البارت 2

بعد أيام من اللقاء الأول في الجامعة، بقيت صورته عالقة في ذهنها كظل دافئ ما ينمحى. كل خطوة كانت تخطوها بين الصفوف تشوفه، حتى لو ما كان يلاحظ وجودها، قلبها ينبض بشيء غريب، مزيج من الحنين والخوف. كانت تتساءل: هل هو يلاحظني؟ هل يبتسم لي كما ابتسم لي في المرة الأولى؟

في صباح يوم الاثنين، كانت تمشي على الرصيف المؤدي إلى الجامعة، ومع كل خطوة كانت تسمع صوت قلبها يكاد يعلو على صوت أصوات الطلبة من حولها. فجأة، ظهرت هيبته من بعيد، وابتسم لها ابتسامة خجولة لكنها كانت صادقة، جعلتها تشعر بأن كل الدنيا توقفت للحظة.

اقتربت منه خطوة خطوة، وكأن كل خطوة كانت تقربها من حلم لطالما حلمت به. "هلا…" قالت بصوت خافت، لكنه كافٍ ليجعل الهواء من حولهما مشحوناً بالدفء.

"هلا، شلونج اليوم؟" سألها بصوت مليء بالود، وكانت تلك اللحظة كأن الزمن توقف عن الدوران، فقط هما الاثنين في عالم صغير خاص بهم.

جلسوا على أحد المقاعد الخشبية في ساحة الجامعة، حيث كانت الشمس تتسلل بين الأشجار، تضيف لمسة ذهبية على وجوههم. كانت تحاول التحدث عن دراستها، عن المواد الصعبة، لكنه فجأة قال بابتسامة ماكرة:

"أعرف شغلة، كل مرة أشوفج، أحس أن كل الدنيا أحلى."

ابتسمت بخجل، شعرت بحرارة تنتشر في جسدها، وكأن قلبها يريد أن يقفز من مكانه.

مرت الأيام، ومع كل لقاء كانت تعرف عنه أكثر، ومع كل حديث كانت تشعر أن هناك رابط خفي يجمع بينهما. لم تكن تعرف هل هذا مجرد انجذاب عابر، أم بداية قصة حب ستظل محفورة في قلبها إلى الأبد.

في أحد الأيام، كانا يسيران في طريق الجامعة بعد انتهاء المحاضرات، والهواء يحمل رائحة الزهور من الحدائق القريبة، فقال لها:

"تحبين نروح مكان هادئ؟"

ابتسمت وقالت: "اي، وين؟"

قادها إلى حديقة صغيرة خلف المبنى، حيث الأشجار العالية والزهور الملونة، وكان المكان هادئًا تقريبًا لا يسمع فيه إلا صوت الريح وأغاني الطيور. جلسا على مقعد خشبي قديم، وكان القرب بينهم كافٍ لتشعر برعشة في قلبها.

تحدثا عن أحلامهم، عن أمنياتهم في المستقبل، وعن الأشياء الصغيرة التي تجعلهم سعداء. كان يسمعها بانتباه شديد، وأحيانًا يضحك على مواقف بسيطة لكنها كانت تجعل قلبها يذوب.

"يعني، شلونك كل هالأيام ما كنت أقدر أشوفج؟" سألها بصدق.

ضحكت بخجل، وقالت: "كنت أخاف… مو عارفة ليش."

ابتسم وقال: "الخوف طبيعي، بس تعرفين، أحيانًا لازم نغامر حتى نكتشف شنو إحنا نحب."

مع مرور الوقت، بدأت المشاعر تكبر بينهم، وصارت اللقاءات أكثر خصوصية. كان يرسل لها رسائل قصيرة بين المحاضرات، أحيانًا عبارات غزل خفيفة، وأحيانًا كلمات تعكس اهتمامه بها. هي بدورها كانت ترد بابتسامة كبيرة على وجهها، وكأن كل كلمة منه تغرس دفء في قلبها.

في يوم ممطر، جلسا في المكتبة، حولهما الكتب والمراجع، لكن نظرتهما كانت مركزة على بعضهما أكثر من أي شيء آخر. المطر كان يهطل برقة، وقطراته تضرب زجاج النوافذ، وأضافت لمسة رومانسية على المكان.

"تحبين المطر؟" سألها.

"اي، أحسه يحسسني بالراحة، وكأنه يغسل همومي."

ابتسم وقال: "يعني، حتى المطر يذكرني بيج."

ارتسمت على وجهها ابتسامة صغيرة، وكانت تلك الكلمات كافٍ لتجعل قلبها يرفرف كالطير الصغير.

تغيرت الأيام، وبدأ كل واحد يشعر بارتباط عميق بالآخر، ليس مجرد إعجاب سطحي، بل شيء أعمق، شعور بالأمان والحنان. كانت تحس بأن وجوده يجعل كل شيء حولها أجمل، وكل همومها تبدو أقل ثقلًا.

في إحدى الأمسيات، جلسا في شرفة الجامعة، الشمس تغرب بلون خمري ذهبي، والهواء يحمل نسيم بارد قليلًا. قال لها:

"أريد أقول لج شي… يمكن يخيفج، بس لازم تعرفين."

ارتجفت، وقالت بصوت خافت: "شنو؟"

نظر في عينيها وقال: "أنا… أحبج. بكل ما فيني."

ارتعشت الكلمات على شفتيها، لكنها شعرت بسعادة لا توصف، وقالت: "وأنا… أحبك بعد… من كل قلبي."

كانت تلك اللحظة البداية الحقيقية لقصة حبهما، بداية فصل جديد مليء بالمشاعر الصادقة، والأحلام المشتركة، والوعود التي سيحملونها في قلوبهم رغم كل الظروف.

وبينما كانت النجف تتلألأ بأضواء المساء، شعر كل واحد منهما أن العالم أصبح مكانًا أجمل، وأن الحب الذي بدأ بينهما في صمت الجامعة أصبح حاضرًا في كل تفاصيل حياتهما، يحميهما من الوحدة، ويمنحهما القوة ليستمروا في رحلتهم معًا.

ومع بداية الأسبوع التالي، أصبح وجودهما معًا جزءًا من الروتين الجميل، لقاءات قصيرة بين الصفوف، رسائل صغيرة، نظرات صامتة، وأحيانًا لمسات خفيفة، كلها أشكال من التعبير عن حب بدأ ينمو ويكبر يوماً بعد يوم، كزهرة صغيرة تتفتح في حديقة الحياة، رغم كل العواصف والمطر.

---

يتبع

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon