** معبد تيانغكون ... ضواحي مملكة (تو) **
تُهَيِّجُ مشاعر الثأر مع شناعة نهاية حكيم السماء قلوب شعوب الممالك, عند استعدادهم لمراسم التشييع, على أرض مبيضة الرمال, تحيط بمعبد بسيط, كان يأوي الحكيم ليلا, يَصْطَّفُ زعماء العشائر الثلاثة (تو-غاو-يان) أمام الحاشية ,يليهم نبلاء الممالك و أشرافهم ,آخرهم جموع غفيرة من العامة, يستصرخون بالنجدة مما سيقع, من بعد رحيل حمامة السلام ...
بوصول الصناديق الذهبية الثلاثة, التي تخفي أجزاء الحكيم المقسمة, يجهش الرجال بصياح النسوة ,خلال اعلان ملك (تو) طقوس توديع روح حكيم السماء رسميا .
يهمس الزعيم (غاو) ممتنعا : لا يجب أن تُدْفن ذراعه
الزعيم (يان) : وكيف سنمنع حصول هذا؟
الزعيم (غاو) : لا أعلم, ولكن دفنها يعني حرق دليل ادانة الجاحد (شي)
يقتحم الأمير تو باو الجموع مندفعا حيث الصناديق :
أهو حقيقي ؟أهو حقيقي ؟ الحكيم هنا ؟ هذه ... هذه جثته ؟
استدار لأول صف , حيث تخيم نوايا الانتقام على وجوههم : ماذا ستفعلون ؟هل ستعلنون الحرب؟
زعيم غاو : هذا ما يجب ,أنسب عقوبة لذلك القاتل هي القصاص.
زعيم يان : يجب جلد زعيم (شي) حتى الموت ,هذه المرة قد تعدى على قداسة السماء.
الأمير تو باو : لا لا الحرب ستكون ملحمة عصيبة لكل العشائر
زعيم (غاو) : أتقصد أن عشيرة الحكيم ستتغاضى عن جريمة مقتله ؟
مستشار عشيرة السماء : بالتأكيد لا, سنثأر له أشد الثأر
الأمير الأول (تشول) : أقترح أن نُتَمِّمَ مراسم التشييع أولا, ثم نجتمع بالــــــ ...
زعيم ( غاو) : كم من اجتماع تم انعقاده, وذاك الفاسق يكسر قراراته ,هو لا يحترم عُرف ولا قداسة أي مملكة حتى أضحى يحارب الحكماء
الأمير تشول: لا يمكننا اعلان الحرب دون مرسوم سماوي.
زعيم (غاو) : لم يَعُدْ للسماء أي قرارات من بعد مقتل الحكيم, حان الوقت لنقرر بأنفسنا ما يجب أن يكون.
-ضوضاء قائمة بين الزعماء ومستشاريهم حول أسوء عقوبة ستسلط على القاتل (ِشي) بينما يهتز رأس زعيم عشيرة (تو) تائها في التوابيت التي تحوي الحكيم بل رفيق الدرب, علاقتهما الروحية لم تكن تتوقف على استلام قرارات السماء ,التي تدعم نواياهما في إحلال السلام ,ولا على كونهما أبناء عم تقاسما نفس السقف, ولا على النبؤة التي رحلت مع الحكيم قبل أن تصل مسامعه, إنما لم يتخيل أن يستلم يوما أجزاء جسده , من بعد وعود ابن العم بالنصرة والحماية ,لم يفق الملك من شروده إلا بتحذيرات من ابنه الأصغر لمن حوله -
تو باو : الحكيم ينذر ينذر من ملحمة مخيفة سندمر أمن ممالكنا فلنفكر بحلول أخرى, ألم يدعوا الحكيم للسلمية وتجنب الحروب دوما؟
زعيم (يان) : قالها قبل أن يتم تقطيعه الى أجزاء متفرقة
زعيم غاو: هكذا قرارات الزعماء من يحددها لا أنت أيها المستهتر
- تتعالى طلبات الصفوف الخلفية بالقصاص من قاتل الحكيم \,مناهضين الضعف الذي يعتري الأمير الثاني \,حتى اندفع الأمير تشول أمامه مهدئا الوضع:
القصاص ليست مسألة سهلة ,قراركم هذا يعني استعدادكم لحرب لا نهاية لها
يدفع الأصغر أخاه المحب مصرا على استشعارهم للمذبحة التي سيعيشونها إذا لم يتراجعوا :
اللعنة لما أنتم عنيدون ؟, أيها الملك لا تنقض عهد السماء.... لا تستمع لهم لا تستمع
ربما لم تكن لكلمات توباو أي أهمية لمن حوله, إنما تمكنت من اختراق قلب أباه بطريقة ما ,لكنها اضمحلت عند ظهور أعيان عشيرة (شي)
ملك (ِشي) : إضافة لإقامة الطقوس دون حضور العشيرة الرابعة, تتهمون عشيرتنا بمنكر شيطاني ,أسلوب فريد منكم للتهرب من مبارزتنا
زعيم (غاو) : لا أحد يتهمك ظلما ,عبارة (زعيم شي مذنب) على ذراع الحكيم, هي دليل من السماء على ما اقترفته من جرم تلك الليلة.
ملك (شي) : يمكنني أيضا الكتابة على ذراعه الثانية (زعيم غاو في عداد الموتى) ,ليس بالمستحيل علي.
فرفع زعيم (غاو) سيفيه ليتبعه زعيم (يان) بعد التهديد الواضح من ملك النار, الذي لم يرف له جفن من حركتهم بين الجموع المترقبة.
زعيم (تو) : ماذا دهاكم؟ هل رحيل الحكيم أفقدكم أخلاقكم؟ جسده الطاهر لم يُدفن بعد لكن سيوفكم مرفوعة أمامه ؟
زعيم (غاو) : علينا أن نحقق العدالة للسماء قبل أن تلتقط الأرض جسده.
الهدوء الذي تميز به زعيم (شي) لم يكن من الفراغ, ها هم أشباله الثلاثة(شيهوا- سان يي –مون هوا) يحوطونه كل مشهرا سيفه أمام أي مختل قد يفكر بالتعدي عليه.
يجر شيهوا رأس سيفه الحاد على الرمل, محددا خطه الدفاعي : أتينا للمشاركة في مراسم الدفن, وأي تجاوز لهذا الخط يعني الموت.
_إذ بسيف يترنح هنا و هناك حائلا بين الجبهتين : لا تقتربوا ,ابتعدوا ,لا يجب أن تراق قطرة دم واحدة هنا, كما سمعتم إنهم هنا من أجل الطقوس لا القتال ,لا للقتال
زعيم يان : أيها الأمير هل تعي ما يعنيه وقوفك هناك ؟
تو باو : أجل أجل ,انه يعني بأنني أكترث لحياة من حولي أكثر من قضايا الثأر
زعيم غاو: بل أنك متواطئ معهم و خائن لعشيرتك
توباو : ها ؟؟ مجرم.؟ خائن ؟ مجرد وقوفي هنا جعلك تنعتني بكل هذه التهم؟ واه لهذا أكره تفكير الملوك
تشول : الأمير تو باو محب ومخلص لعشيرته ,أرجوا احترام مكانة عشيرة (تو) وأمرائها
الأمير الحقود : يبدوا أن ابن السماء مُصِرٌ على احراج نفسه
-على بغتة تندفع دفتي بوابة المعبد من الداخل ,كاشفة على وجه ممصوص ,هالات سوداء أسفل عيناه الغائرة ,تتفرع منها عروق على طول رقبته النحيلة تنتهي بختم ( عديم الأصل ) خلف الرقبة _
ينخفض مستوى سيف توباو متفاجأ بالضيف : غاغوي؟
- نظراته الغير مكترثة بما يحصل\, السوداوية التي تحيط جسده\, جعلهم لا يستوعبون التغير الذي وقع بالأمير خلال تلك الليالي الحالكة \, الوحيد الذي لم يتمكن من إخفاء فرحه هو ... _
والده : اذن جيان هاو قد فعلها ووجد الترياق هههه أخيرا أنت على قدميك يا أسدي
_يجر الأسد قدميه وكيسا بيده خارج المعبد ,ليتكئ على حافة التابوت الثاني بإرهاق :
للأسف, يبدوا أنني من كسب الرهان لا أنت أيها العجوز
الأمير الحقود (سان يي) : من يكون ذاك الهزيل؟
يهمس أخاه الأصغر (مون هوا) : وريث (غاو) الوسيم
الأمير الحقود : ذاك وسيم ؟
_ يرمى صاحب الملامح الكئيبة كيسه عند قدمي والده (غاو) ليتدحرج رأسي الحكيم والأميرة يان شي خارجه : تمت المهمة يا أبي
_فاتجهت السيوف نحو زعيم (غاو) الذي ينكر ما يرى : أنا أنا يستحيل أن أأمر بهكذا فعل ,صدقوني لم أفعل .
ملك يان : مالذي اقترفته هذه الطفلة لتفعل هذا بها؟ مالذي فعلته لك أيها الجبان حتى تطعنني في قلبي, اهجموا عليه اقتلوه اللعنة عليكم جميعا آتوني برأسه
ملك شي : لا أحد سيحصد رأس ذاك الكاذب إلا أنا
بمجرد علو أمر ملك (يان) الممزوج بويل الحسرات من المهانة التي تَحَمَّلَهَا لسنوات من أجل حماية عائلته ومملكته, يفزع العامة بعيدا خوفا , من انطلاق أسد النار وأشباله ليخلفه صاحب الفأس العملاق جميعا مستهدفين رقبة زعيم (غاو) فيتدخل حرس عشيرة (تو) بأمر من الأمير تشول, لتقوم المعركة بين العشائر الأربعة على مرأى القاتل الفعلي ...
ملحمة الذبح والقتل اللامنتهية فيما بينهم قد خنقت ضوء الشمس بسُحُبٍ مسودة, اخترقتها أصوات طرق مدوية صادرت من الأعلى , أخيرا تَخْتَتِمُ السماء علاماتها المشؤومة, بسيل من دماء نتنة حولت الرمال لِحُمُمٍ محمرة ,ذات رائحة كريهة حفزت عددا هائلا من الرؤوس الممسوخة على البروز من تحت الرمل ,.
لم ينتبه أحد على ظهورها حتى صاح من بينهم قائل :
" الويل الويل, إنهم جنود السماء ,أنجوا بحياتكم أهربوااا "
جنود السماء الساخطة أو ( الجاكامي ) هي أسطورة اشتهرتْ عن مخلوقات سلطتها السماء كعقوبة لأقوام ماضية عاصية, (الجاكامي) هم كائنات تشبه العفاريت الممسوخة, ذوي بنية ضعيفة وأجساد نحيلة، أصحاب أضلاع حجرية وجلود شاحبة، عيونها الغائرة في محاجرها كرجال قضوا نحبهم من الجوع ودُفنوا إلى أن بدأتْ أجسادهم في التحلل فخرجوا من قبورهم ليجولوا الأرض مرة أخرى ,من أجل اللحم الطازج فقط, لا يمكن أن يموتوا جوعا , كما ما من سيوف أو رماح ستمنعهم من التهام طعامهم ... باختصار ما من قوة قادرة عن القضاء عليهم ياستثناء السجن السماوي الذي كانت تتزاحم داخله, لولا تحطم القفل نتيجة كسر العشائر لعهد السماء .... ها هي الجنود تتخطف أي شيء الى فاهها المليئ بالأسنان الحادة ,أصوات العويل والركض الى لا نجاة الممتزجة بطحن عظامهم وتمزيق لحومهم ..... تُمِدُّ وميضا للعروق على وجه غاغوي الذي يسمو أعلى فأعلى الى السماء كلما التهم أطفاله المزيد من البشر ,حتى كادتْ اصابعه تلامس أبواب السماء
غاغوي : في النهاية ,لم يتمكن أحد من الصمود إلا عديمي الأصل ,لم يعد للدماء الملكية ولا القرارات السماوية أية قيمة, من الآن فصاعدا أنا من سيُعْلِنُ القرارات لا السماء
-لم يكن أمامي إلا سد آذاني فأمنع وصول قهقهته الجنونية وسط صراخهم الموحش, لا أدري هل الاختباء داخل التابوت كان جبنا أو دهاء مني , ولكنه كان منفذي الوحيد من تلك المخلوقات, لم يستغرق الأمر دقائق حتى تجمعتْ ذوات الرؤوس حول التابوت , مُحَاوِلَةً رَفْعَ الغطاء عني , زعزعتهم للتابوت قد رمى بأطراف الحكيم علي, قشعريرة برد شديدة سَرَتْ بجسدي, لوهلة ظننته رد فعل طبيعي بسبب تلامسي بالجثة الطاهرة , الى أن تحسست مؤخرتي الجليد الذي غَلَّفَ التابوت, عندها لم يتبادر في ذهني إلا احتمال واحد :
آآه اللعنة , إنها الصحوة
.
.
.
*******
.نهاية الجزء الأول.
كل الأحداث والشخصيات من نسج الخيال ولا علاقة لها بأية معتقدات.
(استغفر الله) (أستغفر الله) (أستغفر الله )
{ تمتْ بحمد الله }
12تم تحديث
Comments