مرت الأيام على حبهما، وكل لقاء كان يزيد من تعلقهما ببعضهما. لكنه اليوم بدا مختلفًا، شيء غريب يثير قلبها بلا سبب واضح. كانت تمشي في ممر الجامعة، وكل عيونها تراقبه، وكل خطوة تشعرها بالخوف من فقدانه ولو للحظة. فجأة، لمحته يتحدث مع فتاة جديدة، مبتسمة بطريقة مألوفة لكنه لم يلاحظها بعد. ارتجف قلبها، وارتسمت على وجهها ملامح الغيرة والخوف من أن يختفي عن حياتها.
اقتربت منه بعد انتهاء المحاضرة، تحاول كتم شعورها، وقالت بابتسامة مهذبة:
"هلا… شلونك اليوم؟"
ابتسم لها، لكنه بدا مشغولًا ومتوترًا قليلاً:
"هلا… الحمد لله، بس اليوم كان مزدحم."
جلست بجانبه على أحد المقاعد الخشبية، محاولة أن تخفي القلق الذي يملأ قلبها، لكنه شعر بشيء، ونظر إليها بعينين مليئتين بالاهتمام:
"شي صاير؟ تبين تحچين؟"
ابتسمت بخجل وقالت:
"اليوم شفتج تتكلم ويها… حسيت بشي غريب."
ضحك بخفة وقال:
"هسه شنو، هي مجرد زميلة دراسة… ماكو شي بيننا."
ارتاحت قليلاً، لكن قلبها ظل مضطربًا. كانت الغيرة شعورًا جديدًا عليها، شعورًا صعب السيطرة عليه، لكنها قررت أن تواجهه بصراحة فيما بعد.
مرت الأيام، وصار كل لقاء بينهما مليان حميمية ودفء. كان يرسل لها رسائل صغيرة بين المحاضرات، وأحيانًا كلمات غزل خفيف، لكنها كانت تشعر بأنها تزيد من تعلقها به أكثر فأكثر. كل كلمة منه كانت تزرع في قلبها دفء لا يوصف، وكل نظرة تحمل وعدًا صامتًا بالحب.
في أحد الأيام، قرر أن يأخذها في نزهة على ضفاف دجلة، بعيدًا عن صخب المدينة. جلسا على العشب، والهواء مليء برائحة الزهور والنهر، وكان كل شيء حولهما يلمع بدفء الشمس الذهبية. التقت يداهما تدريجيًا، وكأنهما يعرفان أن هذا هو المكان الذي ينتميان إليه، بعيدًا عن أي شكوك أو مخاوف.
قال لها بابتسامة هادئة:
"تعرفين، كل مرة أشوفج، أحس الدنيا أحلى."
ابتسمت بخجل وقالت:
"وأنا… كل مرة أشوفك، أحس قلبي يرقص من الفرح."
تحدثا عن الطفولة، عن الأماكن التي أحبّاها، عن الأحلام الصغيرة والكبيرة. كل كلمة كانت تحمل دفءً، وكل ضحكة كانت تجعل قلبها يذوب. وفي لحظة هدوء، اقترب منها وقال:
"أريد أعدج بشي… أريد أكون جنبج دايمًا، بكل لحظة من حياتج."
ارتسمت على وجهها ابتسامة، وقالت:
"وأنا أعدج، أكون معك مهما صار."
بعد هذه اللحظة، صار كل يوم يحمل لمسة جديدة من الحب والدفء. كانت لقاءاتهما القصيرة بين الصفوف، الرسائل الغرامية الصغيرة، والنظرات العابرة كافية لتقوية رابطهما. ومع ذلك، لم تخلُ الأيام من اختبار صغير للثقة.
في يوم ممطر، جلسا في مقهى هادئ، والمطر يهطل برقة على الزجاج. كانت الموسيقى خافتة، والجو مثالي للحب. قال لها وهو يراقب المطر:
"تحبين المطر والهدوء؟"
ابتسمت وقالت:
"اي… أحس الدنيا توقف للحظة، ونكون إحنا فقط."
ابتسم وقال:
"يعني حتى المطر صار رمز لنا."
ضحكت بخجل وقالت:
"أيوه… رمزي الخاص بينا."
بعد أيام، جاء تحدٍ جديد. وصلت لها رسالة عن طريق صديقة تقول أن هناك فتاة تحاول التقرب منه بطريقة غريبة. شعرت بالغضب والغيرة، لكنها قررت أن تواجهه بصراحة.
"أريد أعرف، شنو العلاقة بينك وبينها؟"
ابتسم بحنان وقال:
"إنتي قلبي… ماكو غيرج. كلشي غيرج مجرد صدفة."
ارتاحت، لكن قلبها تعلم درسًا مهمًا: الغيرة طبيعية، لكن الثقة أهم من أي شعور آخر.
ومع مرور الوقت، أصبح كل لقاء مليان غزل، نظرات صامتة، وكلمات تقول: "إنتي أهم شي بحياتي." كل لمسة، كل ابتسامة، كانت تعكس حبًا حقيقيًا صادقًا. حتى أصغر التفاصيل كانت تظهر اهتمامه بها، وكل كلمة وكل فعل يقول: "إنتي عالمي كله."
في يوم مشمس، جلسا تحت شجرة كبيرة في الحديقة، والظل يلقي على وجوههما. قال لها:
"أعرف أنو كلشي من حولنا ممكن يشتتنا، بس أحبج… أحبج بكل ما فيني."
ابتسمت وقالت:
"وأنا… أحبك أكثر مما تتصور… أكثر من كل الكلمات."
ومع نهاية الأسبوع، قررا قضاء اليوم معًا خارج المدينة، على ضفاف دجلة مرة أخرى، بعيدًا عن كل شيء، ليكونا فقط مع بعضهما. كانت الرحلة مليئة بالضحك، بلحظات الغزل، بالحديث عن المستقبل، وكل لحظة فيها شعور بأنهما لا يطيقان الفراق ولو للحظة واحدة.
جلسا بجانب الماء، القمر ينعكس على سطحه، وقال لها:
"تدرين، كل لحظة معج تحسسني أنو الحياة صار ليها معنى أكبر."
ابتسمت وقالت:
"وأنت… كلشي بحياتي صار أجمل من يوم ما دخلت حياتي."
جلسا جنبًا إلى جنب، يديهما متشابكتان، وكل كلمة وكل نظرة تقول: "إحنا مع بعض… وكل شيء آخر مو مهم." كانت تلك اللحظات بداية فصل جديد، فصل فيه التحديات، الغيرة الصغيرة، والثقة المتبادلة، لكن الحب بينهما أصبح أقوى، أكثر عمقًا، وأكثر استعدادًا لمواجهة أي شيء قد يأتي في المستقبل.
مع نهاية الفصل الرابع، شعرا أن الحب أصبح أكثر وضوحًا، أكثر صراحة، وأنهما مستعدان لكل شيء، لأنهما اكتشفا أن قلب كل واحد منهما أصبح ملك الآخر، وأن أي عاصفة صغيرة قد تمر لن تغير من قوة هذا الحب أبدًا.
يتبع
Comments