بينما أعانق نجوم السماء
لقد إنتهى كل شيء"
كان هذا أول منطقت به حينما إستفاقت من غفوة طويلة بعد أن تم نقلها إلى المستشفى و هي في حالة يرثى لها !
لم تتوقع يوما بأن تتحول حياتها إلي جحيم أزلي مثلما تبدو الآن!...
لقد انطفأت آخر شمعة كانت تضيء حياتها.. و غاب آخر رمق من نور الشمس المنير ..
أصبحت حياتها بلا معنى تماما أو هي من كانت تدعي بأن حياتها لا معنى لها من بعد ذلك اليوم اللعين!..
لا تريد أن تذكر تفاصيل تلك الحادثة أو ستدخل في نوبة من النواح الفضيع!..
لكنها لن تتخطى ذلك المشهد ... لقد كان حقا اسوء ما مرت به على مرار السنين ..
رفعت عينيها المتورمين قليلا من وسادتها التي كانت تدفن فيها وجهها الصغير اذا بها ترى كدس من أناس محاطين بها حتى أنها لا تكاد تميز ملامحهم ..
لكنها ترى في عيونهم جميعا شفقة و حدب و هما يحدقان بها ،لطالما كرهت أن يشفق عليها أحد ما!! لكن حالتها التي تبدو عليها تثير العطف حقيقة!..حتى هي تشفق على نفسها!..
لا تدري... هل هي تشعر بأحاسيس مختلفة لا تدركها؟.. أم أنها لا تشعر بشيء مطلقا ؟ تشعر بثقل روحها على جسدها.. حتى أنفاسها أصبحت تزعجها !!
لا تريد حياتها بعد الآن!!.. لا تريد مواساة ولا شفقة من أحد !
...و في لحظة ما لا تدري كيف او متى جمعت بعض من قواها و نزلت من سريرها و إستندت إلى الحائط ثم صاحت بأعلى صوتها :"أخرجوا!!!!!!!! ،غادروا جميعا.. لا أريد أي شيء منكم .. إذهبوا...!! ...
لا تنظروا لي بأعين الشفقة !! لا تنظروا لي هكذا!! "
ثم سقطتت أرضا منهارة تخبط البلاط بيديها الباردتين ثم أغمي عليها مجددا و عادت إلى سكونها الخالد ....
٫قبل أسبوع من الآن٫
_هيا يا ماما أسرعي.. أنا متحمس جداً لهذا اليوم هيا...
إبتسمت 'آلين: إبتسامة خفيفة و طبعت قبلة على جبين طفلها الصغير:
_ حسنا يا عزيزي نحن ذاهبون لا تستعجل فقط قم و جهز نفسك بينما اوقظ والدك..
حسنا .. قد يتساءل الجميع لماذا الطفل الصغير تائق كثيراً لهذا اليوم !.. نعم بكل بساطة لقد وعده والده 'آدم' اليوم بأن يصطحبه و أمه إلى أماكن باهرة في "نيويورك" ليستطلع إلى مدينته الجديد التي إنتقلوا للعيش فيها مؤخرا.
_إنهض يا حبيبي فإبنك يكاد يطير من الحماس .. لقد إستيقظ باكرا اليوم على غرار عادته و آتى ليوقظني..
إستفاق آدم و ضم آلين إلى صدره :_ حسنا إجهزوا سريعا أنا آتٍ!..
يالا هذه الأسرة الهنيئة !.. و يالا هاذان الوالدان المعشوقان .. كل من رآهما آمن حقا بالحب و العشق لقوة علاقتهما..
و فعلا هما خير مثال على قصص الحب الجميلة..
لقد هامت آلين بزوجها سِنينا و هام بها.. و تزوجا آخيرا بعد قصة هيامٍ تناقلت بين الناس طويلا... ثم أنجبا ثمرة حبهما طفلهم الصغير 'آرون'.
لطالما عاشت هذه العائلة الصغيرة أسعد أيامها محاطة بالأمن و الحب و السكينة...
إلا أن جاء ذلك اليوم الملعون الذي هدم كل شيء! .....
_أخيرا جهز الجميع..هيا بنا الآن!!! صاح آرون و الحماس ظاهر على وجهه الصغير..
إنطلقت السيارة تاركة ورائها عالم من الألوان و أعضم قصة حب على وجه الأرض!!..و قد بان منها صوت قهقهات الولد الصغير و ضحك أمه الخافت..
ها قد وصلت الاسرة أخيرا إلى منتزه جميل بعد أن جالو جميع أنحاء نيويورك و إستجلوا أماكن خلابة فيها!!
بينما يجلسون في ذلك المنتزه الرحب!
صاح آرون الصغير بأنه يريد ماء يروي عطشه من المحل المجاور من هنا!
_ حسنا يا صغيري إبقَ مع أمك هنا و سأذهب سريعا و أجلب إليك قارورة ماء!.. ثم إنطلق من فوره قصد المحل الذي كان في الضفة الأخرى من الشارع.
_بابا.. بابا أريد أن أتي معك إنتظرني!.. صاح آرون بعد أن إنطلق صوب الشارع لاحقا بوالده قبل أن تتمكن آلين من إمساكه حتى!!
أسرع الولد مهرولا نحو أبيه الذي كان قد قطع الطريق فعلا حتى رآه راكضا نحوه ! بينما صاحت أمه و حاولت اللحاق به!..
لكن... فات الأوان..
فآرون الصغير الآن وسط الطريق الرئيسيي للسيارات و بأنه لا يزال في الرابعة من عمره فهو لم يتعلم بعد عبور الطريق بنفسه!!
لم يكن بوسع آدم فعل شيء الآن! و لا حتى آلين!
و قبل أن تركض والدته لإنقاذه من السيارة المسرعة القادمة نحوه! إذ بآدم يقطع الطريق مسرعا و يرتمي أمام السيارة لإنقاذ إبنه الصغير!
لكن يا ليته لم يفعل!... فقد كانت تلك السيارة أكثر سرعة منه! أو القدر هو من كان الأسرع بينهم! أو ربما عزرائيل الذي قرر زيارة كل من الأب و الإبن معا!..
و الآن ها قد إنحصرت أشعة الشمس الساطعة.. و سقطت آخر أوراق الأشجار الملونة و فاضت نوافذ البيوت لتعلن عن أعظم قصص العشق الغابرة.. و نطقت الشوارع بألحان الموت الموجعة و غردت العصافير ألما معلنة عن ذلك الحدث المفزع!...
ثم همس الموت في أذنيهما قائلا "هنا تنتهي حكايتكم لتبدأ حكايتي"
و دهست السيارة كل من آدم و آرون .. تاركة آلين تشقى وحيدة في هذه الدنيا البائسة...
Comments