الصندوق المفتوح

كانت اللحظة التي كان رين يقف فيها أمام الصندوق القديم تبدو كأنها أطول من الزمن نفسه. الهواء كان باردًا ويزيد من شعوره بالرهبة. كل ذرة في جسده كانت تحذره من المضي قدمًا، لكن الصوت القوي الذي سمعه في نهاية الفصل السابق، الذي أمره بفتح الصندوق، كان يسلبه القدرة على التفكير بوضوح.

ببطء، مدَّ يده المرتجفة نحو القفل الصدئ، محاولًا معرفة ما إذا كان بإمكانه فتحه بسهولة. ومع أول لمسة، شعر بأن القفل لم يكن مقاوِمًا كما توقع. بمجرد أن ضغط عليه قليلًا، تحطم القفل وسقط على الأرضية الحجرية بصوت معدني أجوف.

أخذ رين نفسًا عميقًا، ثم دفع غطاء الصندوق ببطء. بدأ الصندوق يصدر صريرًا عتيقًا، وكأنه لم يُفتح منذ قرون. كان الداخل مظلمًا، لكن شيء ما كان يلمع في الأسفل.

أضاء بمصباحه اليدوي داخل الصندوق ليكتشف ما بداخله: دمية قديمة، قريبة من شكل السيد ذو الوجه الأحمر، كانت مرمية في الأسفل، بالإضافة إلى مجموعة من الرسائل والصور القديمة، تشبه إلى حد كبير تلك التي وجدها سابقًا.

"دمية؟ ما الذي تفعله هنا؟"

أخذ الدمية بحذر، محاولًا تذكر ما إذا كان قد رأى هذه الدمية من قبل. لكن لم يكن هناك شيء مألوف في شكلها الغريب، إلا أن وجه الدمية، الذي كان يشبه السيد ذو الوجه الأحمر، أثار الرعب في قلبه.

رن وضع الدمية جانبًا وبدأ يفتح الرسائل واحدة تلو الأخرى. الكلمات المكتوبة كانت محطمة وغامضة، لكن بعض الجمل كانت تتكرر مثل تحذير:

"الوجه الأحمر سيعود ليطالب بما هو له..."

كان هناك شيء مشترك بين كل الرسائل: ذكر الوجه الأحمر وعودته المحتومة. الرسائل كانت مكتوبة بأسلوب شخص غارق في الرعب والخوف، وكأن كاتبها كان يعلم أن نهاية مروعة تنتظره.

"من كتب هذه الرسائل؟ وماذا يقصدون بعودته؟"

بينما كان يبحث بين الأوراق القديمة، وقعت عينه على صورة كبيرة مخبأة أسفل كل الرسائل. كانت هذه الصورة مختلفة، لم تكن مجرد صورة عادية. كانت بالأبيض والأسود، وتظهر مجموعة من الأشخاص واقفين بجانب كوخ مهجور. وكان الشخص الموجود في الوسط يرتدي نفس الملابس التي رآها السيد ذو الوجه الأحمر فيها في الصور الأخرى، وكان المكان نفسه يشبه الكوخ الذي رآه في اللوحات المعلقة على الجدران.

الغريب في الأمر، كان هناك شيء غير طبيعي في الصورة. كل الأشخاص في الصورة كانت وجوههم مظللة أو مغطاة بشيء غامض، باستثناء وجه السيد ذو الوجه الأحمر، الذي كان واضحًا ومرعبًا في آن واحد.

"ماذا يحدث هنا؟ هل هذه صورة من الماضي؟"

رين شعر وكأن الصورة تنظر إليه، وكأنها تحمل في طياتها لغزًا يحتاج إلى حله. وضعها جانبًا وبدأ يبحث بين الرسائل عن إجابات. واحدة من الرسائل كانت مختلفة عن البقية، وكانت تحتوي على خريطة صغيرة مرسومة بخط اليد، تشير إلى موقع غريب خارج المدينة.

"هذا المكان... هذا هو الكوخ."

الخريطة كانت تقود إلى مكان محدد، وكانت التفاصيل واضحة بما يكفي ليتمكن من اتباعها. يبدو أن هذا الكوخ كان مكانًا مهمًا للسيد ذو الوجه الأحمر، وربما كان هو المكان الذي بدأت فيه كل هذه الفوضى.

فجأة، سمع رين صوت خطوات قادمة من خلفه. التفت بسرعة ليجد والدته واقفة عند مدخل الغرفة، لكن هذه المرة لم تكن مجرد صورة ضبابية. كانت واقفة حقيقية، عيناها لا تزالان فارغتين، لكنها بدت وكأنها تريد أن تقول شيئًا.

"رين... يجب أن تتوقف. لا تذهب إلى هناك."

صوتها كان مليئًا باليأس، وكأنها تعلم شيئًا خطيرًا، لكن رين كان عازمًا على كشف الحقيقة مهما كان الثمن.

"لماذا يا أمي؟ لماذا تخفين عني هذه الأسرار؟ من هو السيد ذو الوجه الأحمر؟"

والدته تنهدت بعمق، وكأنها تحمل في قلبها وزنًا لا يستطيع أحد تحمله. اقتربت منه ببطء، ووضعت يدها الباردة على كتفه.

"هناك أشياء لا يجب أن تعرفها يا رين. هناك أسرار يمكن أن تدمرك."

لكن رين لم يكن مستعدًا للاستماع. حمل الخريطة في يده، وأخذ نفسًا عميقًا.

"يجب أن أعرف. سأذهب إلى هناك."

كانت والدته تقف بصمت، وملامحها تعكس الحزن واليأس. ولكن رين كان مصممًا على كشف الحقيقة. خرج من الغرفة تاركًا والدته خلفه، وتوجه نحو المكان الذي تشير إليه الخريطة.

في طريقه إلى الكوخ، كان كل شيء حوله يبدو غير طبيعي. السماء كانت مليئة بالغيوم الداكنة، والرياح كانت تعصف بشدة، مما جعل الجو أكثر غرابة وغموضًا. كان الطريق موحشًا، كأن المكان نفسه كان ينذر بقدوم شيء مروع.

عندما وصل إلى الكوخ، كانت هناك هالة غريبة تحيط بالمكان. الكوخ كان يبدو قديمًا ومهجورًا منذ سنوات، لكن كان هناك شعور بأنه لم يكن فارغًا. اقترب ببطء، وعيناه تجول في المكان.

فجأة، سمع صوتًا قادمًا من الداخل. كان صوت خطوات خفيفة، كأن أحدهم يتحرك داخل الكوخ. قلبه بدأ ينبض بقوة، لكنه لم يستطع التراجع الآن. دفع الباب ببطء ليدخل.

كان الداخل مظلمًا وباردًا. الجدران مغطاة بالعفن، والأرضية مليئة بالغبار. لكن في الزاوية، كانت هناك شمعة صغيرة مشتعلة، تضيء صورة معلقة على الحائط. كانت الصورة تظهر السيد ذو الوجه الأحمر، واقفًا في نفس المكان الذي كان يقف فيه رين الآن.

"لقد كنتُ أنتظرك..."

الصوت الذي سمعه لم يكن من الخيال.

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon