الفصل الثاني عشر: أجنحة الطائر وظلال الميثاق

مع انبلاج الفجر فوق أسوار بابل، كانت الشمس تغازل أبراجها الطينية، في حين كانت ساحة القصر تتحول إلى ساحة نار صغيرة، حيث يتدرب أبناء النبلاء على القتال. ووسطهم، كان فتى بعينين تقدحان فضولًا وعنادًا، يضرب بسيف خشبي كأنّه يُجرب مصيرًا أكبر من حجمه.

قائد التدريب (بحدة): "نبو! خصمك أطول، سيفه أعرض، وأنت… ما زلت تتقدم كأنك لا تخاف!"

نبو (يلهث): "لأني لا أخاف. ليس من الصبيان على الأقل."

يضحك الخصم، فيندفع نحوه بوحشية، لكن نبو ينزلق أسفل الضربة، يلفّ جسده ويضرب كاحله، فيسقط الخصم متدحرجًا. الجميع يصمت.

قائد التدريب (مذهولًا): "هذه المناورة... ليست من دروسنا."

نبو (ببرود): "تعلمتها من مراقبة القطط وهي تتشاجر في الأزقة."

في الأعلى، على شرفة القصر، كان الملك نبوخذ نصر، يراقب بصمت، كأنه يحاول تمييز شيء أعمق من مجرد حركة جيدة.

الملك نبوخذ (بهمس داخلي): "الولد يتنفس الغريزة، لكنه لا يعبأ بالقواعد… هذا جيد. أو خطر."

فجأة، يخترق صمت الساحة صوت جناحين غريبين، ويهبط طائر بلون نحاسي وعينين سوداويتين على العمود الحجري. يهرع الحراس، يتفحّصونه، ليكتشفوا لفافة مربوطة بشريط أزرق مائل إلى البنفسجي، محفور عليه رمز الهلالين المتقابلين.

الحارس (بوجل): "سيدي… طائر من مدينة أور."

يتقدم الملك، يفتح اللفافة. كانت الكتابة معقّدة، مشفرة، مكتوبة بلغة ثنائية الرموز.

الملك نبوخذ (بعد صمت): "أور وافقت. ميثاق الفرات سيُوقع في الاعتدال الربيعي... لكن، لا ذكر لختم النار، ولا للكهنة."

المستشار شاپيلو (بهمس): "هذا يعني أن أحدهم يتلاعب بالمسرح، ويقصي الكهنة. لا أور ولا نحن نتحكم… بل طرف ثالث."

ينظر الملك إلى الطائر، ثم إلى نبو الذي عاد لتوه من التدريب، يلهث، لكنه يرمق الجميع بفضول.

الملك نبوخذ (بصوت مقيّد): "نبو، اقترب."

يتقدم الفتى، يركع.

الملك نبوخذ: "ماذا ترى في هذا الطائر؟"

نبو (بتردد): "... عيونه خائفة، لكن جناحيه لا ترتجف."

الملك نبوخذ (مبتسمًا بخفة): "إجابتك لا تشبه إجابات الكهنة ولا القادة… ولهذا ستدخل المعبد السري الليلة."

تتسع عينا نبو. لم يكن يتوقّع أن يُستدعى في هذا العمر إلى ممرات النار والحبر.

نبو: "لكن… لماذا أنا؟"

الملك نبوخذ: "لأن من لا يسأل هذا السؤال… ليس مستعدًا."

ليلاً، في عمق المعبد القديم أسفل القصر، تُفتح بوابة لم تُفتح منذ خمسة أعوام. الحراس يبتعدون. رجل برداء أزرق داكن يخرج من العتمة، يحمل عصاً من خشب الأرز منحوتة برمز النسر والنار.

الكاهن الكبير نيرغال-آسو: "نبو… ابن النار والماء. اليوم لن تتعلم كيف تقاتل، بل كيف تفكر."

يدخل نبو الغرفة، تمر أصابعه على الجدران، حيث نُقشت رموز لم يرَ مثلها من قبل.

نيرغال-آسو: "في عهد أجدادك، الملوك كانوا يجيدون فكّ الرموز قبل رفع السيوف. والآن، الميثاق القادم… إما أن يوحّد، أو يزرع الانقسام. وعلينا أن نعرف من أرسله فعلاً."

نبو: "أتقصدون أن الرسالة خدعة؟"

الكاهن: "بل اختبار. اختبار لذكائنا. وخيانتهم بدأت حين لم يذكروا ختم النار… لأنهم لا يؤمنون به."

يضع الكاهن أمام نبو خريطة، وورقة أخرى برسوم هندسية قديمة.

نيرغال-آسو: "مهمتك يا نبو، أن تحمل هذه إلى معبد إيّا في أور، دون أن تُعرَف هويتك. ستتسلل كطالب، وتستمع، وتراقب. وتعود بالحقائق، لا بالأوهام."

يتراجع نبو خطوة، يتردد… ثم ينظر إلى العصا.

نبو: "سأذهب."

الكاهن (بابتسامة غامضة): "العين التي ترى الحقيقة، تبدأ بالدمع أولاً… لا تنسَ هذا."

تُطفأ المشاعل، وتبدأ رحلة نبو، لا كسليل ملك فقط، بل كمن اختير ليكتشف من يقود خيوط العالم… من الظل.

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon