الليل كان مظلمًا بشكل غير عادي، كأنه يحاول أن يبتلع كل شعاع من الضوء الأشجار خارج نافذتي كانت تتمايل برفق، وكأنها تحاول أن تنقل لي همسات الماضي، أصوات ضائعة تبحث عن مكان لتستقر فيه. كلما نظرت إلى السماء، كلما شعرت بثقل الذكريات يزداد، كأنها قيد ثقيل حول رقبتي.
..."الأحزان لا تختفي. إنها تكمن في زوايا القلب تنتظر اللحظة المناسبة لتظهر."...
كنت أشعر بالأرق يتسلل إلى جسدي. كل جزء مني كان يئن تحت وطأة الألم. أفكار متضاربة تشوش ذهني صور من الماضي، ذكريات تلك الليالي الساكنة، أحلام تبددت كالدخان. كنت أرى يوكا وجهها الشاحب وعينيها الغارقتين في الحزن وهي تتراجع بعيدًا، تاركة وراءها صدئ من الأمل الذي كان يوما ما ينير أيامنا.
..."في كل لحظة من الصمت، يمكن أن تجد صوتا. صوت الألم، صوت الفقد."...
تدور بي الأفكار، وأشعر بأنني غارق في بحر من الكآبة. أتذكر تفاصيل مروعة، لحظات لم أستطع نسيانها. كان الأمر وكأنني أعود إلى مكان مظلم حيث لا توجد مفر. أرى ريوجي يتدحرج على الأرض، جسده ممزقا وجهه مغطى بالدم. أشعر بالغثيان، ولكن لا أستطيع الهروب من هذا المشهد.
تلك الليلة في يوكوهاما، عندما قررنا أن نخرج معا، كانت تبدو كما لو أنها لحظة لن تنسى أبدا. كنا نضحك ونلعب نتحدث عن أحلامنا وكأننا نعيش في عالم مثالي. ولكن، لم يمض وقت طويل قبل أن يتحول كل شيء إلى كابوس
..."السعادة هي سراب. تظهر في لحظة، ثم تختفي في أخرى."...
يظهر أمامي مشهد مأساوي من تلك الليلة. أحاول أن أغمض عيني، لكن لا أستطيع الأضواء الساطعة، الضحكات المرتفعة، ثم الهمسات الغامضة التي سبقت المأساة. أتذكر كيف سحبناهم بعيدا، كيف تم تقييدنا بالقيود التي لا يمكن التخلص منها. عيني يوكا التي كانت تتوسل لي أن أنقذها، وكلماتها التي لن أنساها أبدًا: "لا تدعهم يأخذوني."
..."الأصوات التي كانت تعني الحياة، أصبحت أصداء تلاحقني في الظلام."...
بكل ثقل قلبي، أتذكر تلك اللحظة. كان هناك قلق في الهواء، وعندما أدركنا ما يجري، كان الأوان قد فات. لم يكن بإمكاني فعل شيء. كان الأمر وكأنني كنت أشاهد فيلما رعبا، لكنني كنت أنا البطل المفقود تحطمت أحلامنا، وانهار عالمنا.
في تلك اللحظة، كنت أشعر وكأنني محاط بأشباح الماضي الصراخ الآهات الكوابيس التي لا تتوقف. كيف يمكن لأحدهم أن يعيش مع هذا؟ كيف يمكن للمرء أن يتحمل وزن الذكريات التي تقض مضجعه وتجعله يشعر بالاختناق ؟
..."الحياة" ليست أكثر من سلسلة من اللحظات الحزينة. نحن نعيش في دوامة من الحزن نتوق للفرار."...
وعندما بدأت الأصوات تتلاشى، شعرت بشيء
مختلف يتسلل إلى أعماق روحي. كان هناك شعور بالحاجة إلى الخروج من هذا الجحيم. كنت أرى
نفسي في المرآة، لكنني لم أعد أعرف من أكون. كنت مجرد خیال، ظلا لحياة مضت.
استدرت وعدت إلى تلك الزاوية المظلمة من قلبي، حيث كل شيء مظلم ومخيف. ماذا يمكنني
أن أفعل الآن؟ كنت أشعر بالضياع، وكأنني أعيش في كابوس لا ينتهي. هذه هي نهاية الحلم، وهذا هو بدايته.
..."عندما يتلاشى الأمل، يكون الألم هو الرفيق الوحيد."...
وبينما كان الحزن يزحف في روحي، شعرت برغبة شديدة في البكاء، وكأنني أستطيع أن أغسل كل الذكريات المؤلمة. لكن الدموع لم تأت. كانت مخبأة في زوايا مظلمة من قلبي، تنتظر اللحظة المناسبة لتظهر عندما يعود الألم، تعود أيضًا الرغبة في البكاء.
استلقيت على السرير، شعور ثقل كالسيراميك فوق صدري، وخيالات الماضي تطاردني. كلما تغلغل الألم في روحي، أصبحت الحياة أقل احتمالا . كنت أعيش تحت وطأة هذه الذكريات أشعر بأني فقدت كل شيء. لم يتبق شيء سوى الحزن.
..."في أعماق كل روح، هناك حزن لا يمكن للآخرين رؤيته. وحيدًا، محاصرًا في دوامة من الفقد."...
استسلمت للأفكار التي تتدفق في ذهني تحاصرني بين جدران الماضي. لم أكن بحاجة للهرب بعد الآن، فقد كنت أعيش في الجحيم الذي اخترته بنفسي كنت هنا في عالم من الألم، حيث لا يمكن للزمن أن يشفي الجروح.
تنزيل على الفور
novel.download.tips
Comments