ظلال الروح

في تلك الليلة الكئيبة، كانت السماء تنقلب فوقي كلوحة رمادية خانقة، وكنت أسير في شوارع المدينة، قلبي يشتعل بالألم، وكأن كل ضوء حولي ينطفئ شيئًا فشيئًا. عينيّ لم تتوقفا عن تساقط الدموع، ووجعي كان عميقًا، يثقلني حتى أبتلع كل ندم وفقدان لم أستطع التعامل معه. لقد رحلوا، ولم أعد أحتمل فكرة أنهم إنتحرو... لن يعودوا أبدًا.

ريوجي ويوكا، كانا أكثر من أصدقاء، كانا عائلتي. ومن دون تحذير، قررا أن يغادرا هذا العالم. كنت أحاول أن أُدرك ما حدث، كيف يمكن لشخصين كانا يمسكان يدي في أوقات الحزن، أن يختارا إنهاء حياتهما؟ الأجوبة كانت تتردد في رأسي كأصوات قاسية. لكن في النهاية، لم يكن هناك سوى الصمت.

..."ما زلت أتساءل كيف يمكن للنجوم أن تواصل اللمعان بينما أنا هنا، غارق في الظلام."...

بدأت أشعر بالتشوهات في عقلي. أفكار سوداوية تتوالد كوحوش تتغذى على حزني، تلتهم كل خيط من الأمل. كيف لي أن أعيش في هذا العالم الخالي من ضحكاتهما؟ حاولت أن أبحث عن تفسيرات، لكن كان كل ما أجد هو الفوضى.

ذهبت إلى مدرستنا القديمة، حيث كانت أصواتنا تتردد بين الجدران. جلست على الدرج، أسلم نفسي للألم. كل زاوية تذكرني بريوجي الذي كان يضحك، ويوكا التي كانت تغني. شعرت بأن قلبي قد تمزق إلى قطع صغيرة، وبكيت، لكن لم يكن هناك أحد يستمع.

تجمعت حولي مجموعة من الزملاء، وكانت نظراتهم تجوب بيني وبين بعضهم البعض. كانوا يحملون تعابير القلق والشفقة، لكن لم يكن لديهم أي فكرة عن المعاناة التي كنت أعيشها. كانوا يتحدثون بهدوء، وكأنهم يخافون من كلماتي. كنت أشعر وكأنني غريب في بلدي، حيث كل شيء أصبح غير مألوف.

..."كانوا يبتسمون، لكني كنت أرى من خلال الابتسامات، فقط ظلال الحزن."...

أغمضت عيني وبدأت أسترجع ذكريات الأوقات التي قضيتها مع ريوجي ويوكا. كيف كان بإمكاني أن أراهم في كل مكان، ولكن الآن، كل شيء مجرد ذكرى مؤلمة. كنت أشعر بالانفصال عن الحياة نفسها، وكأنني أقف على حافة الهاوية.

وفي تلك اللحظة، حدث ما لم أتوقعه. جاءني شعور غريب، كأنما صوتًا داخليًا يناديني. "لا مفر، لا مفر." كانت كلمات تتردد في ذهني. شعرت بأنني في دوامة من الجنون، حيث كل الأفكار كانت تزداد حدّة، تضغط على صدري. أدركت أنني كنت أحتفظ بالوجع بداخلي، لكنني لم أعد أريد ذلك.

..."الآن، أريد أن أطلق صرخة، صرخة تدوي في كل زوايا هذا العالم."...

أحاطت بي الأضواء من كل جانب، بينما كنت أبحث عن طريقة لإيصال صوتي. زاد صوتهم، وضجيجهم، وكأنهم يرغبون في إيقافي. لكنني لم أعد مهتمًا. لم أعد أرغب في هذا العذاب. نظرت إلى الحشد، إلى تلك الوجوه التي كانت شاهدة على ألم لا يمكن تصوره، وقررت أن أتحرر.

"أريدكم أن تشعروا بما أشعر به!" صرخت، لكن كلماتي كانت تتلاشى في صدى الفضاء. سحبت سكينًا صغيرًا من جيبي، كان باردًا كالألم الذي يعتصرني. "هكذا سأتحرر!" صرخت مرة أخرى، لكن هذه المرة، كان الصوت أقوى، أكثر حدة.

..."هل تسمعونني الآن؟ هل تشعرون بالألم الذي أعيشه؟"...

عندما طعنت نفسي، كان الألم يفجرني كفجرٍ مفاجئ. كنت أشعر بالدم يتدفق كالشلال، وكأنني أُغسل من كل تلك الخطايا والأحزان. تحولت عيونهم إلى دوائر من الرعب، صرخاتهم كانت كصدى الندم.

وبينما كنت أستسلم لتلك اللحظة، كانت كل الذكريات تتلاشى. ريوجي، يوكا، كل الضحكات، كل الأحلام. كنت أخيرًا حرًا. حرًا من كل شيء. أسقطت السكين من يدي، وبدأت أرى الضوء يتلاشى.

..."الموت هو الخلاص، هو الباب الذي يقودني إلى الأمل المفقود."...

أغلقت عيني، بينما كنت أستشعر الدفء يتلاشى ببطء. ورغم أنني كنت محاطًا بالحشد الذي رآني أموت، كان هناك نوع من السلام الذي غمرني. أدركت أنني قد غادرت هذا العالم، لكنني كنت أخيرًا مع ريوجي ويوكا. كانوا ينتظرونني في تلك الزاوية المظلمة، في مكان بعيد، بعيد عن كل هذا الألم.

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon