تجمدت أنفاس رين وهو يحمل الحقيبة التي وجدها تحت الألواح الخشبية. كانت الصور والرسائل داخلها قديمة وممزقة من حوافها، لكن ما صدمه أكثر كان صورة السيد ذو الوجه الأحمر، واقفًا بجانب والدته. لم يستطع رين تفسير ما كان يحدث. كيف يمكن لوالدته أن تكون متورطة في هذا الكابوس الذي بدأ يبتلعه تدريجيًا؟
"ما هذه الصور؟ ماذا يفعل هذا الرجل مع أمي؟"
كان عقله يعج بالأسئلة التي لم يجد لها جوابًا. لم يكن يعرف الكثير عن ماضي والدته، حيث كانت دائمًا غامضة بشأن حياتها قبل أن يولد. كلما سألها عن الماضي، كانت تكتفي بابتسامة غامضة وتقول: "هناك أشياء لا يجب أن تعرفها الآن." الآن فقط بدأ يفهم أن الماضي يحمل أسرارًا قاتمة، أسرارًا يمكن أن تقلب حياته رأسًا على عقب.
بدأ رين يفتح الرسائل الواحدة تلو الأخرى. كانت مكتوبة بخط اليد، وأغلبها موجهة إلى والدته من شخص يدعى جونغ هون. كان من الواضح أن هذا الرجل كان له دور مهم في حياتها، لكن من هو؟ ولماذا لم تذكره قط؟
إحدى الرسائل كانت مختلفة. كانت مليئة بالغضب والتهديدات. "ستدفعين الثمن يومًا ما، لا يمكنك الهروب من ماضيك." كان هذا التحذير الأخير مكتوبًا بخط كبير وكأنه تم بطريقة متعمدة لإرهاب والدته.
"من هو جونغ هون؟ وماذا فعلت أمي؟"
كان ذهنه يغلي. كل هذه الأسرار التي بدأت تظهر فجأة جعلته يشعر بأن هناك شيئًا كبيرًا كان يخفيه العالم من حوله. وبينما كان يتصفح المزيد من الصور، وقع بصره على صورة أخرى للسيد ذو الوجه الأحمر. كانت هذه الصورة مختلفة عن الأولى، حيث كان يجلس على كرسي خشبي قديم في مكان يشبه كوخًا مهجورًا. لكن في الخلفية، كان هناك شيء مألوف... منزلهم.
"هذا لا يمكن أن يكون حقيقيًا... هذا الرجل كان هنا!"
فجأة، شعر رين بشيء بارد يلامس كتفه. التفت بسرعة، لكن لم يكن هناك أحد. رغم ذلك، كان يشعر بوجود غريب حوله، وكأن الظلال نفسها كانت تراقبه. الجو أصبح ثقيلًا، كما لو أن الغرفة كانت تخفي شيئًا مظلمًا ينتظر اللحظة المناسبة للظهور.
نظر إلى والدته التي كانت تقف بجوار النافذة. كانت تراقبه بصمت، وعيناها لا تزالان فارغتين. لم يكن يستطيع فهم ما يجري، لكنه شعر بأن عليه مواجهة الحقيقة مهما كانت مؤلمة.
"أمي... من هو السيد ذو الوجه الأحمر؟"
لكن قبل أن تفتح فمها لتجيبه، اهتزت الغرفة فجأة. كان هناك صوت قادم من الطابق السفلي، كأن شيئًا كبيرًا يتحرك في الظلام. رين وقف متجمدًا، لا يعرف ما إذا كان عليه أن يهرب أم يبقى ليكتشف ما يحدث. كل شيء حوله كان يتحول تدريجيًا إلى كابوس.
"رين، لا تنزل إلى هناك..."
كانت تلك أول كلمات حقيقية يسمعها من والدته منذ ظهورها. كان صوتها مليئًا بالقلق والخوف. لكن بالنسبة له، كان هذا التحذير بمثابة دعوة لاستكشاف المزيد. كان عليه أن يعرف الحقيقة، مهما كان الثمن.
توجه نحو السلم المؤدي إلى الطابق السفلي، وكل خطوة كانت تجعل جسده يرتجف أكثر. الهواء في المكان كان باردًا بشكل لا يُحتمل، والرطوبة جعلت كل شيء يبدو كأنه قديم ومهجور منذ سنوات. فتح الباب الذي يؤدي إلى القبو، لكن الظلام كان كثيفًا جدًا بحيث لم يستطع رؤية شيء.
"هذا هو المكان الذي كل شيء بدأ فيه..."
الصوت المألوف للسيد ذو الوجه الأحمر تردد في أذنيه مرة أخرى. كان واضحًا جدًا، وكأنه كان يقف بجانبه. كل جزء من كيانه كان يصرخ له بأن يتراجع، لكن فضوله القاتل دفعه إلى الأمام.
أشعل مصباحه اليدوي، وبدأ يستكشف القبو. الجدران كانت متصدعة، والأرضية مغطاة بالغبار. لكنه لاحظ شيئًا غير عادي في الزاوية: باب صغير، مخفي جزئيًا خلف كومة من الصناديق القديمة. لم يكن هناك شيء في المنزل يشير إلى وجود هذا الباب من قبل.
اقترب منه بحذر، ودفع الصناديق جانبًا. عندما فتح الباب، كانت هناك ممر طويل مظلم. كان يشبه الكهف، مع جدران حجرية رطبة وأرضية غير مستوية. تسلل إلى الداخل، محاولًا اكتشاف ما وراء هذا الممر السري.
في نهاية الممر، وجد غرفة صغيرة مضاءة بضوء خافت. كانت الغرفة مليئة باللوحات القديمة، وكل لوحة تصور السيد ذو الوجه الأحمر في وضعيات مختلفة. بعض اللوحات كانت تظهره مع والدته، وبعضها يظهره وحيدًا في أماكن مهجورة. كان هناك شيء غير طبيعي في هذه اللوحات، وكأنها تتحرك ببطء بينما ينظر إليها.
في وسط الغرفة، كان هناك صندوق قديم كبير، مغلق بقفل صدئ. رين شعر برغبة قوية في فتحه، لكنه تردد للحظة. ما الذي قد يكون داخل هذا الصندوق؟ هل يحمل إجابات لكل الأسئلة التي تراوده؟ أم أنه سيكشف عن شيء أسوأ؟
"افتح الصندوق يا رين..."
الصوت كان قويًا هذه المرة، وكأنه أمر لا يمكن تجاهله.
Comments