---
###
مرت الأيام ببطء قاتل في المنزل الجديد، كأن الزمن يجرّ خطواته بتثاقل. لم تستطع سارة التكيف مع المكان، كانت تشعر بأن كل شيء هنا يلفه غموض بارد. الجدران القديمة بدت وكأنها تحكي قصصًا لم يجرؤ أحد على سماعها، والرائحة الثقيلة التي تنبعث من الأثاث القديم كانت تتسلل إلى أنفها، كأنها رسالة من ماضٍ مجهول.
**أيام من العزلة والخوف.**
كانت سارة تقضي معظم وقتها في غرفتها، نافذتها الصغيرة تطل على شارع ضيق بالكاد تضيئه أعمدة الإنارة الخافتة. من حين لآخر، كانت تسمع أصوات الأطفال يلعبون في الخارج، لكن تلك الأصوات لم تكن تُشعرها بالراحة، بل كانت تبدو وكأنها تأتي من عالم آخر، بعيد جدًا عن عالمها.
أما والدها، فكان يغيب عن المنزل لساعات طويلة، يعود متأخرًا مترنحًا، وأحيانًا لا يعود على الإطلاق. ووالدتها، نورة، كانت تزداد انعزالًا يومًا بعد يوم. كانت تتحرك في أرجاء المنزل وكأنها شبح ينجز واجباته اليومية بلا روح.
**وفي إحدى الليالي، بينما كانت سارة تجلس على سريرها، شعرت بشيء غريب.**
كانت الساعة قد تجاوزت منتصف الليل، وكل شيء في المنزل كان ساكنًا بشكل غير طبيعي. حاولت أن تغفو، لكنها استيقظت فجأة على صوت خافت، أشبه بأنين يأتي من مكان بعيد. في البداية، ظنت أنه مجرد وهم أو ربما صوت الرياح التي تمر عبر النوافذ المتشققة، لكنها أدركت بسرعة أن الصوت كان ينبعث من داخل المنزل.
نهضت من سريرها ببطء، قدماها العاريتان تلامسان الأرضية الباردة. فتحت الباب بحذر، وتسللت إلى الممر المظلم. كان الصوت يزداد وضوحًا مع كل خطوة تخطوها. بدا وكأنه يأتي من الطابق السفلي، حيث الغرفة الصغيرة التي لم يجرؤ أحد على دخولها منذ وصولهم.
**اقتربت من الباب المغلق.**
ترددت للحظة، لكن فضولها كان أقوى من خوفها. مدت يدها المرتجفة نحو المقبض، وفتحته ببطء. كانت الغرفة مظلمة تمامًا، لكن الرائحة التي خرجت منها كانت نفاذة وغريبة، أشبه برائحة شيء قديم جدًا.
بحثت عن مفتاح الإضاءة، لكنها لم تجده. كانت عيناها تتأقلمان مع الظلام، لكنها لم ترَ شيئًا سوى أثاث مغطى بملاءات بيضاء متسخة. الصوت كان قد اختفى، وكأن حضوره كان مشروطًا بوجود الباب مغلقًا. شعرت بارتباك غريب، وكأن الغرفة تخفي شيئًا لكنها ترفض الإفصاح عنه.
---
**المنزل يكشف أسراره ببطء.**
في الأيام التالية، بدأت أشياء غريبة تحدث في المنزل. كانت سارة تستيقظ في منتصف الليل على أصوات خطوات خفيفة، لكنها عندما تخرج لتتفقد الأمر، لا تجد أحدًا. كانت تشعر أحيانًا بأن هناك من يراقبها، خاصة عندما تكون وحدها في الغرفة.
أخبرت والدتها عما يحدث، لكن نورة رفضت الاستماع إليها. قالت بصوت بارد: "إنها مجرد تخيلات. هذا المنزل قديم، طبيعي أن تصدري أصوات."
لكن سارة كانت متأكدة أن ما يحدث لم يكن مجرد أصوات طبيعية.
**الظلال تتحدث.**
ذات ليلة، وبينما كانت سارة تجلس على نافذتها، لاحظت شيئًا غريبًا في الحديقة الخلفية للمنزل. كانت ترى ظلالًا تتحرك بين الأشجار، وكأن هناك شخصًا أو شيئًا يراقبها. شعرت بقشعريرة تسري في جسدها، لكنها لم تتحرك.
وفي صباح اليوم التالي، قررت أن تتحقق من الأمر. نزلت إلى الحديقة، حيث الأعشاب الطويلة تنمو بلا عناية، والأشجار الكبيرة تحجب الضوء عن معظم المكان. وجدت شيئًا صغيرًا ملقى على الأرض، بدا وكأنه دفتر قديم.
التقطته، وفتحته ببطء. كانت الصفحات مليئة بكتابات غريبة، أشبه برسائل كتبها شخص في حالة يأس شديد. بعض الصفحات كانت تحمل رسومات لأشياء لم تفهمها، لكنها شعرت بأن هذه الرسومات تحمل معنى غامضًا، شيئًا مرتبطًا بهذا المكان.
---
**اكتشافات جديدة، وأسئلة بلا إجابات.**
بدأت سارة تشعر بأن المنزل يخفي أسرارًا أكبر مما تخيلت. كانت ترى والدتها تصرفاتها تزداد غرابة، وكانت تسمعها تتحدث أحيانًا مع نفسها بصوت منخفض. أما والدها، فكان يغيب أكثر وأكثر، وكأنه يحاول الهروب من شيء ما.
وفي إحدى الليالي، وبينما كانت تقلب صفحات الدفتر الذي وجدته، لاحظت شيئًا غريبًا. كانت هناك صفحة مفقودة، لكن آثار تمزيقها كانت واضحة. تساءلت إن كان لهذه الصفحة علاقة بما يحدث في المنزل.
قررت أن تبحث عن إجابات. بدأت تقضي ساعات طويلة في الطابق السفلي، تحاول فهم كل ما يدور حولها.
---
**ذروة الأحداث.**
في ليلة مظلمة، وبينما كانت سارة تجلس وحدها في غرفتها، سمعت صوتًا قويًا يهز المنزل. ركضت نحو الطابق السفلي، حيث وجدت الباب الذي كان مغلقًا دائمًا مفتوحًا على مصراعيه. كانت الغرفة مظلمة، لكنها شعرت بأن هناك شيئًا يتحرك بداخلها.
اقتربت ببطء، وعندما دخلت، شعرت بهواء بارد يلف جسدها. فجأة، رأت ظلاً كبيرًا يتحرك نحوها بسرعة. حاولت أن تصرخ، لكنها شعرت بأن صوتها اختنق في حلقها.
**الفصل ينتهي بسؤال مرعب:**
ما الذي رأته سارة في تلك اللحظة؟ وهل ستتمكن من الهروب من هذا الكابوس الذي بدأ يبتلعها؟
---
12تم تحديث
Comments