تأرجح.

ها هُو اليَوم الأول الذي ستبدأ فيه رنِيم دِراستها الجامعية،فهي لم تنزل محاضراتها لأسبوعٍ كامل، ولولا بيان لَما نزلت أبدًا!

ارتدت ملابسها وعدلت حجابها في المرآة ثُم استعدت للنزُول، لكِن قبل أن تخطُو خطوة أخرى للخارج أوقفتها بيَان قائلة:

«هل ستأتي لتناول الغداء معي؟»

«بالطبع، لديكِ رقمي الآن تستطيعين الإتصال بي»

«لا تنسي صلاتِك..»

سَمعت رنيم جملة بيان الأخيرة بصوتٍ ضعيف نتيجةً لغلقها الباب.

دخلت رنيم المُدرج الخاص بها وجلست بجوار بعض الفتيات، لاحظتها فتاة منهم مما جعلها تبتسم ابتسامة جعلت رنيم غير مرتاحة، لكن تلك الفتاة نبست:

«مرحبًا، أنا شهد وتلك مريم وتلك فاطِمة»

تحدثت الفتاة عن نفسها ثُم أشارت لبقية الفتيات بجانبها.

أومأت رنيم قائلة:

«تشرفت بكن، أدعى رنيم»

«رنيم! يا له من اسم جميل»

ابتسمت رنيم على تِلك المُجاملة لكن قطع حَبل أفكارها صَوت دكتُورة المادة التي تحدثت:

«شهد ومريم! هل أتيتم لمدرج الفرقة الأولى كي تقوموا بعمل شغب!»

«لا لا يا دكتورة سارة، كنا نتعرف عليهم فقط»

«في محاضرتي؟؟.»

أنهت دكتُورة المادة جُملتها وبدا أن الغضب سيتطاير من عينيها.

أعادت كُلًا من شهد ومريم جسدهم للخلف كي يتجنبوا أي شِجار مع الدكتورة سارة مرة أخرى؛ فهم هُنا كي يُراجعوا على بابٍ لم يركزوا به في السنة الأولى.

أثناء ذَلك كانت رنِيم تُشاهد الموقف باستغراب، هل هم أكبر سنًا؟ لمَ هم هُنا إذًا؟

...__________...

بعد انتهاء المُحاضرة وأثناء الخرُوج أردفت شهد تُحدث رنيم و فاطمة:

«ما رأيكن أن نتناول الغداء معًا؟»

كَادت أن ترفض رنيم لتخبرهن بأنها لديها خطط أخرى، لكِنها صَمتت عندما سمعت صوت بيان من خلفها

«رنيم!»

التفتت لها رنيم مُبتسمة واقتربت منها وأخبرتها بأنها ستُنهي حديثها مع زُملائها وتعود لها، مما جعل بيان تسبقها للغرفة.

حِينما عادت لزملائها لاحظت نظرات غير لطيفة من شهد ومريم لِبيان، مما جعلها تسأل:

«ماذا هناك؟»

«هل تعرفينها؟»

«إنها شريكتي بالسكن»

حينها أطلقت شهد صوتٍ عالٍ يدل على الاشمئزاز قائلةً:

«كيف تستطيعين تحملها؟؟؟ تلك الفتاة صاحبة ملابس المسنين! إنها مُتشددة مزيفة!! تشعرني بأنها الوحيدة المسلمة على وجه الأرض..»

نظرت شهد إلى رنيم نظرة جدية ثُم أردفت:

«اسمعي عليكِ أن تغيري غرفتكِ تلك، أنا ومريم من الفرقة الثانية، وصدقيني رأينا الكثير حتى أُصبنا بالاشمئزاز والغثيان..إنها ليست طبيعية!!»

حكت رنيم عنقها مُدافعةً:

«هي ليست بذلك السوء..»

حينها قاطعتها مريم قائلة:

«بَلا بَلا يا عزيزتي، أنتِ لم تُشاهدِي شيئًا بعد..سأخبركِ..كات تتواجد فتاة من الفِرقة الأولى العام الماضي وبسبب تِلك العجُوز الشمطاء انتقلت الفتاة لِجامعة أخرى، لا تنخدعين بالمظاهر!!»

«ماذا حدث؟»

«تَسببت صاحبة القِناع البريء بطردها من الجامعة بأكملها! تم تفتيش هاتفها وأشيائها الخاصة بسبب تلك المخادعة! فقد هكرت هاتف تلك الفتاة المسكينة وزيفت صورًا لها مما تسبب ذلك بطردها»

فَتحت رنيم فَاهِها غير مُصدقة مَا أُلقي على مسامعها الآن، أذلك صحيح؟ بيان لديها كُل ذلك الخبث؟

كمشت شهد وجهها بأسف مُصطنع وقالت مُخاطبة مريم:

«لمَ أخفتيها هكذا! بإمكانها تجنب كُل ذلك قبل حدوث أي شيء عن طريق الانتقال من الغرفة فقط..»

ثم لوت شهد شفتيها وتابعت:

«صحيح، أحيانًا يكون الخبث صديقًا للبراءة المزيفة»

حدث ذَلك المشهد أمام رنيم التِي بقيَّت تُناظرهم بملامح شاحبة ثم أردفت بعد صمت:

«لا أظن أنني أرغب بالعودة للسكن الآن..فلنتناول الغداء معًا»

ابتسمت الصديقتان ثم أمسكتا كُلًا من رنيم وفاطمة كي يذهبوا لتناول غدائهن

...__________________...

صَوت رنة هاتفها تصدح بالأرجاء لكِنها لا تُجيب، مما جعل الأخريات يتأففن، أخذت فتاة منهن الهاتف الذي لم يكُف عن الرنين وقامت بِإغلاقه قائلة:

«هذا أفضل، اتركيها»

ظلت رنيم تنظر لهاتفها بهدُوء ثم لاحظت أن مريم تتحدث بصوت هادئ في هاتفها مع ابتسامة تعلمها جميع الفتيات!

نغزت شهد رنيم عندما لاحظت شُردها بمريم وأردفت

«أتريدين الارتباط أيضًا؟»

نفت رنيم سريعًا وتحدثت:

«لا لا شكرًا! لا أحب ذلك النوع من العلاقات!»

«فلتجربي ما الذي ستخسرينه؟؟»

نظرت شهد إلى فاطمة الجالسة بهدوء وتابعت:

«ماذا عنكِ يا فاطمة؟ هل ستجربين؟»

تلعثمت فاطمة نابسة:

«لم أجرب يومًا..لكن..لا بأس بالتجربة صحيح؟»

قهقهت شهد بصوتٍ عالٍ عندما سمعتها ثم صفقت ونغزت فاطمة بكتفها قائلةً بحماس:

«هذا هو المطلوب فاطمتي! يا إلهي!! أريتِ؟ تعرفنا مُنذ أيامٍ فقط لكن ها أنتِ تنخرطين بسهولة! أفتخر بكِ يا فتاة!»

نظرت لرنيم بتوعد وتفوهت:

«أما أنتِ فسأجعلكِ تجربين هذا! بحقك نحن بزهرة شبابنا فلنستمتع قليلًا، ما الذي سيمعنكِ؟؟ مازلنا صغارًا!»

تَنهدت رنيم تنهيدة قصيرة ثم استقامت نابسةً:

«سأعود للنوم، الساعة السابعة الآن»

أمسكتها شهد من يدها وأردفت:

«فلتأتي معنا أنا ومريم بغرفتنا، أخبري بيان أنكِ لن تعودي، وتعالي معنا الليلة..أي أنا فقط خائفة عليكِ! من قد يرغب بالعودة لشريكة غرفتكِ تلك»

جلست رنيم مرة أخرى وفعلت ما أخبرتها به شهد، ثم بعد بعض الوقت ذهب كلًا من شهد ومريم ورنيم إلى الشقة المشتركة لمريم وشهد.

عِندما دخلت رنيم غرفتهن لم تشعر بأي راحة بتاتًا..شعرت بضيق يجتاح صدرها مما جعلها تذهب للشُرفة كي تستنشق بعض الهواء.

بقيَّت تُشاهد المارة تارة والسماء تارةً أخرى، لمَ كُل هذا؟ لمَ قد تُقابل شخص مليء بالخبث مع وجه بريء كبيان؟ ماذا عنهن؟ ماذا عن شهد ومريم؟ هل هم أشخاص جيدون؟ إن كانت فتاة الدين والمُتزينة بالأخلاق فعلت شيئًا قبيحًا كهذا..إذًا ماذا قد تتوقع منهن؟ هل عليها أن تعيش حياة ترفيهية كحياة شهد ومريم؟ أي إنها صغيرة بالسن! ما زالت في التاسعة عشرة، لديها الكثير لتعيشه في هذه الحياة صحيح؟؟ بإمكانها التوبة عندما تكبر!

انتهت رنِيم من تفكيرها والتفتت لتخرج من الشُرفة وتذهب لغرفة الغرفة، فهم ليسوا بسكن الجامعة، بل بسكن خاص يدفعه والد مريم كَونه ثريًا.

دخلت رنيم لغرفة الفتيات، ثُم بدؤوا بالضَحك والحديث معًا..فجأة صدح أذان الفجر بالأرجاء.

صَمتت رنيم قليلًا ثم أخذت تُفكر..مُنذ زمن وهي ترغب بالانتظام في الصلاة، انتظمت في آخر سنة من سنتها الثانوية، لكن صلاة الفَجر لم تنتظم بها أبدًا، كانت تغفُو أغلب الوقت من كَثرة التعب.

صلاتها مع بيان في أول يوم أتت به كانت صلاة الفجر الأولى لها منذ وقتٍ طويل..الأسبوع الذي جلست فيه مع بيان كانت تُصلي معظم فروضها لأن بيان كانت تُوقِظها وتسحبها دائمًا للصلاة.

قَطع حبل تفكيرها رسالة من هاتفها، كانت من بيان مُحتواها:

«لا تنسي صلاة الفجر يا رنيم، الصلاة خير من النوم»

شردت رنيم بشهد ومريم المُندمجات في الحديث، هل سيسخرون منها إن قالت لهم هيا لنصلي؟

تنهدت رنيم ووضعت يدها على رأسها بتعب هامسةً:

«ما بالك يا رنيم ماذا فعلتِ؟ لمَ أنتِ حمقاء هكذا؟»

بعد فترة من الوقت غَلب النُعاس رنيم مما جعلها تنام مكانها.

استيقظت بعد وقتٍ قصير نتيجة لصوت مزعج سمعته، كانت عيناها نِصف مفتوحة لذا؛ لم ترى جيدًا..لكنها لاحظت مريم تتحدث بالهاتف، لم تستطع رنيم الاستيقاظ من كثرة تعبها مما جعلها تغلق عيناها مرة أخرى مستسلمة للنوم.

مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon