8 الفصل

تنظيف المستودع الخلفي في الليل المتأخر وهي بجسد مثقل بالتعب، كان يُشعر جيسيكا برغبة في الإغماء. أيُعقل أن ذلك الرجل المدعو أكسل لا يملك ذرة شفقة؟ كيف يقسو هكذا على امرأة؟

*هل يتعين عليّ أن أموت ليتحقق انتقامه مني؟* - تفكر جيسيكا.

إن حالة جسدها المُنهَكة وتفكيرها المضطرب، جعلتها تفكر في أخذ المنحى السهل. فبدأت تبحث في المستودع الذي لم تكمل تنظيفه بعد، آملة إيجاد شيء تستخدمه لإنهاء حياتها.

أطلقت جيسيكا زفيرًا خفيفًا عندما لم تجد شيئًا لاستخدامه. فتجلس على أرض المستودع القذرة والمليئة بالغبار.

"يا لك من عمل، يا جيس. قد تُغمى عليكِ وتموتين إن استمر تعبُك هكذا"، همست لنفسها.

كادت تبدأ مجددًا في التنظيف، حين سمعت صوت أكسل الجهوري يناديها مرة أخرى. كان الرجل يتعامل معها كما لو كانت عبدًا بلا كرامة.

"أحضري كأسًا!"، أمر أكسل، الذي لم يكن قد ذهب إلى النوم بعد، مستمتعًا بكل لحظة عذاب يلحقها بجيسيكا.

غسلت جيسيكا يديها المتسختين أولاً، ثم أحضرت كأسًا كما أمر أكسل. ظل الرجل الجالس على كرسي متحرك يراقبُها بنظرات حادة ويتابع كل حركاتها، ما أثار انزعاج جيسيكا.

"ها هو الكأس، سيدي"، قالت جيسيكا التي اعتادت مناداته بـ"سيدي" بدلًا من "أخي" الذي كانت تحترمه بها في السابق.

برانغ

دفع أكسل الكأس الذي ناولته إياه جيسيكا فسقط على الأرض وتحطم.

"لا أرغب في شرب من كأس أحضرَتْه يداك، مقززٌ!"

*إن لم تكن ترغب، فلِمَ طلبت مني أحضاره؟* - فكرت جيسيكا.

ولم تكد تنتهي من تنظيف المستودع حتى واجهت أكسل، الذي بدا أنه ثائر الآن.

"نظفي الفوضى هذه بسرعة!" أمر أكسل ثم ابتعد على كرسيه المتحرك.

تنهدت جيسيكا بهدوء وبدأت في جمع قطع الزجاج المتناثرة. عيناها تتسعان وهي تنظر إلى الأشياء اللامعة التي تحيط بها الآن. شعرت كأنها قد وجدت كنزًا ثمينًا قد يخلصها.

سريت

شعرت جيسيكا بشيء دافئ يسيل على معصمها. لم تشعر بألم، بل ابتسمت أثناء فعلها ذلك.

"أنا حرة الآن، أليس كذلك؟"، همست.

بدأت رؤيتها تضباب شيئًا فشيئًا حتى سقطت على الأرض وفقدت الوعي.

**

فَتحت جيسيكا عيناها ذات اللون الأزرق المُخضر، وهي تشعر بالضوء الأبيض الشديد يخترق جفونها.

عندما أدركت أنها لا في الجنة ولا في النار، تنهدت جيسيكا بهدوء. رأت شخصًا يجلس على الأريكة ويغط في النوم. نعم، إنه جيمي، أحد المساعدين الشخصيين لأكسل.

استفاق الرجل عندما سمع تحركات جيسيكا، "هل استيقظتِ؟"

نظرت جيسيكا إليه وهي تتفحص رجلًا يمكن القول بأن وسامته تشبه وسامة أكسل. "لماذا أنقذتني؟ ألا يمكنكم أن تتركوني أموت؟"

"لن تموتي بسهولة حتى أسمح لكِ بذلك"، قال أكسل، الذي دخل الغرفة للتو بعد أن أوصله إيريك إلى غرفة العلاج.

نظرت جيسيكا إلى حضور أكسل وإيريك بتعابير حادة. كانت تكره كل الرجال الذين أمامها، تكرههم بشدة. أغلقت شفتيها ورفضت التحدث إليهم أجمعين.

قبل ذلك، كانت جيسيكا، التي قطعت معصميها بقطعة زجاج، قد نجت بفضل جيمي، الذي جاء إلى المكان عندما سمع صرخات أكسل في منتصف الليل.

