قيود العشق المظلم

قيود العشق المظلم

"ظنت أنها تركته... لكنه لم يتركها أبدًا."

كانت ستيلا تصعد الدرج بخطوات متعبة بعد يوم طويل، لكن عينيها اتسعتا حين رأت جيمين يحاول فتح باب شقتها بهدوء.

تجمد الدم في عروقها، فتراجعت بخفة إلى الوراء ونزلت درجات قليلة دون أن تُصدر صوتًا. قلبها يخفق بسرعة وهي تبحث عن مكان تختبئ فيه، حتى استقرت خلف العمود الحجري في زاوية الدرج. أخرجت هاتفها بيد مرتجفة وأرسلت رسالة سريعة إلى صديقتها، ثم ضغطت على زر الاتصال، متمنية أن ترد.

لكن الصمت على الطرف الآخر لم يدم طويلًا، إذ انبعث من الهاتف رنين قصير كان كافيًا ليلتقطه جيمين.

رفع رأسه ببطء، وصوته جاء منخفضًا لكنه مخيف:

"إذن... أنتي هنا."

ثم ارتسمت على وجهه ابتسامة شريرة جعلت ستيلا تشعر بقشعريرة تسري في جسدها.

"جيمين ! توقف عن هذا،"

قالت بتذمر، محاولة إخفاء خوفها. نهضت من مكانها بسرعة، وتجاوزته بخطوات مترددة حتى وصلت باب شقتها. دخلت على عجل وأمسكت بمقبض الباب لتغلقه، لكنها توقفت فجأة.

فتحت الباب مرة أخرى ونظرت إليه بعينين متردّدتين، ثم قالت بصوت حازم هذه المرة:

"ادخل... أريد التحدث معك."

دخل جيمين بخطوات بطيئة، عيناه تتابعان حركاتها وكأنهما تفتشان عن نقطة ضعفها. ستيلا أغلقت الباب خلفه، لكن قلبها لم يتوقف عن الخفقان. الغرفة سادها صمت ثقيل، حتى قطعته بنبرة متوترة:

"لماذا كنت تحاول الدخول إلى منزلي؟"

ابتسم جيمين ثانية، ابتسامة لم تفصح إن كانت تهديدًا أم سرًا خطيرًا يخفيه...

دخل جيمين المنزل بخطوات بطيئة وكأن كل خطوة تحمل ثِقل أسراره. ستيلا ظلت واقفة قرب الباب، يديها متشابكتان بعصبية بينما تحاول أن تُخفي ارتجافها.

"لماذا كنت تحاول الدخول إلى منزلي؟" سألت بصوتٍ متوتر، لكنها أجبرته على الثبات.

رفع جيمين عينيه إليها، وفي نظراته خليط من العتاب والغضب والجنون. ابتسم ابتسامة باردة وقال:

"لأنكِ تظنين أنكِ تخلصتِ مني بسهولة... تظنين أن قرارك بالابتعاد أنهى كل شيء."

ارتجفت أنفاسها، وعاد صدى الماضي إلى رأسها. كان يومًا الشخص الذي أحبته بصدق، لكنها تركته حين لاحظت أن حبه بدأ يتحول إلى شيء خانق، يبتلع حريتها.

"جيمين... لقد انتهى كل شيء بيننا منذ زمن. عليك أن تفهم."

خطا خطوة نحوها، عيناه تلمعان بحدة:

"انتهى؟ لا يا ستيلا. الحب لا ينتهي هكذا. أنتِ ستندمين لأنكِ تركتني. ستندمين لأنكِ ظننتِ أنكِ قادرة على العيش بدوني."

تراجعت إلى الخلف دون أن تشعر، وظهرها يكاد يلامس طاولة صغيرة خلفها. لم تكن كلماته مجرد غيرة، بل اعتراف واضح بجنون أصبح يخيفها أكثر من أي وقت مضى.

تراجعت ستيلا حتى اصطدم ظهرها بالطاولة، بينما جيمين تقدم بخطوات ثابتة، كل خطوة منه تحمل ثِقل رجل يعرف تمامًا ما يريده. كان طويل القامة، جسده المعضل يفرض حضوره على المكان، شعره الأسود يتساقط بخفة على جبينه، وعيناه الزرقاوان تتوهجان بحدة تشبه نصل خنجر يلمع في الظلام.

مد يده ببطء ووضع كفه على الطاولة قربها، حاصرها بينه وبين الأثاث، حتى شعرت بأنفاسه الساخنة قريبة من وجهها. ابتسامته الشريرة لم تفارق ملامحه وهو يقول:

"أتعلمين، يا ستيلا؟ لا أحد يجرؤ على ترك زعيم المافيا... إلا أنتِ. وهذا ما يجعلني أكثر هوسًا بك."

ابتلعت ريقها بصعوبة، تحاول أن تتمالك نفسها، لكن قلبها يخفق كطبول حرب. رفعت رأسها بتحدٍ مصطنع، وكأنها تبحث عن مخرج وهمي:

"لا يمكنك أن تُجبرني على العودة إليك. ذلك الرجل الذي أحببته... لم يعد موجودًا. أمامي الآن مجرد شخص مهووس بالسيطرة."

ضحك جيمين ضحكة قصيرة، لكنها كانت مشبعة بالتهديد:

"خطأ... أنا ما زلت هنا. بل أصبحت أقوى مما كنتِ تعرفين. المال، القوة، النفوذ... كل شيء بين يدي. لكن ما أفتقده... هو أنتِ."

ثم اقترب أكثر، حتى كاد صوته يلامس أذنها:

"وصدقيني... لن أسمح لكِ بالهرب مني مرة أخرى."

شعرت ستيلا أن الخطر أصبح حقيقيًا، وأن الكلمات لم تعد كافية لردعه. كانت محاصرة بين ماضٍ لم تتوقع أن يعود، ورجل تحوّل حبّه إلى هوس قاتل...

مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon