المشهد: في الغرف الداخلية لقصر بابل، كان نوبلاصر يجلس على عرشه الخشبي الضخم، تفصل بينه وبين مستشاريه ستارة ضخمة من الحرير الأسود. الجنرال الأول، الذي كان يشاهد تقارير المعركة، دخل مسرعًا، وعيناه تعكسان قلقًا بالغًا.
الجنرال الأول (بصوت متوتر):
"سيدي، أخبار غير سارة! الجيوش الكلدانية، رغم الهزيمة الكبيرة، بدأت في استعادة قوتها بسرعة! أرسلوا تعزيزات من شمال بلاد الرافدين... يبدو أن المعركة لم تنتهِ بعد."
نوبلاصر (بهدوء غير معهود):
"هذا ما كنت أخشاه."
يأخذ نوبلاصر نفسًا عميقًا، ثم يبتسم بخبث.
"الكلدانيون لن يتوقفوا. إنهم يحاولون إعادة بناء قوتهم بسرعة، ولكنهم لا يعرفون شيئًا عن الصراع طويل الأمد. سنجعلهم يدفعون ثمناً باهظاً."
يذهب نوبلاصر إلى الخريطة القديمة الموضوعة على الطاولة أمامه، حيث تظهر مواقع بابل، الكلدانيين، والممالك المجاورة. يعقد يديه خلف ظهره ويتأمل الخريطة بتركيز.
نوبلاصر (بصوت هادئ):
"إنهم في عجلة من أمرهم، ولكن إذا لم يتمكنوا من تنظيم جيوشهم بحكمة، فسيكونون عرضة لهجوم آخر. نحن لا نركض وراء الانتصارات السريعة. نحن نلعب لعبة طويلة المدى."
الجنرال الثاني يدخل الغرفة وهو يحمل تقارير إضافية.
الجنرال الثاني (بتحفظ):
"سيدي، هناك أيضا تقارير عن مملكة آشور. يبدو أنهم بدأوا يراقبون تحركاتنا عن كثب. لدينا تقارير تفيد أنهم بدأوا في تجهيز جيوشهم تحسبًا لأي توسع لبابل."
نوبلاصر (ابتسامة خفيفة على وجهه):
"آشور؟ حسناً. إذا كانوا يظنون أنهم قادرون على الوقوف في طريقنا، فهم لا يفهمون ما يجري هنا."
يعود نوبلاصر إلى الجلوس، عيناه تلمعان بحكمة غامضة.
"الآن ليس الوقت للقتال على عدة جبهات. لكن يجب أن نكون جاهزين. يجب أن نتأكد أن مملكتنا محمية من جميع الجوانب."
يأخذ نوبلاصر قلمه ويبدأ في رسم خطط جديدة على الخريطة. كانت فكرته تكمن في إجهاد أعدائه ببطء، واستنزاف مواردهم، بينما يبني هو قواه الداخلية ليكون جاهزًا عندما يحين وقت الضربة القاضية.
نوبلاصر (بصوت عميق):
"ماذا عن التحالفات؟ هل من جديد؟"
الجنرال الثالث (بحذر):
"لقد أرسلنا سفراء إلى العديد من الممالك المجاورة. لكن ردود الأفعال متفاوتة. البعض يبدو مترددًا، بينما يراقب آخرون الموقف عن كثب."
نوبلاصر (بتفكير عميق):
"التردد أمر طبيعي. نحن بحاجة إلى أن نكون أكثر مرونة في تحركاتنا. ولكن دعونا ننتظر. ربما سيكون الرد المناسب في الوقت المناسب."
ثم يتنهد، وتبدوا على وجهه علامات التفكير العميق.
"علينا أن نستعد للمعركة المقبلة، ولكن معركة الدبلوماسية قد تكون أكثر أهمية من معركة السيوف."
بينما يوجه نوبلاصر جنوده في إرساء تحالفات جديدة مع بعض الممالك الصغيرة التي كانت تحيط ببابل، كان في قلبه يقين بأن القوة العسكرية ستكون عاملاً مهمًا في بناء إمبراطورية قوية، لكن الدبلوماسية هي التي ستعزز هذه القوة.
نوبلاصر (مخاطبًا نفسه):
"بابل ستكون القوة العظمى، سواء بالجيش أو بالمكر السياسي. سنكون الحكماء الذين يحكمون الأرض بحنكتنا."
تسقط خيوط الضوء الذهبية على عرش نوبلاصر، ويعكس وجهه بريقًا من الحسم، كما لو أنه قد رسم معركته الكبرى في ذهنه. وبينما يتفكر في الخطة القادمة، كانت العيون تراقب تحركاته من داخل المملكة وخارجها، في الوقت الذي كانت بابل تنمو ببطء وتصبح قوة لا يستهان بها.
في تلك اللحظات، بدأ العالم يدرك أن شيئًا عظيمًا كان على وشك أن يحدث، وأن بابل، تحت قيادة نوبلاصر، ستكون القوة التي لن يمكن لأي قوة أخرى أن تتجاهلها بعد الآن.
نوبلاصر (بصوت حازم):
"نحن في البداية فقط، ولكن لا شيء سيتوقفنا. هذا هو طريقنا، والنتيجة واضحة."
مع تلك الكلمات الحازمة، بدأ الفصل الجديد من قصة بابل. كان نوبلاصر يقود عاصفة سياسية وعسكرية، وعيناه كانتا تلمعان بطموح لا حدود له.
13تم تحديث
Comments