لكن، ما وجده هو جيسيكا التي قد فقدت وعيها ومعصمها متسول. لم ينتظر جيمي ولا لحظة، فحملها على عاتقه وأسرع بها إلى المستشفى.

بعدها، اتصل جيمي بإيريك ليخبر أكسل بحالتها في صباح اليوم التالي. وها هو أكسل الآن.

بعد التفكير في أنها لا يجب أن تذعن لأكسل، رمقت جيسيكا الرجل بنظرة شرسة. إذا أراد أن يدمر شركة والدها جوردي، فليفعل. ألم يكن والدها جوردي غير مبالٍ بها؟

نزعت جيسيكا إبرة المحاليل الوريدية من ذراعها، ثم نظرت إلى النافذة المفتوحة. ركضت إليها بسرعة، تريد القفز. لا يهم في أي طابق كانت، المهم أن تموت.

كادت أن تتسلق النافذة للقفز عندما شدها أحدهم من خصرها وأعادها مرة أخرى إلى السرير المتحرك.

"دعني!" صرخت جيسيكا، لكن جيمي لم يتركها. دعا المساعد فورًا الطبيب بضغط زر الاستدعاء.

"بعد الانتهاء من هنا، اصطحبها إلى المنزل، يا جيم!" أمر أكسل الذي طلب من إيريك أن يخرجه من هناك.

**

داخل السيارة، زفر أكسل بعمق. خفق قلبه قليلًا بسرعة وهو يرى جيسيكا تنزع إبرة المحاليل من ذراعها، فسالت الدماء على الأرض، وهي تهرول نحو النافذة تود القفز منها.

لو أن جيسيكا قد قفزت حقًا، لما نجت المرأة، لأن غرفة علاجها كانت في الطابق الخامس.

"هل أنت بخير، يا سيدي؟" سأل إيريك وهو يراقب حالة أكسل من المرآة الوسطى.

"أنا بخير يا ريك،"، ردّ أكسل، "أيضًا، تأكد من عدم وجود أي شيء حاد في غرفة نومها؛ فلا أريد أن تموت قبل أن أنتهي منها."

"حالًا، يا سيّد."، أجاب إيريك.

بعد أن أوصل مسؤوله إلى غرفة نومه، دخل إيريك إلى غرفة نوم جيسيكا التي كانت في السابق غرفة قديمة غير مأهولة وغير نظيفة. بحث في كل ركن من الغرفة ليتأكد من عدم وجود شيء حاد يمكن لجيسيكا استخدامه لإنهاء حياتها كما فعلت من قبل.

"ما أقسى حظك!"، همس إيريك.

في المستشفى، استمر جيمي في مرافقة جيسيكا. راقب المرأة وهي تعالج مرة أخرى من قبل الطبيب بسبب إعادة فتح جرحها الرطب. كذلك، تسبب نزع الإبرة من موضع الإصابة في ذراعها في نقل المحاليل الوريدية إلى الذراع الأخرى.

"لا تعيدي الكرّة مجددًا،" قال جيمي.

نظرت جيسيكا إلى وجه جيمي، الذي يظهر أيضًا بمظهر وسيم كما أكسل. لكن لا شيء كان يغير من مشاعر الكره التي تحملها جيسيكا للرجلين، اللذين جعلاها تعيش تعذيب الحياة الذي لا ينتهي.

"لا تتظاهر بالشفقة، من حقي أن أفعل ما أريد بحياتي. أليست حياتي لا تساوي شيئًا في أعينكم جميعًا؟ لا تجعلوني أضحك على تظاهركم بالاهتمام، أنتم جميعًا نفس الشيء! لعنةً عليكم وعلى تصرفاتكم المزعجة!"

صمت جيمي وتحمل شكاوي جيسيكا. وبعد الحصول على موافقة الطبيب، أعاد جيمي جيسيكا إلى مقر إقامتها لدى أكسل.

"اعبرِي إلى غرفتك واستريحي" قال جيمي.

كانت نظرة جيسيكا له مليئة بالكراهية، تمامًا كما نظرت سابقًا إلى أكسل. لم تتفوه جيسيكا بكلمة، وتوجهت مباشرة إلى غرفة نومها.

عندما دخلت إلى غرفتها، تطلعت حولها. شعرت بأن هناك شيئًا مختلفًا. كان هناك تغيير في الغرفة، فبدأت جيسيكا تفحص أغراضها بدقة.

🌹🌹🌹

*** تم توقيع هذا العمل مع NovelToon، ويُمنع بشدة القرصنة مثل إعادة النشر بدون إذن.***

*** قم بتنزيل NovelToon للاستمتاع بتجربة قراءة أفضل!***