المشهد: داخل قاعة كبيرة في القصر الملكي في بابل، حيث التمائم والأعلام تزين الجدران، والطاولة التي أمام نوبلاصر مليئة بالخرائط القديمة والتقارير العسكرية. القائد نوبلاصر يجلس في مقدمة القاعة، محاطًا بمجموعة من مستشاريه المخلصين، والنبلاء الذين حضروا للاستماع إلى خطته.
نبوبلاصر (يتحدث بصوت هادئ لكنه حازم):
"بابل لن تكون مجرد حصن في الصحراء. سننطلق نحو الأمام. سنعيد بناء جيشنا، لكننا لن نقتصر على قوتنا وحدها. نحتاج إلى حلفاء. أعداء الشرق يقتربون، ولن نكون قادرين على مواجهة الحروب القادمة وحدنا."
ينحني أحد المستشارين، يبدو عليه الارتباك.
المستشار الأول (بتردد):
"سيدي، نحن نعلم أن الشرق مليء بالممالك القوية. ولكن من يمكننا تحالفه؟ معظمهم لا يهتمون بنا. كيف سنكسب حلفاء؟"
نبوبلاصر (يرتفع نظره، مبتسمًا ابتسامة غامضة):
"نحن لا نبحث عن أصدقاء، بل عن قوة. القوة التي ستجعلنا مركزًا لا يستطيع أحد تجاهله."
يتقدم مستشار آخر، ويمسك بيديه خريطة كبيرة تعرض الأراضي المحيطة ببابل. يشير إلى المنطقة الواقعة شمال المدينة.
المستشار الثاني (متحمسًا):
"لقد بدأنا نسمع عن التحركات في شمالنا. هناك مملكة "أشور" التي بدأت في التوسع، وتحاول استغلال الفراغ الذي تركته الإمبراطوريات القديمة. إذا أردنا توازنًا في القوى، يجب أن نأخذ ذلك بعين الاعتبار."
نبوبلاصر (عينيه تلمع بذكاء):
"أشور؟ نعم، هم يعتقدون أنهم الأقوى. لكنهم نسوا شيئًا مهمًا... القوة ليست فقط في الجيوش العظيمة، بل في التحركات الذكية والفرص السانحة."
يقترب أحد الجنرالات، ويبدأ بالحديث بصوت منخفض، محذّرًا من أن التحالف مع أشور قد يكون محفوفًا بالمخاطر.
الجنرال (بخشونة):
"أشور لا يثقون بأي أحد، وسرعة تحركاتهم تثير الشكوك. إذا قررنا التحالف معهم، فإننا قد نُجر إلى حرب لا نقدر على تحملها."
نبوبلاصر يقف فجأة، عينيه مشتعلة بالحماس.
نبوبلاصر (بغضب هادئ):
"لن نتبع طريق الأشواك والظلام. إذا كان هناك طريقًا واحدًا نختاره، فسيكون طريقًا يحقق لنا مكاسب استراتيجية. سنرى في الوقت المناسب، لأن القوة لا تأتي من مجرد الانتصار في معركة، بل من بناء الأساس قبل أن يهاجمنا العدو."
تتسع عيون الجميع وهم يدركون أن قائدهم يخطط لشيء أكبر. بعد لحظات من الصمت، يتحدث مستشار آخر، يبدو عليه التفكير العميق.
المستشار الثالث (ببطء):
"إذا لم نكن قادرين على التحالف مع أشور، فهل يمكننا البحث في اتجاهات أخرى؟ لدينا جيران في الغرب، مثل الفينيقيين. قد يكون لديهم مصلحة في التحالف معنا ضد التهديدات المشتركة."
نبوبلاصر (يضع يده على الطاولة بحزم):
"الفينيقيون... نعم. هم خبراء في التجارة والملاحة. إذا تحالفنا معهم، يمكننا الاستفادة من مواردهم البحرية وشبكة طرقهم التجارية. سنتمكن من التحكم في التجارة عبر البحر، وهذا سيفتح أمامنا أبوابًا جديدة من القوة."
ينظر الجميع إلى بعضهم البعض بتفكير. كان الجميع يدركون أن الطريق الذي يقوده نوبلاصر كان محفوفًا بالمخاطر، ولكن أيضًا مليئًا بالفرص الكبيرة. عندما بدأ نوبلاصر يخطط لهذا التحالف، شعر الجميع بأن هناك شيء أكبر وراء كلماته.
نبوبلاصر (بصوت حازم):
"إذا كان هذا التحالف سيضمن لنا السيطرة على البحر، فإن بابل ستكون القوة التي لا يمكن لأحد أن يقف أمامها. سنجعل الفينيقيين يدركون أننا قادرون على حماية مصالحهم كما يحمون مصالحنا. لكن يجب أن تكون هذه الصفقة متوازنة؛ وإلا، فإنها ستنهار كما انهارت إمبراطوريات كثيرة قبلنا."
ينحني المستشارون جميعًا، فيبدو أنهم فهموا الطريق الذي سيأخذهم فيه قائدهم.
المستشار الأول (بحذر):
"أنت تعني أن نستخدم قوتنا البحرية كأداة لتوسيع نفوذنا؟"
نبوبلاصر (يبتسم):
"بالضبط. القوة البحرية ليست مجرد أسطول من السفن. إنها شبكة من التحالفات، التجارة، والسيطرة على طرق الإمدادات. سنسيطر على البحر، ثم سنتوسع في الأرض."
بينما يتناقش الجميع حول التفاصيل، يستمر نبوبلاصر في التفكير في ما وراء الأفق. كان يعلم أن بابل لا يمكن أن تقوم فقط على القتال، بل على الذكاء والفطنة في اتخاذ القرارات. كانت هذه أولى خطواته نحو تغيير العالم.
نبوبلاصر (يهمس لنفسه بينما ينظر إلى الخريطة):
"هذه هي البداية. فقط عندما نصل إلى قمة القوة، سنتمكن من فرض إرادتنا على الجميع."
وتنتهي المشهد مع تصاعد طموحات نوبلاصر، الذي كان يقود بابل نحو مصيرٍ يخبئ في طياته حروبًا وأسرارًا قد تغير مجرى التاريخ...
13تم تحديث
Comments