انتِ ايضا ... ما إسمك ؟
ليليان : آه .. ليليان
وليد : ليليان ... ليليان .... ماذا يعني ؟
ليليان : آوه ... يعني نعومةُ الزهرة و رقتها ... او نشوة شربِ الخمر ..
وليد : جميل و غريب ايضا
ليليان : شكرا ....
_ حضرَ السيد مارك و بدأ بتدريسهم ، ركزت ليليان بجدٍ هذهِ المرة بينما كان وليد يحدق بتركيز نحوَ ما يُدَوِنُهُ السيد مارك ، انتهت الحصة و خرجت لبعضِ الوقت ، تُنَفِّه عن نفسها ، و تتساءَل لم لا تستطيع رؤية سوزن كثيراً ، نبهها السوار ان الحصة التالية سـ تبدأ بعد عشرِ دقائق ، لذا عادت الى قسمِ الفيزياء و اخذت حقيبتها و انهت يومها الدراسي الاول بشكلٍ لا بأسَ به ، قررت زيارةَ المستوصف الطبي لتأخذَ بإستشارةِ الطبيب كما طلبتِ الآنسة ميلا ، إستقبلها الطبيبُ بحفاوة و ظل يستمعُ لها بما يُقاربُ النصفَ ساعة لِـ يخبرها ان ما يحدث لها مجرد ضغط و سَـ ينتهي في غضون ثلاثِ ايامِ اذا استمرت على اخذِ العلاج الذي وصفهُ لها ، اخذت ادويتها و توجهت نحوَ المكتبة لتنجزَ تقريرها كما طلبت الآنسة ميلا ، لكنها وجدت جميعَ طلابِ القسم خاصتها قد أخذوا الكُتب و الأطاريح و اي شيء قد يُمثل مصدراً لتقريرها ، التفتَ مايك فجأة ليرى ليليان و هي في حيرةٍ من أمرها ، نظرَ لها ساخراً ثم وقفَ الى جانبها ، انحنى ليصلَ الى أذنها و اخبرها ( أنه سَـ يُعيرها كتاباً واحداً فقط في حال ان توقفت عن كونها هادئة و يجب عليها ان تكون صاخبة و حيوية لا نائمة كـ حيوانِ الكسلان ) نظرت له بغضب شديد تركته و عادت الى شقتها ، وضعت راحَتي يديها على عينيها المُدمِعة ، مسحَت دموعها بعد معاناةٍ من سيلانِ الأنهارِ من عينيها ، القت نظراتٍ خاطفة على مكتبها لتجد مجموعة الكتب الترفيهية ، كانت سلسلة لتعريفية للاطفال عن النباتات بالاضافة الى شرحٍ بسيطٍ و وافي يسيتطع البالغ قبل الطفل ان يستوعبه ، شعرت ليليان بأن الجحيم حتى لو أغلقَ جميعَ ابوابه سـ تبقى بابٌ مفتوحة ، ابتسمت و كانها أخيراً وجدت مصباحَ علاءِ الدين بعد محاربتهِ لنفسهِ و كبحها ليأخذَ المجوهرات ، بدأت تقرأ بجد و تركيز حتى انها لم تشعر بدخول آلاء الى الشقة ، أخبرت آلاء ليليان أنهم سـ يجتمعون عند النافورة ان وَدَّت ان تلتحقَ بهم ، لكن ليليان اكتفت برفعِ يدها مشيرةً رفضها لهذه الدعوة ، خرجت آلاء و عادت ليليان الى تركيزها بعد ان عزمت ان تنجح بهذا التقرير بشكلٍ او آخر ، تناولت الدواء الذي وصفهُ الطبيبُ لها ثم اكملت دراستها ، شعرت ببعضِ الجوع نظرت الى الساعة فوجدتها قد شارفت على الدخول الى الساعة العاشرة ، وقفت و ذهبت الى الكافتيريا الخاصة بالمبنى ، أعدت شاياً خفيفاً برفقتهِ شطيرة جبن ، بحثت هي الاخرى عن زيتونٍ منزوعٍ النوى ، لكنها لم تجد إلا زيتوناً مع نواتهِ ، كانت الكافتيريا شبهَ فارغة ، يجلسُ هنا اثنان و هناك اربعة ، اعداد متباينة بين الخمسة عشر و العشورن ، جلست لوحدها ،و بدأت بتقطيع الزيتون لكنها جرحت احد اصابعها ، قامت لتغسيلها ثم عادت الى مكانها تأكل مما قطعته من الزيتون ، حتى جلسَ امامها شخصٌ ما ، رفعت رأسها لتجد انه وليد من حصة الفيزياء النووية ؛
ليليان : ماذا تفعل هنا ؟
وليد : آكل ... هل تمانعين ان جلست ؟
ليليان : اوه ماذا ... طبعا لا تفضل ...
