بعد مرُور عام ونِصف، في غرفة سَكن تتواجد في الحرم الجامعي لجامعةٍ ما.
يَصدر صوت ضجيج عالٍ بسبب طُلاب الجامعة، هنالك من يضحك، وهنالك من يركض ويلعب.
لكِن بالنسبة لتلك الجالسة بغرفة سكنها تُناظرهم من النافذة، لم يكن الأمر ممتعًا لتلك الدرجة.
فرفيقة سكنها التي اعتادت على الجلوس والضحك معها لم تعد موجودة، لقد تخرجت مُنذ شهور، تخرجت وتركتها هنا وحيدة في هذه الجامعة.
تنهدت تلك الفتاة ثُم دفعت جسدها للخلف، وقع نظرها على صورة لفتاتين، الاثنتين يرتدون الخِمار، والاثنتين أيضًا يرتدون في بنصرهم في اليد اليُمنى الخاتم الذي يدل على وعد الزواج -الخطبة-.
فأجل الفتاتين تمت خُطبتهن في نفس السنة! الأولى خطبها مدرس لغة فرنسية، والثانية خطبها طبيب أسنان.
ما زالت تتذكر حديث صديقتها عندما أخبرتها قبل خطبتها «يا رنيم، تزوجي من ترضين خلقه ودينه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {.إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير }، لم أفهم لماذا رفضتي عُمر أول مرة رُغم إعجابك به..أي لأجل مواقفكِ المحرجة معه؟..لا أراه سببًا يُذكر ، لكنه على أية حال تقدم لكِ مرةً أخرى..استخيري، اعتادي على استخارة الله في جميع أمورك»
ترددت حينها كلمة استخيري بعقلها، واستخارت رنيم وقدر الله وما شاء فعل وتمت خطبتها بعد صديقتها بشهرين!
ابتسمت بخفة وأخذت تُفكر بينما تنظر إلى صورتهم، لديهم الكثير من الصور معًا، لكن هذه الصورة تحديدًا تم الاتفاق بينهم بأنها ستكون الصورة الأفضل للذكرى، لأنه تم التقاطها بعفوية، مع ابتسامة حقيقية صادقة من القلب.
استرخت الفتاة على السرير ونظرت لسقف الغرفة بينما عقلها يُفكر ويُفكر.
ها هي مُجددًا بشهر سبتمبر، في بداية الدراسة، في نفس الجامعة ونفس الغرفة..لكن الفرق أن الفتاة التي كانت عليها قبل عامين، ليست نفسها تلك الفتاة التي تمكث الآن بهذه الغُرفة.
أصبحت الآن في سنتها الثالثة، تبدُو لها غُرفتها كئيبة دُون صديقتها، حتى أنها أصبحت ترى لون الغرفة باللون الرمادي الباهت، عكس ما كانت عليه.
لكنها ممتنة، أجل..ممتنة كثيرًا لمُلاقاة شخص مثلها، هدايتها كانت بفضل لله ثم لها، أجل، صديقتها ذهبت، لكِن أثرها ثابت لم ولن يزول!
أثرها عظِيم! كيف يذهب هكذا؟ هي من جعلتها ترى مجيئها هنا خيّرًا، هي من انتشلتها من أفكارها المُتضاربة أثناء صحبة السوء، وهي وهي وهي..
كانتا الاثنتان تدعوان لبعضهن البعض بظهر الغيب، هذه تدعو للأخرى دون أن تدري، والأخرى تدعو لها دون أن تدري، ما أجملها من صداقة؟
هل ان إنتهى أمرها في جامعة مختلفة كانت ستلتقي بفتاة مثلها؟ هل كانت سترتدي الزي الشرعي؟ هل كانت ستنتظم بالصلاة؟ وهل وهل؟!
هي ما زالت على اتصال بها، وستظل على اتصال بها للأبد، هُم أصدقاء حتى الجنة.
عاهدوا بعضهن على هذا، صُحبة صالحة حتى الجنة.
قَطع شُرودها طرق على الباب، استقامت وفتحت الباب وجدت فتاة أمامها مُمسكة بحقيبة سفر فيها أغراضها.
ابتسمت رنيم وهي تصافحها قائلة:
«السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا رنيم، تشرفت بكِ يا..؟»
صافحتها الأخرى ونبست:
«اسمي مريم»
اقتربت منها رنيم وهمست:
«إلقاء السلام سنة ورده فرض»
أغمضت رنيم عينيها ثم ابتسمت وهي تعلم..إنها على وشك بدء رحلة جديدة..مليئة بالمعلومات والأثر الطيب.
...النهاية....
...ــــــــــــــــــــــــ...
...أخبروني رأيكم بها في التعليقات! ...
...شكرًا لكل من قرأها، أتطلع لمعرفة آراكم بكل الفصول..وإن كانت القصة أفادتكم أم لا..دُمتم بخير!...
Comments
ايلول
حبيييت جزاك الله خير
2025-02-22
0