###
كان المنزل في تلك الليلة أكثر ظلامًا من المعتاد، وكأن الجدران نفسها قد قررت الانضمام إلى الظلال. سارة كانت تجلس في غرفتها، تحاول جاهدة جمع شتات أفكارها بعد لقائها بإياد، الذي زاد الأمور تعقيدًا. لم تكن تعلم إن كان أمير صديقًا أم عدوًا، لكنه لم يكن عاديًا على أي حال.
"لماذا أنا؟ لماذا كل هذا يحدث لي؟" تساءلت بصوت خافت وهي تحدق في المرآة التي أصبحت جزءًا من حياتها اليومية رغماً عنها.
قبل أن تتمكن من الوصول إلى أي إجابة، سمعت طرقًا خافتًا على نافذة غرفتها. التفتت بسرعة، وقلبها ينبض بقوة. كانت النافذة تطل على الحديقة الخلفية، حيث لا يمكن أن يصل أحد بسهولة.
عندما اقتربت بحذر، رأت وجه أمير يطل من الظل، عينيه تلمعان في الظلام كأنه مزيج بين الإنذار والهدوء.
"هل قررت التسلل بدلاً من الطرق على الباب؟" قالت بسخرية، لكنها لم تستطع إخفاء توترها.
"كنت أحتاج إلى الحديث معكِ... بعيدًا عن إياد،" قال بصوت خافت.
**الكشف عن ماضٍ غامض**
سارة فتحت النافذة، وأشارت له بالدخول. عندما دخل الغرفة، بدا أمير مختلفًا قليلاً. كان هناك حزن عميق في ملامحه، لكنه حاول إخفاءه كما اعتاد دائمًا.
"ما الذي تريد أن تقوله؟" سألت وهي تقف على مسافة منه، حريصة على ألا تقترب أكثر مما يجب.
أمير جلس على طرف السرير، وتنهد. "هناك أمور لم أخبرك بها. إياد... ليس مجرد حارس للمنزل. إنه مرتبط بالمكان بطرق لا يمكنك تخيلها. وأنا... لست بريئًا كما قد تعتقدين."
سارة عبست، وشعرت أن حديثه بدأ يأخذ منحى أكثر غموضًا. "ما الذي تعنيه؟"
"ما أعنيه هو أنني كنت جزءًا من هذا المنزل قبل وقت طويل من أن تطأ قدماكِ هنا. كنت... أحد ضحاياه."
تجمدت سارة في مكانها. "أنت تقول إنك كنت حيًا؟"
"نعم. منذ سنوات عديدة، كنت شابًا يعيش حياة عادية، أو هكذا كنت أعتقد. لكن هذا المنزل... له قوانينه الخاصة. جذبني كما جذبكِ، وابتلعني بطريقة لم أستطع الهروب منها."
**تزايد التوتر**
بينما كان أمير يتحدث، بدأت الجدران تهمس بهمسات خافتة، كأنها تراقب كل كلمة يقولها. سارة شعرت بأن الغرفة أصبحت ضيقة، وكأن الهواء نفسه كان يثقل عليها.
"إياد يعلم الكثير عني، لكنه لا يثق بي. وأنا لا ألومه. كنت سببًا في أشياء كثيرة سيئة حدثت هنا. لكنني أريد أن أصلح ما أفسدته، وأريد أن أساعدكِ على الخروج قبل أن تصبحين جزءًا من هذا المكان."
"لكن لماذا؟ لماذا تريد مساعدتي؟"
أمير نظر إليها بصمت للحظة، ثم قال بصوت منخفض: "لأنكِ تذكرينني بنفسي... قبل أن أفقد كل شيء."
**ظهور إياد**
قبل أن تتمكن سارة من الرد، انفتح الباب فجأة، وظهر إياد واقفًا هناك. كان وجهه جامدًا كالصخر، وعيناه تتوهجان بالغضب.
"أمير، كم مرة قلت لك أن تبتعد عنها؟" قال إياد بصوت بارد.
"لن أسمح لك بأن تتحكم في كل شيء كما تشاء، إياد،" رد أمير، لكنه لم يتحرك من مكانه.
سارة وقفت بينهما، محاولة فهم ما يجري. "ما الذي يحدث هنا؟ لماذا تبدوان وكأنكما في حرب شخصية؟"
إياد ضحك بسخرية وقال: "أمير هنا يعتقد أنه يمكنه إنقاذكِ. لكن الحقيقة هي أن وجوده هنا هو الذي يجعلكِ في خطر."
"هذا ليس صحيحًا!" صرخ أمير بغضب.
**مواجهة مباشرة**
إياد اقترب بخطوات ثابتة وقال: "أمير، أنت تعلم جيدًا أن مشاعرك تجاهها هي سبب كل هذا. المنزل يشعر بها، ويتغذى عليها. كلما اقتربت منها، كلما أصبحت الأمور أكثر خطورة."
سارة، التي كانت تراقب بصمت، شعرت بأن الأمور تزداد تعقيدًا. "ماذا تقصد؟" سألت بصوت مرتجف.
"أقصد أن أمير ليس هنا لحمايتكِ فقط. هو أيضًا جزء من الفوضى التي تحيط بكِ. كلما حاول إنقاذكِ، كلما زاد ارتباطكِ بالمكان."
أمير التفت نحوها وقال: "لا تستمعي إليه. إياد يريد أن يبقيكِ هنا للأبد. يريد أن تكوني جزءًا من هذا المكان، لأنه يعتقد أن هذا هو مصيركِ."
"وأنت؟ ماذا تريد مني؟" سألت سارة، وعيناها ممتلئتان بالدموع.
"أريد أن تخرجي، أن تكوني حرة. لكنني لا أستطيع أن أعدكِ بأنني سأبقى معكِ. لأنني... لأنني عالق هنا، ولا يمكنني المغادرة."
**اللحظة الحاسمة**
في تلك اللحظة، بدأت الأرض تهتز، والجدران تصدر أصواتًا عالية كأنها تحتج على الحديث الذي يدور. إياد قال بصوت عالٍ: "لقد أيقظتِ شيئًا لا يمكنكِ التحكم فيه!"
أمير أمسك بيد سارة وقال: "علينا الخروج من هنا الآن!"
"لكن إلى أين؟" سألت وهي تلهث من الخوف.
"لا يهم. فقط علينا أن نبتعد عن القبو وعن إياد!"
ركضا معًا نحو الطابق العلوي، لكن الظلال كانت تلاحقهم، كأنها تحاول الإمساك بهم.
**النهاية المؤقتة**
في اللحظة التي أغلقا فيها باب الغرفة خلفهما، توقفت الظلال عند العتبة، وكأنها عاجزة عن الدخول.
أمير جلس على الأرض، متعبًا، ونظر إلى سارة. "هذا المنزل لن يتوقف حتى يحصل على ما يريد. لكنني لن أسمح له بأن يأخذكِ."
سارة جلست بجانبه، وعقلها مليء بالأسئلة التي لا تجد لها إجابات.
"ما الذي سنفعله الآن؟" سألت بصوت منخفض.
أمير نظر إليها وقال: "سنفعل ما يمكننا فعله... سنقاتل."
12تم تحديث
Comments
انيـن الـشوق 💔
احلى روايه بجد ضيعتي رواياتي كلهم ❤
2024-12-30
6