وليد : اممم حسنا
_ عادت ليليان لتقطيعِ الزيتون لكنها جرحت اصبعاً آخر ، قامت لتغسيله ثم عادت لتجد ان وليد بدأ بتقطيع الزيتون بشكلٍ جميل يحافظ على شكلِ الزيتونة
ليليان : شكرا ..
وليد : انظري هكذا تقطعين الزيتون ... لقد جرحتِ اصابعكِ للتو ...
ليليان : آه لا تقلق لا بأس ....
وليد : حسنا تفضلي ...
جلست تأكل الزيتون الذي يقطعه وليد لها و تُراجعُ تقريرها للمرة الأخيرة ، لكنها باتت تنظر الى الطاولة و لم تجد تقريرها ، لان وليد قد سحَبَهُ من امامها و بدأ يقرأه ؛
وليد : ( اهيمة معرفة النباتات و فوائدها للطفل ، دمعةُ الطفل ) اسم لطيف ... كـ مؤلفته
إحمرَت ليليان خجلاً مما قاله و ضحكت بهدوء ، ثم اكمل وليد ؛
وليد : لطيف ... حقا تقريركِ لطيف ... مليء باللمساتِ الانثوية
نظرت ليليان نحوَ وجههِ و اخبرته ؛
ليليان : اذا ؟ هل هو جيد بما فيهِ الكفاية لأسلمه ؟
وليد : انه جميل و لطيف حقاً دونَ مبالغة ... لو قمتِ ببيعه لأشتريتهُ لِوَلدي مباشرةً !
ضحكت ليليان مرة اخرى ، القت نظراتها الى الساعة فوجدتها تقاربُ العاشرة و النصف ، شكرت ليليان وليد لتقطيعهِ الزيتونَ لها و لمديحهِ تقريرها .
في اليوم التالي ، اخذتِ الآنسة ميلا التقارير و شكرت جميعَ الطلاب على مجهودهم الذي بذلوه .........
مرتِ الأيام بسلاسة و هدوء ، لكنها بالطبع لن تخلو من مُضايقات مايك لِـ ليليان ، بالإضافة الى هذا ، لا زالت هي تمضي الليل قربَ النافورة تبكي و عندما تشعر ان الفجرَ قد قارب تعود لشقتها و تنام ثم تستيقظ و تذهب الى فصولها و هكذا ، لكن و في احد الأيام ، جذبها صوتُ انفاسٍ يتعالى و يتباطئ خلفَ البنايةِ الجديدة للذكور ، لم تُبالِ ليليان بالبداية لكنَ سُرعانَ ما لَعَنَت نفسها لان فُضولها سـ يُدَمِرُها يوماً ما ، تسللتْ ببطئ ، عَمَّ الهدوء تقريبا ، اذ لا يُسمع سوى خُطوِ الاقدام ، و انفاسِ ليليان التي تُحاول كتمها ، بينما في المقابل باتَ صوتُ الأنفاسِ يعلى و يتضارب مع دقاتِ قلبِ ليليان الخائف مما سَـ تواجِهُهُ من مجهول ، ألقتْ نظرة خاطفة ، انفتحت عيناها و وضعت يدها على فمها كي لا تُصدِرَ صوتاً ، لكن و لِـ سوءِ حظها ، أنها تعثرت بسببِ سذاجتها ، أغمضت عينهيها مُستسلمةً لما سَـ يحدُثُ لها ، صاحَ صوتٌ ما ؛
..................................... يتبع
Comments