المشهد: في ساحة المعركة، حيث يتجمع الجنود ويصطفون في تشكيلات متقنة، يقف نوبلاصر أمامهم، ينظر إلى الأفق البعيد حيث يظهر أعداؤه الكلدانيون وهم يقتربون. كان الجو مشحونًا بالترقب والتوتر، لكن هناك شيئًا مختلفًا في هذا المعركة. نوبلاصر لم يكن مجرد قائد عسكري، بل كان بمثابة العقل المدبر الذي يوجه كل شيء من الظلال.
نوبلاصر (بصوت مرتفع، يتحدث إلى جنوده):
"أيها الجنود، أنتم لستم هنا فقط للدفاع عن مدينتنا. أنتم هنا لتحقيق حلم! اليوم، نثبت أن بابل ليست مجرد مدينة، بل قوة عظمى! نحن اليوم نكتب تاريخًا جديدًا!"
ينظر الجنود إلى نوبلاصر بإعجاب، وتدوي صيحات التأييد في ساحة المعركة. كان نوبلاصر قد أعدهم جيدًا ليس فقط لملاقاة أعدائهم بالحديد والنار، بل ليكونوا جزءًا من رؤية أكبر، جزءًا من قصة لن تُنسى.
الجنرال الأول (بصوت حاد):
"سيدي، الجيش الكلداني يقترب! لديهم قوات تفوقنا عددًا، وهم مسلحون جيدًا."
نوبلاصر (بتفكير عميق):
"نعم، لكنهم لا يملكون شيئًا يساوي قوتنا العقلية. الجيش الكلداني يثقون بقوتهم العددية، لكننا سنريهم معنى الذكاء الحربي. ستكون هذه معركة لا يتوقعونها."
يتحرك نوبلاصر بسرعة نحو أحد جنرالاته.
نوبلاصر (بجدية):
"هل تم إعداد الخطة التي ناقشناها؟"
الجنرال الثاني (بتأكيد):
"نعم سيدي، كل شيء جاهز. سنقوم بتوجيه ضربات مفاجئة في الأماكن التي يظنونها آمنة. سنجعلهم يشعرون أن التهديد يأتي من كل جانب."
نوبلاصر (بابتسامة رقيقة):
"هذا ما أردته. نريد أن نزعزع ثقتهم، ليس بالقوة فقط، بل بالخوف والارتباك. سنجعلهم يتساءلون من أين سيأتي الهجوم التالي."
بينما تتجه الجيوش إلى المعركة، يتوجه نوبلاصر إلى أحد الأبراج العالية في قصره ليراقب سير الأحداث. في ذهنه، كان يرى أكثر من مجرد معركة على الأرض، كان يرى كيف ستستفيد بابل من هذا الصراع.
نوبلاصر (لنفسه):
"لقد أعددت كل شيء. سننتصر اليوم، لكن يجب أن نكون أذكى. كما قلت، الحرب ليست مجرد معركة، إنها لعبة تحكمها العقل."
وفي الوقت الذي كانت فيه الجيوش تتراص وتستعد للتصادم، كان نوبلاصر يفكر في ممالك أخرى تحيط ببابل، في كل تلك القوى التي لم يكن قد حان الوقت بعد للاقتراب منها. كانت تلك الممالك تتربص ببابل، لكن الآن، كان نوبلاصر على يقين أن بابل ستفرض نفسها على الخريطة السياسية للعالم، ليس فقط عبر القوة العسكرية، بل عبر التحالفات والمناورات السياسية التي كان يخطط لها خلف الأبواب المغلقة.
وفي ساحة المعركة، كانت قوات نوبلاصر تتحرك كما لو أنهم في رقعة شطرنج، يهاجمون حينما يتوقع العدو الدفاع، ويسحبون أنفسهم حينما يتوقع العدو الهجوم. بينما تقدم جيش الكلدانيين بكل حذر، لم يدركوا أن هجومهم ليس على بابل، بل على قوة لا يمكن قياسها بالقوة الصريحة فقط.
وبينما ينقض الجنود على بعضهم البعض، يظل نوبلاصر واقفًا، يراقب عن كثب، لا يشعر بأي خوف أو قلق. كان يعلم أن النصر ليس في المعركة نفسها، بل في العقل الذي يديرها.
نوبلاصر (همسًا لنفسه):
"هم لا يعرفون بعد... لكنهم سيتعلمون قريبًا أن الحرب الحقيقية تبدأ عندما تجعل خصمك يظن أنه في أمان."
مع مرور الوقت، تظهر أشارات النصر على وجوه جنوده. كانت المعركة قد انتهت، لكن نوبلاصر كان يعلم أن هذه ليست سوى البداية. كانت بابل قد اكتسبت سمعة جديدة، قوة جديدة، وكان دورها في العالم قد بدأ بالفعل. في ذلك اليوم، أثبتت بابل أنها ليست مجرد قوة عسكرية، بل كانت القوة التي تديرها عقلية استراتيجية لا تضاهى.
وفي الغرف المغلقة، بينما كانت الأخبار تصل إلى الممالك المجاورة، بدأ تأثير بابل ينتشر في أنحاء المنطقة. لم يكن هناك من يستطيع أن يتجاهل صعود الإمبراطورية التي ظهرت من قلب الصحراء، مع قائد حكيم جعلها تتفوق على أعدائها بعقلها لا بقوتها العسكرية فحسب.
نوبلاصر (بصوت هادئ ولكن مؤثر):
"هذه هي بداية عصر جديد... عصر بابل."
تسدل الستائر على المشهد، بينما يواصل نوبلاصر رسم مسار الإمبراطورية العظيمة، عارفًا أنه لن يتوقف حتى يرى بابل في قمة العالم، حيث لا شيء يمكن أن يهدد قوتها أو سلطتها.
13تم تحديث
Comments