كان الوقت متأخرًا، وكانت كاثلين جالسة في زاوية مظلمة من الغرفة، تنظر إلى اللاشيء، أفكارها مشوشة، وعواطفها مختلطة بين الحزن والغضب. تعجز عن تصديق أن شون، الذي كان يمثل كل شيء بالنسبة لها، أصبح الآن مجرد وجه قاسٍ يحمل آثار الخيانة، بينما والدته جوان تستهدفها بكلمات قاسية واتهامات ظالمة.
كان اليوم السابق صعبًا. كانت قد استيقظت على مشاعر مختلطة من الأمل والألم، آملةً في أن تجد سبيلًا للتواصل مع شون وتوضيح موقفها. لكنها صُدمت عندما سمعت والدته تصرخ في وجهها، توبخها وتوبخ شخصيتها، دون أن تعطيها فرصة للدفاع عن نفسها. كانت كلمات جوان كالسكاكين تخترق قلب كاثلين، وكلما حاولت أن تتجاهلها، شعرت بجروح أعمق.
جلست لورين بجانبها في تلك الليلة، وهي تضع ذراعها حولها، تحتضنها بحنان وتحاول مواساتها. لم تكن لورين مجرد صديقة، بل كانت الأخت التي لم تمتلكها كاثلين يومًا. أحاطتها بذراعيها، وربتت على كتفها، وقالت بصوت حنون يفيض بالثقة: "كاثلين، أنت قوية. لا تدعيهم يحطمونك. أنت أكثر من مجرد شريكة شون، أنت إنسانة رائعة، وذكية، وتستحقين كل خير."
كانت كاثلين تتأمل في وجه لورين وتستمع إلى كلماتها، وكأنها تجد فيها ملاذًا من عاصفة العواطف التي كانت تغرقها. شعرت بدموع ساخنة تتجمع في عينيها، لكنها لم تسمح لها بالسقوط. عرفت أنها بحاجة إلى التماسك، ليس فقط من أجل نفسها، ولكن أيضًا من أجل الذين يؤمنون بها مثل لورين.
عندما سألتها لورين عما إذا كانت ترغب في تناول شيء، ابتسمت كاثلين بخفوت، وعلقت بلهجة ساخرة: "لن أسمح لك بتسميمي بالطعام الذي تعدينه!" ضحكت لورين على تعليقها، وردت بمزاح متظاهر: "حسنًا، ربما سأجرب وصفات جديدة وأقوم بإعداد شيء يُبهر ذوقك يومًا ما."
تخللت الضحكات خلسة اللحظة، وكانت الضحكات متنفسًا لكاثلين، وكأنها تخفف من الأعباء الثقيلة التي كانت تجرها معها منذ فترة طويلة. بعد لحظات، قررت لورين أن تظل بجانبها طوال الليل، خشية أن تقوم كاثلين بفعل شيء قد تندم عليه لاحقًا، وحرصت على أن تكون قريبة منها.
حل صباح اليوم التالي، وكان يوم أحد. خرجت لورين مبكرًا لتلتقي بعائلتها، تاركة كاثلين وحدها لتجمع أفكارها وتجهز بعض الأشياء الضرورية للسفر إلى المؤتمر في لوس أنجلوس، الذي كان يستمر لمدة أسبوع. لقد قررت أن هذا المؤتمر سيكون بداية جديدة لحياتها، خطوة نحو المضي قدمًا ونسيان الماضي المؤلم.
بينما كانت تنهي حزم أمتعتها، سمعت طرقًا قويًا على الباب. تساءلت من قد يكون، وأملّت ألا يكون شون. لم تكن على استعداد لمواجهته بعد.
ولكن، لم يكن شون. بل كانت جوان، التي اقتحمت المنزل بغضب هائج، تصرخ وتطلق الكلمات الجارحة، متهمةً إياها بالخيانة. وقفت كاثلين هناك، ثابتة وصامتة، مستوعبة أن جوان لن تصدقها أو تستمع إليها مهما حاولت.
تابعت جوان صراخها بلهجة متهكمة: "أنتِ زانية، لا تستحقين أن تكوني جزءًا من هذه العائلة. لا أريد أن أرى وجهك مرة أخرى!" وأردفت قائلة لابنتها ليندا، التي كانت تقف بجانبها: "اتصلي بالسائق ليخرج هذه الخرق من هنا!"
رأت كاثلين السائق يصعد إلى غرفتها ليجمع ما تبقى من أغراضها، فقررت التوجه بنفسها إلى غرفتها لأخذ حقيبتها التي تحتوي على الوثائق الهامة. شعرت بالاستياء من الموقف، ولكنها رفضت أن تُظهر أي ضعف، فأخذت نفسًا عميقًا وتجاهلت نظرات جوان الاستعلائية.
عندما نزلت كاثلين إلى الطابق الأرضي، كانت جوان تقف بانتظارها عند الباب، لا تزال تصب غضبها وتوجه الكلمات الجارحة، دون أي شفقة أو تفهم. دفعتها جوان خارج المنزل بطريقة مهينة وبصقت أمامها.
تعثرت كاثلين عند خروجها، وفقدت توازنها لوهلة، ولكن سرعان ما وجدت يدًا قوية تمسك بها. نظرت إلى الأعلى ورأت السيد والاس، الخادم المخلص للعائلة، ينظر إليها بنظرة تعاطف وحنان. قال لها بصوت دافئ: "سيدتي، أنتِ إنسانة طيبة. أؤمن ببراءتك، وأعلم أن الله سيمنحك القوة والنور لتجدي طريقك الحقيقي."
كانت كلماته بلسمًا على جراحها، وشعرت أن هناك من يؤمن ببراءتها، رغم قسوة الآخرين وظلمهم. شعرت بكلماتها تعلق في حلقها، لكن ابتسامة صغيرة ظهرت على وجهها وهي تهز رأسها تقديرًا للسيد والاس.
عندما وصلت سيارة الأجرة التي طلبتها، استدارت كاثلين لتنظر إلى المنزل للمرة الأخيرة، هذا المنزل الذي شهد أجمل وأسوأ لحظاتها. شعرت بأن هذا الوداع هو وداع الماضي المؤلم، ووداع لذكريات لم تعد ترغب بالاحتفاظ بها.
غادرت كاثلين المنزل، تاركة خلفها عبءًا ثقيلًا وألمًا عميقًا. كانت تعلم أن الرحلة القادمة لن تكون سهلة، ولكنها قررت أنها لن تسمح لأي شيء أو أي شخص بأن يعكر مسيرتها الجديدة. لقد كانت بداية، بداية حياة مستقلة، مليئة بالأمل والقوة التي لم تكن تعلم أنها تمتلكها.
كانت لوس أنجلوس بانتظارها، بمؤتمرها وفرصها الجديدة، وكان في داخلها أمل أن تجد فيها بداية تنسيها ما حدث وتفتح أمامها أبوابًا جديدة.
9تم تحديث
Comments
مامي لجين 🗿✨
كمل مره اعجبنيييي
2024-11-16
3