هداية.

مَر شهران على حادثة فَاطِمة، وها قد عاد الجمِيع إلى حياتهم المُعتادة، دِراسة، وأكل، ولعب، وشُرب.

خِلال الأيام الماضية تَم الحُكم على مريم وشهد بالبقاء بالسجن لمدة أربع سنوات، فلقد تم إثبات أنهن كانوا مع المُبتز وابتزوها معه، وفاطمة انتحرت بعد ذلك..لأنها لم تتحمل الخُذلان من أصدقائها..هذا ما كشفه التحقيق عندما وجدوا ورقة تركتها فاطمة بالشقة قبل انتحارها.

لكِن على أية حال! تسبب ذلك بطردهم من الجامعة، وأصبح وصمة عار في تاريخ حياتهم، هل سيستطيعون العودة للدراسة أو العودة للحياة الطبيعية؟

ومن الغريب أيضًا أنها علمت أن تلك الحادثة التي تكلمن عنها -الفتاة التي تم طردها- أنها كانت صديقتهن، تناثر الحديث بالأرجاء بعد حادثة فاطمة.

لكِن..هذا لن يشغل بَال رنيم بعد اليوم، لفاطمة والِد يمكث خلف حقها.

كما أنها تدعو لها دائمًا في صلاتها، حتى أنها قامت بعمل صدقة جارية بها.

في هذيّن الشهرين، أصبحت رنيم تصلي كل صلاة في وقتها، لم تعد تترك فرضًا واحدًا، باتت شخصًا آخر هي نفسها لم تعرف كيف أصبحت هكذا، أثرت وفاة فاطمة في نفسها.

حتى أنها في آخر أسبوعيّن امتنعت رنيم عن إرتداء البناطيل، وأصبحت ترتدي التنورات، لقى قرارها هذا تأييدًا شديدًا وحماسيًا من بيان.

كما أنها قللت من سماعها للمُوسيقى تدريجيًا حتى حذفت جميع الموسيقى التي تتواجد على هاتفها.

وجدت رنيم نفسها تتغير تدريجيًا حتى أصبحت شخصًا أفضل.

...______________...

أفاقت رنيم من شرُودها عندما سمعت صوت رنة هاتفها، وجدته أباها ف صاحت بحماس لتحدثه على ما جرى بيومها.

أخبرته على جميع ما حدث، من أكل وشرب ودراسة واستفزاز الطُلاب للدكتور اليوم، لم تصمت رنيم إلا بعد شعورها بالتعب.

وبعد بُرهة من الوقت عادت رنيم للجلوس مكانها بعد أن انتهت المكالمة مع والدها.

أخذت تُفكر..عندما أخبرت والدها عن قرارها المُتعلق بالملابس والموسيقى، سعد أبوها كثيرًا وأرسل لها هدايا.

أخذت تُفكر كيف تغير كُل شيء بِها حتى باتت إنسانًا جديدًا كأنها تشعر أنها وُلدت لأول مرة بعد أن أتت إلى هنا.

قُطِع شرودها مرة أخرى لكن هذه المرة عن طريق بيان التي دخلت للغرفة مبتسمة.

«السلام عليكم ورحمة الله وبركاته»

«وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته»

جلست بيان على سريرها ثم قالت بنبرة ناعسة:

«انتظريني لأصلي ثم لنحضر الغداء معًا»

أومأت لها رنيم ثم جلست تُناظرها وعادت لشرودها مجددًا.

بعد دقائق انتبهت رنيم لبيان عندما انتهت من الصلاة ثُم نادتها.

أتت بيان وجلست جانبها وقالت:

«ما بكِ؟»

تحمحمت رنيم وأردفت بهدوء:

«بيان، أنا تغيرت صحيح؟ مر الآن شهريّن وأسبوع وأنا هُنا، مر شهريّن وأنا مّنتظمة بالصلاة..مر شهرين فقط لكنني غيرت طريقة لبسي وحذفتُ موسيقاي وأصبحت شخصًا أفضل! هذا حدث تدريجيًا..»

ثم أكملت حديثها:

«في الثانوية كنت أستمع للموسيقى دائمًا وعندما كنت أصلي كنت أتساءل دومًا كيف أصلي وما زلت أفعل معاصي، أي لأن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمُنكر! الآن علمت أن الأمر بحاجة للاستمرار والمُثابرة والنية الحقيقة للتغير..تغيرت تدريجيًا لم أشعر بالأمر..»

قهقهت بيان بخفة نابسةً:

«صحيح..يحدثُ هذا للجميع..يقول الله - عز وجل- {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} ، اصبري على الطاعات وجاهدِي نفسك، حينها سيهديكِ الله، لذا؛ اصبري وصابري، وتقربي أكثر من الله، وهذا الحديث لي أيضًا..وكما أنكِ عرفتِ طريق الحق..»

تابعت بيان:

«أرى أنه بعد وفاة فاطمة استيقظت حواسِك، رأيتِ فتاة تموت في نفس عمرك، لذا هُنا النقطة..الجميع يأتي لديه وقتًا ويُصدم ثم يستيقظ ليعلم أنه بين طريقيّن، الخير والشر، الجنة والنار، الطاعة والمعصية، الله يُرينا الحقيقة، والباقي يأتي على عاتقنا أن أكملتِ بالطريق السيئ، فسيكون هنالك عقاب، وإن أكملت بالطريق الجيد، فسيكون هنالك ثواب، يقول الله -عز وجل- {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} »

أومأت رنيم بتفهم وأخيرًا قد أدركت الأمر، بعد وفاة فاطمة عزمت على التغير حتى تُقابل الله وهي طائعة له، لِذا؛ هداها الله -عز وجل- وجعلها شخصًا أفضل، ما أكرمك يا الله!

رنيم! الفتاة التي لم تكن راضية عن قدرها الذي جلبها لتلك الجامعة، الفتاة التي لم تكن مُنتظمة بالصلاة، الفتاة التي كانت ترى بيان مُتشددة، الفتاة التي كانت تتأرجح بين الذنب والاستقامة وكادت أن تدخل في صداقة سوء قد تُكلفها حياتها بأكملها! هداها الله - عز وجل- ولله الحمد!

استقامت بيان كي تحضر الغداء تاركةً رنيم بأفكارها التي تحوم حولها.

ابتسمت رنيم باتساع بعدما شعرت بالإرتياح، ثُم سجدت سجدة شكر لله وعينيها مملوءتين بالدمُوع، سجدت وهي تشهق و تحمد الله الذي هداها، وما كانت لتهدي لولا أن هداها الله.

الجديد

Comments

ايلول

ايلول

شكرًا شكرًا من اعماق قلبي للكاتبه او الكاتب جزاك الله الف خير لامست روايتك قلبي ايقضت في حواسي جعلتي دمعي يذرف كامطار غزيرة حقًا دعيت لكِ من اعماق قلبي الله يكتب اجرك وإن شاء الله يهدينا الله جميعًا 🥀🥀🥀

2025-01-28

4

الكل
مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon