**البحث عن الحقيقة**
غادرت كاثلين المنزل وهي تشعر بثقل العالم على كتفيها. كانت الرياح تعصف في الخارج، وكأنها تعكس الفوضى التي تعصف بداخلها. صدى خطواتها في الشوارع الخالية كان يعيدها إلى ذكرياتها، إلى لحظة البداية، حين كانت امرأة تبحث عن العدل وسط رماد الخيانة. لكنها الآن تدرك أن الانتقام لم يكن الجواب، بل كان طريقًا آخر يقودها إلى مزيد من الألم والضياع.
توجهت كاثلين إلى مكان هادئ، كوخ صغير في أطراف المدينة كانت قد زرته من قبل خلال فترة خطوبتها مع شون. جلست هناك، تحدق في الموقد المشتعل، وبدأت تعيد النظر في كل ما حدث.
*"كيف وصلت إلى هنا؟"* سألت نفسها.
لم تكن تعرف إن كان الانتقام الذي طاردته طوال هذه السنوات يستحق كل الخسائر التي تكبدتها.
**شون وخطوة نحو الخلاص**
في تلك الأثناء، كان شون يجلس وحيدًا في شقته الصغيرة، يتأمل المستندات التي جمعها عن ماتيو. كان يعلم أنه فاز بهذه الجولة، لكنه لم يشعر بالانتصار. كان يتساءل:
*"ما الذي أريد تحقيقه حقًا؟"*
بدأ شون يشعر بثقل الضغينة التي حملها لسنوات. الانتقام الذي كان يعتقد أنه سيعيد إليه كرامته أصبح عبئًا. كان عليه أن يواجه حقيقة مؤلمة: الانتقام لم يكن الحل، بل كان مبررًا لمواجهة ضعفه وخوفه.
اتخذ شون قرارًا. لأول مرة منذ فترة طويلة، قرر أن يعتذر.
**لقاء جديد بين الأعداء**
بعد يومين، تلقت كاثلين رسالة من شون. كانت قصيرة لكنها غير متوقعة:
*"أريد التحدث. هذه المرة لن أخدعك. سأكون عند المقهى القديم الساعة الخامسة."*
شعرت كاثلين بالتردد. هل يمكن أن تثق بشون مرة أخرى؟ أم أن هذا مجرد فخ جديد؟ رغم شكوكها، قررت الحضور.
وصلت إلى المقهى ورأت شون جالسًا في زاوية بعيدة. لم يكن الرجل الذي عرفته سابقًا. بدا منهكًا، وكأن الانتقام قد سلبه روحه أيضًا.
"كاثلين،" بدأ شون بصوت مكسور، "أعرف أن كل ما حدث بيننا كان خطأ. دمرنا بعضنا البعض بطريقة لم أعتقد أنها ممكنة. لكنني أريدك أن تعرفي شيئًا. لم أكن أريد أن تصبح حياتك هكذا. لم أكن أريد أن أكون السبب في ألمك."
نظرت إليه كاثلين بصمت. كانت كلماته صادقة، لكنها لم تستطع تجاهل الألم الذي سببه لها.
"شون، لم يكن هذا مجرد انتقام. كان محاولة لإيجاد العدالة في عالم مليء بالظلم. لكننا فقدنا أنفسنا في الطريق."
**ماتيو في مواجهة الحقيقة**
بينما كانت كاثلين تتحدث مع شون، كان ماتيو يبحث عنها في كل مكان. عندما عاد إلى المنزل ووجد رسالتها، أدرك أنه قد فقدها. كانت تلك لحظة صادمة بالنسبة له. لأول مرة منذ وقت طويل، شعر بأنه ربما كان مخطئًا.
جلس ماتيو وحيدًا في مكتبه، يتأمل الأوراق التي تثبت تورطه في صفقات مشبوهة. كانت تلك الأوراق تلاحقه، ليس فقط بسبب شون، ولكن لأنها كانت مرآة لنفسه.
*"هل كنت أستخدم كاثلين طوال الوقت؟"*
كان هذا السؤال يطارده، لكنه لم يكن يمتلك إجابة واضحة.
**رحلة كاثلين الجديدة**
قررت كاثلين أن تأخذ بعض الوقت بعيدًا عن كل شيء. توجهت إلى بلدة صغيرة حيث لا أحد يعرفها. هناك، بدأت العمل كمتطوعة في مكتبة محلية، محاولة إيجاد سلام داخلي بعيدًا عن صخب حياتها السابقة.
في الليالي الهادئة، كانت تجلس أمام النهر، تفكر في كل شيء حدث. بدأت تدرك أن الانتقام لم يكن سوى وسيلة لإخفاء ألمها الحقيقي. كان عليها أن تسامح، ليس فقط شون أو ماتيو، بل نفسها أيضًا.
**رسالة من الماضي**
بعد أسابيع من العزلة، تلقت كاثلين رسالة من ماتيو. كانت مليئة بالاعترافات والاعتذارات:
*"كاثلين، كنت أنانيًا. استخدمت ألمك لتحقيق أهدافي الخاصة، ولم أفكر يومًا في تأثير ذلك عليك. أحببتك، لكنني لم أكن الرجل الذي تستحقينه. أتمنى أن تجدي السلام الذي كنتِ تبحثين عنه دائمًا."*
قرأتها كاثلين بتمعن، وشعرت بثقل كبير ينزاح عن صدرها. قررت أن تكتب له ردًا، لكنها لم تعد ترغب في العودة إلى حياتهما المشتركة. كان الوقت قد حان للمضي قدمًا.
**شون يبدأ من جديد**
أما شون، فقد باع ما تبقى من ممتلكاته وقرر أن يبدأ مشروعًا صغيرًا بعيدًا عن عالم الشركات. كان يعمل في مقهى بسيط يديره بنفسه، محاولًا أن يعيد بناء حياته بعيدًا عن الأضواء والضغوط.
ذات يوم، وبينما كان يجلس في المقهى، دخلت كاثلين. لم تكن تخطط لرؤيته، لكنه كان هناك. جلسا معًا في صمت، وتبادلا الابتسامات.
قالت له كاثلين:
"ربما علينا أن نتوقف عن النظر إلى الماضي، ونبدأ في التفكير في المستقبل."
أومأ شون برأسه وقال:
"ربما يكون هذا أفضل شيء يمكننا فعله."
**نهاية مؤقتة**
كان هذا اللقاء بين كاثلين وشون بداية لمرحلة جديدة في حياتهما. مرحلة لم تكن مبنية على الانتقام، بل على التعافي وإيجاد الذات. أما ماتيو، فقد اختار أن يختفي من المشهد تمامًا، محاولًا بناء حياة جديدة في مكان آخر.
لكن السؤال الذي بقي بلا إجابة هو: *هل يمكن للجرح الذي تسبب به الانتقام أن يلتئم بالكامل؟ أم أن بعض الجروح تبقى جزءًا منا إلى الأبد؟*
---
ط
9تم تحديث
تنزيل على الفور
novel.download.tips
Comments