الفصل العاشر

الفصل العاشر: الهروب إلى المجهول

لم يكن هناك مجال للتردد. مع كل ثانية تمر، كانت فكرة أن أحدهم يتعقبهم تترسخ أكثر فأكثر في أذهانهم.

جوني تحرك أولًا، أخرج هاتفه من جيب سترته مرة أخرى، تفقد رسائله بسرعة، لكن لم يكن هناك أي رد من الشخص الذي تواصل معه. زفر بضيق، ثم رفع رأسه نحو كارلا وإيفان، اللذين كانا يقفان عند الباب، ملامحهما تعكس التوتر ذاته.

“يجب أن نتحرك الآن.” قال بصوت منخفض لكنه حازم.

كارلا عقدت حاجبيها، أخذت نفسًا عميقًا، ثم نظرت إلى إيفان، الذي كان يمسك بيدها الصغيرة بإحكام. لم تكن تعرف ما إذا كان ذلك بسبب الخوف أو بسبب شيء آخر، لكنها شعرت بأن حرارة يده تمنحها قليلًا من الطمأنينة وسط كل هذا الغموض.

“أنت متأكد أن الكوخ مكان آمن؟” سألت أخيرًا، محاولة إخفاء قلقها.

جوني أومأ دون تردد. “نعم. لا أحد يعرف عنه سوى عائلتي، ولا أحد يذهب إليه إلا نادرًا. إنه بعيد عن المدينة، محاط بالأشجار، ولن يتمكن أحد من العثور علينا هناك بسهولة.”

كارلا لم يكن لديها خيار آخر. أومأت بالموافقة، رغم أن جزءًا منها لم يكن مرتاحًا لفكرة الذهاب إلى مكان ناءٍ مع جوني، شخص بالكاد تعرفه، وطفل من المستقبل يدّعي أنه ابنهما.

لكن لم يكن هناك وقت للمنطق الآن.

“حسنًا، فلنذهب.”

جوني لم ينتظر أكثر. تحرك بسرعة نحو الباب، فتحه بحذر، وألقى نظرة خاطفة إلى الخارج. الشارع بدا هادئًا، لا أثر لأي سيارة سوداء أو أي حركة غير طبيعية. لكنه لم يطمئن تمامًا.

أشار إليهما بالخروج، فخطت كارلا إلى الخارج أولًا، ممسكة بإيفان بقوة، ثم تبعهما جوني وأغلق الباب خلفه بهدوء.

مشوا بسرعة نحو السيارة، وكانت خطواتهم سريعة لكن حذرة. جوني ضغط على زر فتح السيارة عن بعد، فأصدرت صوتًا خافتًا وهي تفتح أقفالها. أسرع بفتح الباب الخلفي وأشار لإيفان بالدخول. الطفل لم يحتج إلى توجيه إضافي، قفز إلى الداخل بسرعة وجلس في المقعد الخلفي، بينما ركبت كارلا في المقعد الأمامي.

جوني استدار حول السيارة، صعد إلى مقعد السائق، ثم أغلق الباب خلفه بحركة حازمة.

“اربطا الأحزمة.” قال وهو يشغل المحرك، ففعلت كارلا ذلك فورًا، وكذلك فعل إيفان، رغم أنه كان يتخبط قليلًا في محاولة تثبيت الحزام حوله، مما جعل كارلا تمد يدها لتساعده.

المحرك أطلق هديره المنخفض، وضغط جوني على دواسة الوقود ببطء، فأخذت السيارة تتحرك بسلاسة على الطريق.

لكن مع كل متر يقطعونه بعيدًا عن المكان، كان شعورهم بأنهم تحت المراقبة لا يزال يلاحقهم.

“أي طريق سنأخذ؟” سألت كارلا وهي تنظر إلى جوني، الذي كانت عيناه مثبتتين على الطريق أمامه.

“سأسلك الطريق الخلفي للخروج من المدينة. الطرق الرئيسية قد تكون مراقبة، وإذا كان هناك أحد يتبعنا فعلًا، فأنا لا أريد أن نجعل الأمر سهلًا عليهم.”

كارلا أومأت، لكنها لم تستطع منع نفسها من النظر عبر المرآة الجانبية، وكأنها تتوقع أن ترى سيارة سوداء تتبعهم في أي لحظة.

مرت خمس دقائق من القيادة الصامتة. لم يكن هناك شيء غير طبيعي. الشوارع بدأت تفرغ تدريجيًا، خاصة أنهم كانوا يخرجون من المنطقة السكنية الفاخرة إلى أطراف المدينة.

لكن فجأة، تحدث إيفان.

“انعطف يسارًا عند التقاطع القادم.”

جوني عقد حاجبيه، ألقى نظرة خاطفة على الطفل عبر المرآة الخلفية. “لماذا؟”

“لأنهم هناك.”

كارلا شعرت بقلبها يسقط في معدتها. التفتت فورًا لتنظر من النافذة الخلفية، ورأتها.

سيارة سوداء، تتحرك في الخلف، ليست قريبة جدًا لكنها ليست بعيدة بما يكفي لتكون مجرد مصادفة.

جوني لم يحتج إلى مزيد من التأكيد.

“تمسكا جيدًا.”

ضغط على دواسة الوقود فجأة، فانطلقت السيارة بسرعة، بينما انعطف يسارًا في اللحظة الأخيرة. العجلات احتكت بالإسفلت بقوة، وأصدر المحرك هديرًا أعلى من المعتاد.

السيارة السوداء لم تتأخر. انعطفت هي الأخرى بسرعة، مما أكد شكوكهم تمامًا.

“تبًا… إنهم يتبعوننا.” تمتم جوني من بين أسنانه، بينما ضغط على دواسة الوقود أكثر، متجهًا نحو الطرق الفرعية التي كانت أضيق وأقل إضاءة.

“من هؤلاء؟!” صاحت كارلا، محاولة كبح الخوف الذي بدأ يتصاعد في صوتها.

إيفان لم يجب. كان مشدودًا في مقعده، عينيه واسعتين لكنه لم يكن يبدو خائفًا بقدر ما كان متيقظًا.

جوني لم يكن يملك إجابة أيضًا، لكنه كان يعلم شيئًا واحدًا: لن يدعهم يُمسكون بهم.

استدار في شارع ضيق بسرعة، مما جعل السيارة تميل قليلاً، لكن مهاراته في القيادة كانت واضحة، حيث تمكن من السيطرة عليها بسهولة.

السيارة السوداء تبعته دون تردد.

“جوني، إنهم يقتربون!” صرخت كارلا عندما رأتهم يزيدون سرعتهم.

“تمسكا جيدًا.” قال بصوت بارد، قبل أن ينحرف فجأة إلى ممر جانبي بالكاد كان مرئيًا.

السيارة ارتدت قليلًا بفعل الطريق غير المستوي، لكنهم لم يتوقفوا. كانت الأشجار تحيط بهم من كل جانب، والطريق أصبح أكثر وعورة، لكنه كان يؤدي إلى وجهتهم: الغابة التي تحيط بالكوخ.

السيارة السوداء لم تتبعهما هذه المرة. عندما خرجوا من الطريق الفرعي إلى المسار الغابي، لم يكن هناك أثر لها خلفهم.

بعد دقائق من القيادة المتوترة، بدأ الطريق يصبح أكثر هدوءًا، وأصبحت الأضواء خلفهم تتلاشى تدريجيًا.

وأخيرًا، عندما أصبحوا داخل حدود الغابة، أبطأ جوني سرعته، ثم توقف تمامًا بجانب شجرة ضخمة.

كان الجميع صامتين. لم يكن هناك سوى صوت أنفاسهم السريعة.

كارلا استدارت إلى الخلف، تفحصت إيفان، الذي كان لا يزال مربوطًا بحزام الأمان، عيناه ثابتتان على النافذة، لكنه بدا أكثر هدوءًا من المتوقع.

جوني أغمض عينيه لثانية، زفر ببطء، ثم قال:

“لقد نجونا… مؤقتًا.”

كارلا لم ترد، لكنها شعرت أن هذه الليلة لم تنتهِ بعد.

بل ربما، كانت مجرد بداية ما هو أسوأ.

(يتبع…)

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon