4

ظل جيمين يحدق فيها، يده ما زالت على خدها، ابتسامته هادئة لكن عينيه تفضحان جنونًا عميقًا. كان الصمت بينهما ثقيلاً، حتى قرر هو كسره بصوت بارد:

" أتذكرين تلك الليلة، حين تحديتني أمام رجالي؟"

ارتجفت أنفاسها، لكنها لم تجب. تابع وهو يبتسم ابتسامة قاتمة:

"كانوا يظنون أن بإمكانهم النظر لي بشك... أن يظنوا أن امرأة أضعفتني أمامهم. رجالي... نسوا أن زعيم المافيا لا يُهان."

تراجعت ستيلا قليلًا للخلف، قلبها بدأ يخفق بعنف، إحساس ثقيل خنق صدرها.

همست بصوت متقطع:

"جيمين... ماذا فعلت؟"

اقترب أكثر، عيناه تلمعان ببرود قاتل، وصوته نزل عليها كالسكين:

" تخلصت منهم. لم أعد بحاجة لرجال يشكّون في قوتي. دفنتهم بيدي... حتى يتعلم الجميع أن من يتحدى جيمين... نهايته واحدة."

شهقت ستيلا، كفها ارتفع ليغطي فمها في صدمة مرعبة. كلماته اخترقت عقلها كالبرق، صور الدم والموت لم تفارق مخيلتها.

ابتسم أكثر، ملامحه ازدادت قسوة وهو يضيف:

"هل تفهمين الآن يا ستيلا؟ حتى رجالي لم أرحمهم... فكيف أترككِ تفلتين من قبضتي مرة أخرى؟"

غمرها خوف لم تعرف له مثيل من قبل، جسدها تجمد وهي تراه يقف أمامها، كوحشٍ لا يملك قلبًا... رجل مستعد أن يدمر كل شيء فقط ليبقيها بجانبه.

سقطت الكلمات من فمه كالرصاص، لكن بدل أن تنهار أو تصرخ، رفعت ستيلا عينيها نحوه. دموع ثقيلة تجمّعت على جفونها، وصوتها خرج مبحوحًا لكنه ثابت:

" لهذه الدرجة تغيّرت يا جيمين؟"

تجمد للحظة، لم يتوقع أن يكون ردها عتابًا بدل الخوف. ابتلعت ريقها وأكملت، قلبها يختنق:

" كنتَ تحميني من كل شيء... كنتَ الرجل الذي أظن أنني أستطيع أن أبني معه حياة. أين ذاك الرجل؟ أين جيمين الذي أحببته؟"

ارتجفت نبرة صوتها، لكنها لم تتوقف:

"الآن... كل ما أراه أمامي وحش يقتل رجاله بدم بارد... رجل مهووس يعتقد أن السيطرة تعني الحب. لو كان في داخلك شيء من جيمين الذي أعرفه... ما كنت لتفعل هذا بي... ولا لتقتل من وثقوا بك."

عيناه الزرقاوان لمع فيهما بريق غامض، مزيج بين الغضب والجرح. اقترب منها أكثر، صوته خفيض لكنه مشبع بالقسوة:

" ذلك الرجل... مات يوم تركتِني. ما تراه الآن هو ما صنعته خيانتكِ، ستيلا."

اهتز قلبها، دموعها انسابت بصمت على خدها، لكنها قالت بنبرة حادة:

" أنا لم أخنك... أنا أنقذت نفسي منك. لو أنك أحببتني بحق... لكنت تركتني أعيش، بدل أن تحوّلني إلى سجن جديد."

سادت لحظة صمت ثقيلة، كأن الغرفة نفسها انحبس فيها الهواء. جيمين ظل يحدق بها طويلاً، وملامحه لأول مرة اهتزت بين الغضب والارتباك... بين زعيم مافيا لا يعرف الرحمة، ورجل جريح لم يتجاوز فقدها

ظل جيمين يحدّق في ستيلا، عينيه الزرقاوين تلمعان كبحر هائج. قبضته انغلقت على فخذه بقوة حتى برزت عروقه، وصوته حين خرج كان أشبه بزئير مكتوم:

- "أنقذتِ نفسكِ مني؟"

ضحك بخفوت، لكن ضحكته كانت مجروحة أكثر مما هي ساخرة. نهض واقفًا، بدأ يتمشى في الغرفة بعصبية، يمرر يده في شعره الأسود الكثيف، كتفاه العريضتان ترتجفان من شدة التوتر.

ثم التفت نحوها فجأة، صوته ارتفع، لكنه مبحوح كأنه يخرج من قلب محروق:

" كنتِ كل حياتي يا ستيلا! كل شيء بنيته، كل خطوة أخذتها... كنتِ أنتِ السبب. تركتِني وكأنني لا شيء... كسرتِني، حطمتِني، وجعلتِني أعيش في جحيم سنوات!"

اقترب منها بعنف، يده ارتفعت للحظة وكأنه سيضربها، لكنها ارتجفت ثم انخفضت فجأة، كأن قلبه يخونه. قبض كفيه بشدة حتى ابيضّت مفاصله، وانحنى برأسه نحوها، صوته انكسر:

"هل تعرفين ما معنى أن أستيقظ كل ليلة وأنا أبحث عنكِ بجانبي... ولا أجدك؟ هل تفهمين كم مرة كرهت نفسي لأني لم أستطع أن أجعلكِ تبقين؟"

دموع ستيلا سالت أكثر، لكنها تمسكت بصمتها. كان أمامها رجل ممزق بين وحشية زعيم المافيا وانكسار الحبيب القديم.

رفع وجهه إليها، عيناه تمتلئان بدموع محبوسة، وصوته هذه المرة كان مزيجًا من الغضب والرجاء:

" أنتِ السبب... جعلتِني ما أنا عليه اليوم. ولو كنتِ اخترتِ البقاء... لما فقدتُ كل شيء."

اقترب أكثر، حتى صار وجهه على بعد أنفاس منها، وصوته هبط همسًا لكنه ممتلئ بالتهديد والجرح:

" أقسم، يا ستيلا... لن أسمح لكِ بتركي مرة أخرى. لن أعيش ذلك الجحيم مرتين."

ظل جيمين منحنٍ قربها، صوته المرتجف من الألم تحوّل فجأة إلى نبرة حادة كالسكين. ارتفع واقفًا دفعة واحدة، قبضته اصطدمت بالجدار بجانبها بقوة جعلت الخشب يهتز والصدمة ترتجف في جسدها.

"كفى!" صرخ بصوت هزّ الغرفة.

عيناه الزرقاوان اشتعلتا بلهيب الغضب، وجهه الوسيم تلوى بملامح رجل لم يعد يحتمل جراحه.

" كفى عتاب! كفى أعذار! لقد انتهى زمن الكلام يا ستيلا."

أمسك بذراعها بقوة ورفعها من على السرير حتى وقفت مرغمة أمامه، جسده المعضل يحيط بها كجدار لا يمكن تجاوزه. اقترب حتى شعرت بأنفاسه الثقيلة تصطدم بوجهها.

"ظننتِ أن بإمكانكِ تركي والهرب من عالمي... لكنكِ لا تفهمين شيئًا."

ضغط أكثر على ذراعها حتى تأوهت، لكنه لم يرحمها. صوته انخفض، لكنه صار أكثر قسوة:

" أنا لم أعد ذلك الرجل الذي تعرفينه... أنا زعيم مافيا يا ستيلا. وكل من حولي ينحني لإرادتي. والآن... حتى أنتِ ستنحنين."

حاولت أن تفلت نفسها، لكن قبضته كانت من حديد. رمقها بنظرة باردة وهو يكمل:

"من هذه اللحظة... حياتكِ ملكي. خطواتكِ، كلماتكِ، حتى أنفاسكِ... كلها لي. وإن فكرتِ مرة أخرى في التمرد... فلن أتردد أن أريكِ الوجه الآخر... الوجه الذي لا يرحم."

اقترب أكثر، عيناه لمعتا بخطر مميت:

" تذكريني جيدًا يا ستيلا... لأنكِ الليلة دخلتِ سجني، ولن تخرجي منه حيّة إلا إذا شئتُ أنا."

الغرفة غمرها صمت ثقيل بعد كلماته، لكن ذلك الصمت كان أسوأ من أي تهديد... كان إعلان بداية حقيقية لسجنها داخل قصره.

مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon