الفصل الرابع

الفصل الرابع: قرار لا رجعة فيه

ساد صمت ثقيل في الغرفة بعد كلمات الممرضة. كانت كارلا تشعر وكأن عقلها يحاول معالجة آلاف المعلومات في وقت واحد، لكنها لم تستطع التوصل إلى أي تفسير منطقي.

أما جوني، فكان يحدق في الممرضة وكأنه ينتظر منها أن تضيف شيئًا، أي شيء، قد يجعل الأمور أكثر وضوحًا. لكن لا شيء.

“لا يوجد أي سجل له؟” كرر بصوت منخفض، محاولًا التأكد من أنه لم يسمع خطأ.

الممرضة أومأت برأسها بجدية. “نعم، بحثنا في قاعدة البيانات ولم نجد أي تطابق. حتى الشرطة لم تتلقَ أي بلاغ عن طفل مفقود بهذه المواصفات. وكما قلتُ، إنه يرفض الابتعاد عنكما. كلما حاولنا إبعاده عن الغرفة، بدأ في البكاء والصراخ قائلاً إنكما والديه.”

كارلا ابتلعت ريقها بصعوبة. نظرت إلى الطفل الذي كان يجلس بهدوء على السرير، يتأملهم ببراءة وكأنه غير مدرك لحجم الفوضى التي تسبب فيها.

لكنها كانت ترى في عينيه وعيًا أعمق من عمره. كان ينظر إليها وإلى جوني وكأنه يعرف كل شيء عنهما… أكثر مما يعرفانه عن نفسيهما.

جوني زفر بحدة، ثم أدار وجهه ناحية النافذة، يحاول استيعاب الوضع. لم يكن يعرف كيف يتعامل مع الأطفال، وبالتأكيد لم يكن مستعدًا للتعامل مع طفل يدّعي أنه ابنه من المستقبل.

لكن قبل أن يتمكن أي منهما من قول شيء آخر، تحرك إيفان من مكانه، وقفز عن السرير الصغير الذي كان يجلس عليه. هرع نحو كارلا، ثم رفع يديه نحوها، يطلب منها أن تحمله.

كارلا ترددت للحظة. جزء منها أراد أن تتراجع، أن تبتعد عن كل هذا، لكن هناك شيء غريب في نظراته جعلها تشعر بضعف مفاجئ.

ببطء، مدّت يديها وحملته، لتجده يلف ذراعيه الصغيرتين حول عنقها ويضمها بقوة.

“اشتقت لكِ، ماما.”

شعرت بقلبها يتوقف للحظة.

كيف لطفل لم تره من قبل أن يقول هذا وكأنه يعرفها منذ سنوات؟ كيف يعانقها بهذه الطريقة وكأنها عالمه كله؟

رفعت عينيها ببطء لتنظر إلى جوني، الذي كان لا يزال واقفًا متصلبًا. عينيه الخضراوان كانتا تحملان خليطًا غريبًا من الصدمة، الإنكار… والخوف.

الممرضة ابتسمت بخفة، وكأن المشهد أمامها طبيعي تمامًا. “حسنًا، يبدو أنه لن يترككما بسهولة.”

ثم التفتت إلى الطبيب وقالت: “سأتصل بخدمات الرعاية الاجتماعية لنرى إن كان هناك أي حل لهذا الوضع.”

لكن قبل أن تتمكن من الخروج، أمسك إيفان بقميص كارلا الصوفي بقوة، ثم هتف بصوت مرتجف:

“لا! لا أريد الذهاب إلى أي مكان! أريد أن أبقى مع ماما وأبي!”

بدأ صوته يهتز، وعيناه امتلأتا بالدموع. رغم أنه كان يبدو شجاعًا في البداية، إلا أن الخوف بدأ يتسلل إلى ملامحه، وكأن فكرة الانفصال عنهما كانت أكبر من قدرته على التحمل.

كارلا شعرت بشيء يشد قلبها عندما رأته على وشك البكاء. لا تعرف لماذا، لكن فكرة رؤيته يبكي جعلت داخلها يتألم بطريقة لم تفهمها.

نظرت إلى الطبيب بسرعة، ثم قالت بتردد: “هل… هل يمكنه البقاء معنا حتى نجد والديه الحقيقيين؟”

الطبيب بدا متفاجئًا، لكنه أومأ بعد تفكير. “حسنًا، بما أنه لا يوجد أي سجل له، والشرطة لم تتلقَ بلاغًا عنه، يمكننا السماح بذلك بشكل مؤقت. لكن يجب أن تتواصلا مع الجهات المختصة قريبًا.”

كارلا أومأت بسرعة، ثم نظرت إلى جوني، الذي لم يقل كلمة واحدة منذ دقائق. كان واضحًا أنه لا يوافق على هذا القرار، لكنها لم تهتم.

الشيء الوحيد الذي كان يهمها الآن هو أن الطفل بين يديها لم يعد يرتجف خوفًا.

بعد دقائق، خرج الطبيب والممرضة، تاركين الغرفة في صمت غريب.

كارلا تنهدت بعمق، ثم نظرت إلى إيفان الذي كان لا يزال متشبثًا بها. “هل أنت بخير الآن؟”

إيفان أومأ برأسه بسرعة، ثم نظر إلى جوني وقال بنبرة مرحة: “لكن أبي يبدو غاضبًا.”

كارلا التفتت إلى جوني، الذي كان يحدق في الطفل وكأنه لم يقرر بعد إن كان يريد الصراخ أم المغادرة ببساطة.

لكن بدلًا من الانفجار، زفر جوني بحدة، ثم مرر يده في شعره بإحباط وقال بصوت منخفض:

“يا إلهي… في أي ورطة وضعنا أنفسنا؟”

———

(يتبع…)

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon