الفصل 3

بعد أن شاهد الجميع شريط الكاميرا، تيقّنوا بأن الرجل انتحر. لكن كيم لم يقتنع سريعًا. راقب اللقطة بعين المحقّق، جمع المقاطع الصغيرة وربطها بشريطٍ مترابط كي يرى الحقيقة بعينٍ صلبة.

تأكد كيم أنها جريمة قتل — تنفيذها محترف. توقف ونظر إلى دعامة السقف حيث كان الحبل مربوطًا، وإلى مكان نصب الكاميرا. لم يكن يعلم بهذه التفاصيل سوى الضحية جون سكرتيرته. دلائل قليلة لكن حاسمة، وهذا ما جعل القضيّة أكثر شدّة.

كلارا كانت تراقبه. استدار نحوها كيم: — عزيزتي، أنت جيدة في اكتشاف التلاعب بالفيديو، أليس كذلك؟

أومأت كلارا متفاجئة ثم قالت: — نعم. أعطني نصف ساعة، سأكشف إن كان الفيديو مزوَّرًا.

ابتسم كيم: — أريد الحقيقة، لا تضيّعي الوقت.

جلسا أمام الحاسوب. طلب كيم من كلارا أن تركز على الزوايا والظلال. كان واثقًا أن هناك تلاعبًا واضحًا.

بعد 37 دقيقة صمت، صرخت كلارا: — انتهيت. انظروا.

هرع كيم وكل من مارغريت وكاليب نحو الشاشة. كل دليل صغير صار الآن صورة أكبر يتكوّن منها المشهد الحقيقي. أغلق كيم الحاسوب، ورفع سبابته نحو أينا مبتسمًا بثقة: — أنتِ القاتلة، يا الآنسة أينا.

صمتت الغرفة. أينا بقيت هادئة، بنظرة حادة وضحكة ساخرة: — أيها المحقق، هل تكرهني؟ حتى تلفق لي تهمًا؟

قال كيم ببرود: — ليست كراهية. الدليل أقوى منكِ.

سألت أينا بتحدٍّ: — إذًا ما دليلك؟

تدخّلت ليلا باكية: — كيف تجرؤ! على فعلتك هذه اعتبرك كابنته.

أجاب كيم: — عندما فحصت الضحية وجدت خصلات شعر ملتصقة بلباسه وعلى السجادة وبجانب المكتب. الخصل شقراء ورفيعة. والوحيدة ذات الشعر الأشقر هنا أنتِ. ثم، أين الخيط الأبيض الذي خُنِق به الضحية؟

تغيّر وجه أينا، فقد فقدت توازنها ولم تردّ. صرخ ماكس: — أخبرينا! هل قتلتِ أبي؟

انهارت أينا بالبكاء مدّعية البراءة: — لست القاتلة!

تقدّمت مارغريت: — أجبي على السؤال.

أخذ كيم يد أينا اليمنى: — انزعي الضماد. آثار على يدك تشير إلى أنك أمسكتِ الخيط. إذا دفعتي وسحبتِ ستظهر آثارٌ تشبه آثار الخيط على جسد الضحية.

دفعت أينا يدها بعنف: — لستُ القاتلة. أنا جعلته يفقد وعيه فقط، لكن لم أقتله!

قبضت ليلا على ثياب أينا بجنون: — لماذا فعلتِ هذا؟ كان زوجي يعاملك كابنة له!

قال كيم بصوت جامد: — ليلا، أنتِ الشريكة الثانية. والشريك الثالث هو أخُ الضحية.

ارتفع الغبار في الغرفة. ماكس صارخًا، متّهمًا والدته: — كيف تتهم أمي بلا دليل؟

تابع كيم: — في البداية ظننت أنها جريمة مشتركة. لكن الفيديو والأدلة المادية تُظهر تخطيطًا: مخرج سابق (ليلا) يعرف كيف يجهز المشهد، وسكرتيرة (أينا) لها دافع، والأخ ساعد في تنفيذ الجزء الأخير. الآن علينا أن نرى اعترافهم أو المزيد من الأدلة التي تكمل الصورة.

كيم وضع الحاسوب المحمول على الطاولة، شغّل الملف الأخير، ورفع الصوت قليلاً. كل الجماعة ركزت، صمت مطبق يملأ الغرفة. على الشاشة ظهر الفيديو الأصلي — ليس سوى الانتحار المزيف، بل المشهد الحقيقي الذي صوّرته ليلا على شكل فيلم: الضحية مكبل، الخيط الأبيض ممتد، كل الحركة مسجلة وأن من صعد على الكرسي شخص يلبس زي أخضر وهو من مثل شنق، وقد كان زاربا أخو ضحية.

كيم ابتسم برفق، ثم نظر إلى ليلا وأينا وأخ الضحية:

— شاهدوا جيدًا. هذا هو ما حدث بالفعل، كل شيء مسجّل. الفيديو الذي شاهدتموه سابقًا كان مجرد تمثيل، محاولة لإخفاء الحقيقة. الآن، لا مهرب.

ليلا التفتت إلى الفيديو، ثم بدأت بالكلام بصوت منخفض، هادئ لكنه مشحون بالغضب القديم:

— زوجي لعين… كان السبب في موت أخي. كذب عليه، بسببه ذخل السجن بالتهمة سرق الأموال، بينما هو يبيّن أن أخي مذنب… مات هناك، ولم يكن هناك من ينصفه. لذلك قررت الانتقام.

أينا لم تستطع الصمت بعد رؤية الفيديو:

— نعم، أنا ساعدتها… أنا قبضت على الحبل… خنقت جون بالخيط الأبيض. كنت أعلم أنه سيسقط… لكنه لم يكن ليعيش ليدافع عن نفسه... لأنه سبب في موت بالسيارة بعد أن إصطدم به وهرب، تذكرت وجهه جيدا، وساعدتني انسة ليلا لأخذ بإنتقامي.

كيم أشار لهم أن يشرحوا تفاصيل التنفيذ:

— كيف فعلتم ذلك؟ خطوة بخطوة.

ليلا أخذت نفسًا عميقًا:

— أولًا، خططت لكامل المشهد. أعددت الفيديو المزيف مسبقًا، مثل فيلم. صوّرته وكأنه انتحار… ووضعت النسخ في ملفات الكاميرا. كل زاوية، كل حركة، كل تعبير على وجهه، تم تصويره بدقة.

أينا أكملت، بصوت متهدج:

— بعد أن أخدتُ الحبل الأبيض، اقتربت منه عندما كان بمكتبه. ضغطت عليه بلطف أولًا، جعلته يفقد وعيه… ثم سحبت الخيط إلى الأسفل عبر النافذة إلى الحديقة. كان موصولًا إلى شجرة هناك.

ليلا أوضحت أكثر، نبرة صوتها حادة:

— كنت جالسة في الحديقة مع ابنها، وأدرت العملية بحذر حتى لا يلاحظ ابنها شيئًا. كل شيء محسوب… لا أحد كان ليشكّ، لأن النسخة المزيفة على الكاميرا أظهرت الانتحار، لكن الحقيقة كانت أمامنا.

تجمد ابنها ماكس سقط على كلتا ركبتيه، لم يستطع تحمل أن والدته قتلت والده.

أخ الضحية، الذي ساعد في حمل الجسد، تحدث بصوت منخفض:

— أنا ساعدتهما في نقل جسد جون… إلى المكان المحدد. حملنا الجثة، وكنا نرتب مشهد الانتحار، لتتماشى مع الفيديو المزيف.

كيم نظر إليهم جميعًا بعين ثابتة:

— والسبب؟

ليلا تنهدت بمرارة:

— الانتقام. لأن هذا الرجل دمّر حياة أخي. لم يكن الموت كافيًا، أردت أن يشعر بالذنب قبل أن يغادر الحياة… وكان من الضروري أن يكون كل شيء مثاليًا، لا يمكن أن يترك أي أثر… لذلك استخدمنا الفيديو، الخيط، كل شيء.

أينا أكدت بصوت منخفض:

— وأنا نفذت الخنق، وكانت ليلا المخططة. أخوه ساعد في تغطية كل شيء… وهكذا انتقمت لأبي العزيز وامي التي توفيت حزنا عليه.

كيم أومأ ببطء:

— الآن كل شيء واضح. الفيديو الأصلي يثبت كل خطوة، كل خطة، كل فعل. لا يمكن لأحد إنكار الحقيقة بعد هذا.

الدموع بدأت في أعين أينا، ليلا كانت هادئة لكن نظرتها قاتلة، وأخ الضحية منحني رأسه، يعرف أن العدالة لا يمكن أن تتجاهل كل هذا بعد تسجيل كل شيء.

كيم أغلق الحاسوب ببطء، وقال بصرامة:

— هذا التسجيل سيذهب مباشرة إلى النيابة. اليوم، انتهى خداعكم، وستُواجهون العدالة على كل خطوة فعلتموها.

اما سليا كانت تواسي، ماكس الذي صار ابه ضحية لخطة امه، وكانت منصدمة كيف لعائلة كانت واحدة تفعل هذا وتخطيط الاستراتيجي المتقن.

خرج رجال الشرطة من الغرفة وهم يقودون ليلا وأينا وأخ الضحية رازبا نحو السيارات المصفوفة خارج الفيلا، أصفاد الأيدي تلمع تحت أشعة الشمس. صمت المكان يملأه شعور بالعدالة التي بدأت تتحقق.

كيم حمل الحاسوب المحمول إلى سيارته، وكلارا إلى جانبه. فتح الباب وجلسا معًا، محاطين بصوت محركات الشرطة البعيد.

كيم ابتسم وهو يشغل المحرك:

— يبدو أنك تأخرت عن عملك في الشركة اليوم، يا كلارا.

كلارا ضحكت بخفة وهي تضبط حزام الأمان:

— لا تقلق، أنا كتبت مقالة جيدة. المديرة ستكافئني عليها، خصوصًا وهي تعلم أنني صحفية مجدة.

كيم أدار السيارة نحو الطريق السريع، عينيه على الطريق، وابتسامة هادئة على وجهه:

— حسنًا… مقالة جيدة بعد يوم مليء بالجرائم ليست بالأمر السهل، أليس كذلك؟

كلارا أومأت برأسها، وابتسمت، ثم قالت بنبرة مليئة بالرضا:

— نعم، ولكن عندما تعمل مع محقق مثل كيم، كل شيء يصبح أسهل… وأمتع.

كيم نظر إليها عبر المرآة الجانبية، وقال بهدوء:

— وربما اليوم علمتِ أن الصحافة يمكن أن تكون أقوى من الكاميرات، خصوصًا إذا اكتشفت الحقيقة.

ابتسمت كلارا ووضعت يدها على يده لوهلة قصيرة، ثم أغمضت عينيها قليلاً مستمتعة بلحظة الهدوء بعد العاصفة، بينما السيارة تسير بثبات نحو المدينة، مع شعور بأن العدالة قد تحققت، وأن الحقيقة كانت تستحق كل هذا الجهد.

صفحة 2

جلست السيارة تسير ببطء في شارع المدينة، بعد أن ابتعدت عن الفيلا وصخب الشرطة. صمت هادئ يملأ المقصورة، لم يكن صمتًا عادياً، بل صمت من نوع خاص… صمت بعد العاصفة، صمت يحمل الراحة وعبء الحقيقة في الوقت نفسه.

كلارا نظرت إلى كيم من جانبها، بابتسامة بسيطة لكنها مليئة بالامتنان:

— اليوم كان صعبًا جدًا، لكننا فعلنا ما كان يجب فعله.

كيم أدار عينيه نحو الطريق، ثم نظر إليها عبر المرآة الجانبية:

— نعم… الحقيقة دائمًا أثقل من الأكاذيب، لكن شعورك عندما ترى العدالة تتحقق… لا يقدّر بثمن.

ابتسمت كلارا، وضعت يدها على يده للحظة قصيرة، ثم قالت:

— وربما هذا يجعل كل مقالة وكل تحقيق صحفي أصغر بكثير مقارنة بما نفعله هنا، في الواقع.

كيم ضحك خفيفًا، ثم أضاف:

— وربما تجعلنا مستعدين للمهمة القادمة… لأن الحقيقة لا تنتظر، دائمًا هناك من يحتاج من يكتشفها.

كلارا أومأت، وعيونها تلمع بالشغف:

— إذًا، لننتظر… ونكتب، ونكشف، ونحمي الحقيقة.

السيارة استمرت في السير، والمدينة تبدو هادئة، وكأنها تتنفس الصباح لأول مرة بعد قضية مشحونة طويلة من الظلال والأسرار. كيم وكلارا جلسا جنبًا إلى جنب، شعور بالرضا يملأهما، مع العلم أن العدالة قد تحققت اليوم، وأنهما مستعدان لمواجهة أي تحدٍّ قادم، معًا.

وبعد لحظات وصلت كلارا لمكان عملها، ودعت زوجها قائلة:

لاتنسى إحضار جونيو... لأنني قد أتأخر في العمل.

ابتسم كيم: حسنا لا تقلقي.

ودع زوجته وتكأ على الكرسي السيارة، يتنفس بالهدوء فمع كل ابتسامة له، والقضية التي حلها اليوم، كيف أن تكون زوجة و أخ و سكرتيرة شريكان في جريمة، وحتى أن إثبات جرمهم كان مثقن.

العالم غريب وقد تتوقع أي شيء.

الجديد

Comments

إيمان رفي

إيمان رفي

عليك أن تكمل القصة كلها لكن حقا المحقق كيم ذكي وحتى معرفة أن زوجة ضحية كانت مشتركة لم أظن هذا أبدا

2025-10-18

14

نزار نصفي

نزار نصفي

القصة جميلة جدا لها قصة مشوقة من الفصل الأول إلى الثالث

2025-10-18

12

تامر تامر

تامر تامر

المحقق كيم رونيز قصة رائعة تابع كتابة القصة للأخر

2025-10-18

10

الكل
مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon