البارت 3

مرت أيام وساعات الجامعة كأنها لم تكن كافية لهما. كل لقاء أصبح أشبه بالكنز، وكل كلمة أو ابتسامة كانت تزيد من تعلقهما ببعض. كانت تمر الساعات وكأنها دقائق، وعندما ينفصلان بعد المحاضرات، كان قلب كل واحد منهما يئن شوقًا للآخر.

في يوم الجمعة، قرر أن يصطحبها في نزهة قصيرة على ضفاف دجلة، بعيدًا عن صخب المدينة وصوت السيارات، حيث يمكن لهما التحدث بحرية، والتنفس بعمق، والشعور بأن العالم ملك لهما وحدهما. كان النهار مشمسًا، والسماء صافية، والهواء يحمل رائحة الماء والأشجار.

جلسا على العشب، يراقبان حركة المياه البطيئة، ويداهما تقتربان تدريجيًا دون أن يلاحظا. كان هناك صمت جميل، صمت يحمل بينه ألف كلمة، كل واحدة تقول: "أنا هنا لأجلك". فجأة، أخذ يدهما بعضها، كأنها حركة طبيعية لا تحتاج تفكيرًا، وشعرا بدفء لم يشعران به من قبل.

قال لها بابتسامة خفيفة:

"تعرفين، كل مرة أشوفج، أحس أن الدنيا صارت أحلى."

ابتسمت بخجل، ووضعته كلماتها: "وأنا… كل مرة أشوفك، أحس قلبي يرقص من الفرحة."

بدأ الحديث عن ذكريات الطفولة، عن الأماكن التي أحبّاها، عن الأحلام الصغيرة والكبيرة، وكل كلمة كانت تزيد من قربهما. وفي لحظة، التفت إليها وقال بصوت هادئ لكنه جاد:

"أريد أعدك بشيء… أريد أعدك أن أكون جنبك دايمًا، في كل لحظة، سواء كانت فرح أو حزن."

ابتسمت بعينين تلمعان، وقالت: "وأنا أعدك، أكون معك… مهما صار."

كانت الشمس تبدأ بالانخفاض، واللون الذهبي يكسو السماء، مما جعل المشهد كلوحة فنية حية، كل شيء فيها مليء بالدفء والرومانسية. شعرت أن قلبها يذوب، وأن كل شعور خوف أو حيرة قد اختفى تمامًا أمام هذه اللحظات الصادقة.

في طريق العودة إلى الجامعة، مشيا جنبًا إلى جنب، وكانت لمسات أصابعهما تتشابك تدريجيًا، وكل لمسة تحمل وعدًا غير معلن، وكل نظرة تعكس مشاعر لا تحتاج كلمات لتفسيرها.

في اليوم التالي، جلسا في المكتبة، بعيدًا عن أعين الطلاب الآخرين، لكنه نظر إليها وقال:

"أعرف أن المكان هادئ، بس أشعر أن كل شيء حولنا صاخب، إلا نحن."

ابتسمت بخجل، وقالت: "أحس نفس الشي، كأننا عالماننا صاير خاص بينا."

بدأ الحديث عن المستقبل، عن الأماكن التي يحلمان بزيارتها، عن الأشياء التي يريدان تجربتها معًا. كل فكرة كانت تحمل بين طياتها فرصة للاقتراب أكثر، وكل كلمة كانت تجعل قلبهما ينبض أسرع.

في أحد الأيام الممطرة، كانا يجلسان في مقهى صغير في شارع جانبي بالنجف، المطر يهطل برقة على زجاج النوافذ، والهواء مليء برائحة التراب المبتل والزهور من الحدائق القريبة. كانت الموسيقى هادئة، والأجواء مثالية للحظات حميمية.

"تحبين المطر والهدوء معًا؟" سألها، وهو يراقب قطرات المطر تتساقط.

"اي، أحس الدنيا توقف للحظة… ونكون إحنا بس."

ابتسم وقال: "يعني، حتى المطر صار رمز لنا."

ضحكت بخجل، وقالت: "أيوه، رمزي خاص بينا."

مع مرور الوقت، أصبح كل يوم يحمل لمسة جديدة، كل لقاء يحمل قصة جديدة، وكل كلمة تحمل دفء وحب. أصبحا يعرفان بعضهما أكثر، يكتشفان عيوب بعضهما ومميزاتهما، لكن كل اكتشاف كان يزيد من ارتباطهما.

في إحدى الأمسيات، جلسا على شرفة أحد المباني العالية، يراقبان أضواء المدينة تتلألأ كالنجوم. قال لها:

"تدرين، كل نور من هالأضواء يذكرني بيج… يذكرني بضحكتج، بنظرتج، بكل شي فيج."

ابتسمت وقالت: "وأنا، كل ضوء يذكرني بيك… يذكرني بكلامك الحلو وبوجودك."

بدأ القمر يظهر ببطء، والليل يغطي المدينة بسحره، وشعرا أن الوقت لا يكفي لاستيعاب كل ما يريدان قوله للشخص الآخر. كانت اللحظة مثالية، دافئة، مليئة بالرومانسية، وكأن كل شيء في العالم مصمم ليكون بينهما فقط.

في تلك اللحظة، قرر أن يكون أكثر صراحة، اقترب منها وقال:

"حسيت لازم أكون صريح… كل شعور عندي، كل حب عندي… إلك فقط."

ارتجفت، وقالت بخجل وعيون تلمع: "وأنا… كل قلبي إلك… دايمًا."

كانت تلك الكلمات بداية لفصل أعمق، فصل فيه الحنان والدفء والجمال، فصل يخلق ذكريات ستظل محفورة في قلبيهما إلى الأبد.

وبينما الليل يكتمل والقمر يضيء، جلسا جنبًا إلى جنب، يديهما متشابكتان، وكأنهما يقولان للعالم: "إحنا هنا، معًا، مهما كانت الظروف."

---

يتبع

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon