بدأت الصور المتتابعة تتلاشى أمام رين وهو يحاول استيعاب ما رأى للتو. كانت الحقائق التي اكتشفها أقسى من أي شيء يمكن أن يتخيله. كل شيء كان مربوطًا بشكل غريب مع ماضيه. عائلته، السيد ذو الوجه الأحمر، والكوخ المهجور... جميعهم كانوا خيوطًا متشابكة في نسيج من الأسرار المدفونة.
لكن شيئًا واحدًا كان واضحًا الآن: والديه لم يكونا كما اعتقد طوال حياته. كانا يخفيان شيئًا خطيرًا عنه، شيئًا يفسر اختفائهما، وسبب عودته إلى هذا الكوخ بعد سنوات من الغياب.
"عليك أن تعرف أنني جزء منك، رين. مهما حاولت الهروب، الحقيقة ستظل تلاحقك." كانت الكلمات التي قالها السيد ذو الوجه الأحمر في آخر مرة يراه فيها ما تزال تدوي في ذهنه.
"ما الذي تعنيه؟ كيف يمكن أن تكون جزءًا مني؟"
لكن الإجابة لم تأتِ. كان رين وحيدًا مرة أخرى، عالقًا في الغرفة المظلمة التي يبدو أنها امتداد لذاته، مرآة تعكس روحه المعذبة.
بدأ يتجول في الغرفة المظلمة التي أصبحت أوسع مع كل خطوة يخطوها. الأرضية التي كان يسير عليها بدأت تتغير، تتحول إلى أرضية خشبية صلبة، وظهرت جدران حوله، تلك الجدران القديمة للكوخ. لكن الآن، كان هناك شيء مختلف. على الجدران كانت هناك صور جديدة... صور لأشخاص لم يكن يعرفهم، أو على الأقل لم يتذكرهم.
"من هؤلاء الناس؟ ولماذا تبدو وجوههم مألوفة؟"
اقترب من إحدى الصور وهو يحاول تمييز الوجوه. هناك امرأة في منتصف العمر كانت تنظر إلى الكاميرا بعيون فارغة، وفي حضنها كان يجلس طفل صغير.
"أمي...؟"
كانت الصورة قديمة جدًا، لكن رين لم يكن لديه أي شك. كانت تلك هي والدته، لكنها كانت تبدو مختلفة. كان هناك شيء مظلم في ملامحها، وكأنها كانت تخفي سراً ثقيلاً. أما الطفل الصغير الذي كان يجلس في حضنها، فكان هو نفسه.
"كيف...؟ كيف يمكن أن تكون هذه الصورة هنا؟"
الكوخ الذي وقف فيه كان مغلقًا لسنوات، بعيدًا عن أي حضارة. كيف وصلت هذه الصورة إلى هنا؟ ومن وضعها؟
بينما كان يحاول فهم ما يحدث، بدأ يسمع أصواتًا خافتة تأتي من خلفه. التفت ببطء، وعيناه تتسعان رعبًا. من الظلال التي كانت تملأ الغرفة، بدأت تظهر وجوه. كانت تلك الوجوه هي نفسها الوجوه في الصور على الجدران. كانت تحدق فيه بعيون فارغة، كما لو كانت تطالب بشيء منه.
"أخرجوني من هنا..."
تراجع ببطء وهو يشعر ببرودة تغمر جسده. لم يكن يعلم ماذا يفعل أو إلى أين يذهب. لكن شيئًا ما داخله كان يدفعه للاستمرار. كان عليه أن يعرف الحقيقة، مهما كان الثمن.
مع كل خطوة يخطوها، كان يشعر بأن الغرفة نفسها تتغير، وكأنها تتنفس معه. الجدران كانت تقترب وتبتعد، الأرضية تتحول تحت قدميه، والهواء كان يثقل، يكاد يخنقه.
بينما كان يقترب من زاوية الغرفة، وجد بابًا جديدًا لم يكن موجودًا من قبل. كان الباب خشبيًا، ومغطى بالغبار، وكأن أحدًا لم يفتحه منذ سنوات. لكنه شعر بشيء يجذبه نحو ذلك الباب، كأنه كان المفتاح لكل ما حدث.
"لا بد أن هذا هو السبيل الوحيد للخروج..."
مد يده نحو المقبض وفتحه ببطء. وراء الباب، كانت هناك غرفة أخرى... لكنها لم تكن مثل أي غرفة رآها من قبل. الجدران كانت مغطاة بالكتابات الغريبة، والهواء كان كثيفًا برائحة الدم والعرق.
في وسط الغرفة كان هناك كرسي قديم، وعلى الكرسي كانت تجلس شخصية غريبة. كان الرجل الذي يجلس هناك يرتدي قناعًا أبيض، وعيناه كانتا تلمعان ببرود من خلفه.
"أخيرًا أتيت."
كانت الكلمات تخرج ببطء، وكأنها موجهة مباشرة إلى روح رين.
Comments