خاطفي

« ٩ »

_____________________________

توجّه جونغكوك للغرفة يتثاءب بين الفِينة و الأُخرى

الغرفة تشمل سريرين صغيرين نظراً لضيق حجمها، يتمدد تاي بظهره على سريره الخاص واضعاً مِعصمه فوق عينيه

خزانة الملابس عبارة عن صناديق من الورق المُقوّىٰ لسِلع إستُهلكت من قَبل، سحب جونغكوك إحداها من أسفل سريره فهذا مكانها المناسب

جلس على ركبتيه يستخرج منها ما يرتديه لتبعث الراحة لجسده عوضا عن تلك الملابس الغير مَرنة

صوت الأكياس البلاستيكية و إحتكاك الصندوق بالأرضية جعلت من النائم يجعد ما بين حاجبيه تعبيراً عن الإنزعاج و ضجره مما يحدث

"بربك جونغكوك، ألا يمكنك أن تصبح أكثر هدوءاً! ألا تحترم وجود شخصاً آخر بالجوار؟ "

نطق بينما يغير وضعية جسده للجانب الأيمن متحاشيا الصوت بوضع إحدى الوسائد فوق رأسه

"عذرا ظننتُكَ مستيقظاً "

نبس بتعجب

أعاد جميع أغراضه لأدراجها ليهم بالنهوض، أغلق الإضاءة ليقفز فوق سريره حاملاً بين يديه الهاتف الذي سرقه اليوم من إحدى المتاجر خِفيَة

ابتسَم حالما بدأ يعمل، تَفحّص التطبيقات و حَمَّل لُعبته الإليكترونية المفضلة

ما هي ثوانٍ حتى غَفى و استقبلت عيناه ضيف النوم

____________

سَعل بخفة فور استيقاظه، لا يريد مغادرة سريره الدافئ فهذه أقسى أنواع العُقوبة بالشتاء البارد

تفقَّد شاشة هاتفه لَعلّ وصلهُ رسالة جديدة، مكالمة فائتة من خطيبته هيورين

فرك عينه ليتضح له الرؤية

'صباح الخير عزيزتي، لازلنا على موعد الليلة'

أرسلها بعد وضع الرموز التعبيرية المناسبة، يَعلَم إستياءها المرة السابقة بنسيانه إرسال تلك الرموز، شَعرتْ هيورين بجدية الموقف و كأنه لا يرغب بالحديث معها

"فتيات"

تمتم جيمين بضحكة خافتة إثر تذكره

نهض أخيرًا عن سريره إستعدادا ليوم جديد، أزاح الستائر الثقيلة سامحًا للضوء الدخول للغرفة

هبط دَرجات السُلَّم بانتظام، بذلته السوداء الأنيقة، شعره مصفف لأعلى بإمالة للجانب الأيسر رابطة عُنقة الرمادية مُزركشة، حِذاءه الأسود اللامع

اليوم اجتماع هام بشَركة والده 'بارْك'

ارتشف آخر ما تبقى من قهوته ناظرا لابنه

" هل أنتَ مستعد؟ "

" أجل، رغم مخالجة التوتر بداخلي"

أردف لاعقا شفتيه

ابتسم بارك ليربت على كتفه

"أنا أثق بكَ بُنَي، لا تسمح لهذا الشعور بالنمو داخلك"

أومأ جيمين ليطمئن قليلا بعد كلمات والده

____________

غيوم القلق و الخوف الشديد خَيّم بسماء 'لي تشوا' الجالسة على مقعدها، أمطرت الظنون الكثيرة التي قد تَكُون حدثت لإبنتها الوحيدة لوڤين، لم تنَم مُنذ البارحة حتى باتت الهالات السوداء ظاهرة أكثر

"صباح الخير سيدتي"

نطقت 'مين كيونغ' أثناء تقدمها إليها

"من أين الخير و أنا لا أعلم شيء عن لوڤين!"

أردفت بصوت مُنكسر

"ستبدأ الشرطة بالبحث عنها لا تقلقي، أظن أنها تريد الإبتعاد قليلا، سيتم إيجادها هوّن عليكِ سيدتي، جسدك يحتاج للراحة"

أومأت 'لي تشوا' بينما تنهض متوجهةً لغرفتها، تناولت قُرص المنوم لتوقف عقلها المنشغل بابنتها تدعوا بأن تَكون بخير

_____________

صوت رَفعِه لسحاب مِعطفه القصير المصنوع من الجلد الأسود، أخذ نَظرَة خاطفة خلال المرآة المشوشة أمامه اثر رَداءتها، اهتز هاتفه معلنا وصول رسالة

" تايهيونغ، الليلة ستنال نِصف المبلغ عند تمام التاسعة مساءً، بمَلهى الكأس الأحمر"

خرج تايهيونغ من دورة المياة مرتديا ملابسه استعدادا لمغادرة المنزل

صَادَف جونغكوك المستيقظ للتو يفرك عينه اليُسرى

" لا تغادر ريثما أعود"

نطق تاي بينما يرتدي حذاءه

"حسنا، لكن ماذا سنتناول اليوم؟ تعلم أنه تبقى القليل من المال و أنتَ أخبرتني بالبقاء فلن أستطِع رؤية ما يحويه معاطف الأشخاص و حقائب النساء اليدوية"

تحدث جونغكوك بنبرة هادئة بينما يتثاءب بنهاية كلماته

رفع تاي رأسه لينظر بجدية

" ألن تكُف عن السرقة! "

" ربما بيوم ما، أو لا"

نهض تاي يلتقط مفاتيح السيارة المستأجرة لخطف لوڤين و إ عادتها

" بالنسبة للطعام أحضره اليوم و سنتقاسم عندما أقتضي مالي "

نطق تاي أثناء توجهه للباب الرئيسي

"ماذا! مجددا؟ أريد شحن رصيد هاتفي "

أردف جونغكوك بصدمة، تحطمت آماله بإكمال لُعبته المفضلة

" اليوم فقط كوك"

نطق تاي سريعا بينما وضع يده على مِقبض الباب

خرج ليتفقد السيارة، حقيبة نسائية بالمقعد الخلفي لفتت انتباهه، تَيقَّن أنها عائدة للوڤين، عاد مجددا لوضعها بالمنزل

لايزال كوك جالسا بخمول على الأريكة، أراد تاي جعله ينتبه نطق قائلا

" صحيح أعلم أنكَ فُضولي، تم اختياري لتنفيذ مهمة اختطاف، الفتاة تُدعى لوڤين، سأخبرك أكثر حينما أعود"

لم يترُك فرصة لكوك بالتحدث بحرف واحد لأنه غادر بالفعل، نهض أخيرا من مكانه يستعد ليوم جديد

_____________

حَل المساء، و غادرت الشمس لمنامها لتستقبل السماء ظُلمتها

ألقى كوك العلبة الفارغة بسلة القمامة بعد تناوله ما بداخلها من طعام

توجه للقبو ليتأكد من أن لوڤين فَعلتْ المِثل، لقد حَرَّر يديها، لن تتجاوز الباب على أي حال و لا يوجد مَنفذ آخر للهروب

" هل تحتاجين لشيء ما؟ "

أردف بعد أن بدى التعب واضحا بملامحها الذابلة

أومأت بالإيجاب فهي لا تشعر أنها بخير على الإطلاق تتمنى لو ما يحدث حولها وهم من نسج خيالها

تقدم لتتحدث إليه بنبرة أقرب للهمس

" أريد الذهاب لدورة المياة"

رمش جونغكوك، شعر بالخجل و الحيرة بآنٍ واحد، لا يُجيد التصرّف بتلك المواقف

عدم وجود تايهيونغ سبب لهأزمة في التفكير، لكن لا وجود لرد آخر

"حـ.. حسنا، اتبعيني"

تحدث أثناء صعود الدَرج

جالت لوڤين بنظرها حول المكان البسيط، رغم ضِيقهُ إلا أنها شعرتْ بحُرية من نوع آخر عوضا عن ذاك القبو المُظلم شديد البرودة بالأسفل

"سأنتظرك هنا"

تحدث ليجلس على الكرسي القريب من باب دورة المياه، أومأت له بهدوء لتدخل و تؤصد الباب من خلفها

"أتمنى ألا يأتي تايهونغ الآن"

همس كوك بينما يحرك قدمه بتوتر

كم تريد لوڤين الصراخ و طلب النجدة، لكنها كــفأرٍ بمِصيدته لا أحد يكترث له أو يسمع استنجاده

وقفت أمام المرآة ناظرة للجزء الواضح لانعكاسها

غسلت وجهها بالمياه لتستفيق مما يحدث لها، لكن دون جدوى فالواقع لا هروب منه سوى وقت الموت

خرجت آخيرا، استعد كوك لإرجاعها للقبو

"إذا سمحت... "

أردفت لينظر لها منتظرا اجابتها

"الجو بارد جدا، ألا يوجد معطف أثقل أتدفأ به؟ ، أراك شخصاً نبيلا"

ابتسم كوك

"حسناً، سأرى"

دلف كوك لغرفة نومه التي يتشاركها مع تايهيونغ

جلس أرضا ليسحب أحد الصناديق بينما تنتظره لوڤين الواقفة بجوار الباب، التقى بصرها بالمفتاح المُعلق بفوهة الباب من الخارج

"دقيقة اني على وشك ايجاد شيء مناسب لكِ"

قال جونغكوك بينما تركيزه منصب في البحث بين الملابس

لم تتردد لوڤين لتسحب الباب بسرعة بينما توصده بالمفتاح من الخارج

انتفض الآخر ليكتشف بأنه أوقع ذاته بورطة كبيرة

"أنا آسفة أيها النبيل، و شكرا لك على كل حال"

أخبرته لوڤين بينما تركض باحثة عن مخرج من المنزل و لم يستغرق الأمر وقتا طويلا لأنها وجدته بالفعل

حاول جونغ كوك فتح الباب لكنه لم يستطِع

"تبا...! "

"لوڤين عودي"

صاح من الداخل

ركضت للخارج، اسنشقت الهواء الطبيعي، اختلطت المشاعر بداخلها بين السعادة و القلق، لقد استطاعت الهرب أخيرا ستعود لحياتها و غرفتها و الأشخاص التي اعتاد على وجودهم من حولها، والأهم نالت حريتها و التخلص من الخطر الذي داهمها تلك المدة

___________________

يتبع..

*** قم بتنزيل NovelToon للاستمتاع بتجربة قراءة أفضل!***