3

تراجعت ستيلا ببطء، السكين ما زالت في يدها، لكن عينيها ثبتتا على جيمين بثبات لم يتوقعه. رجلاه الضخمان يقفان خلفه، ينتظران إشارته لينقضا عليها. الجو كان مكهربًا، واللحظة حبلى بالدماء.

ابتسمت بسخرية وهي تقول بصوت عالٍ:

"عجيب… زعيم مافيا ثري، يخاف من امرأة في بيتها، فيضطر لاستدعاء رجاله لمساعدته."

تصلبت وجوه رجاله، نظراتهم تحولت نحوه بلمح البصر. جيمين لم يتحرك للحظة، عيناه الزرقاوان اشتعلتا غضبًا، لكنه كتم نفسه.

خطت ستيلا خطوة للأمام، صوتها اكتسب قوة:

"أخبروني… هل هذا هو زعيمكم الذي تخافون منه؟ رجل لا يستطيع السيطرة على امرأة واحدة إلا إذا احتمى بظل رجاله؟"

ساد صمت ثقيل، والرجال تبادلوا النظرات. كانت كلماتها كسكاكين تشق هيبته أمامهم.

جيمين ضحك بخفوت، ضحكة باردة لكنها مليئة بالغليان:

"أنتِ تلعبين بالنار يا ستيلا…"

اقتربت منه أكثر، حتى وقفت بمواجهة عينيه مباشرة، وقالت بجرأة:

"النار؟ أنا التي أشعلتها الآن… فإما أن تثبت لهم أنك رجل قادر على التحكم بنفسه… أو أنك مجرد طفل عنيد لا يستطيع حتى مواجهة امرأة."

شُدّت قبضتا رجليه، أحدهما تمتم بشيء لم يُسمع جيدًا، لكن جيمين رفع يده بحدة ليصمتا. عيناه لم تفارقا عينيها، وكأنها تحدته أمام مرآة لا يستطيع كسرها.

اقترب أكثر منها، حتى صار بين أنفاسهما خيط رفيع من التوتر، ثم قال بصوت منخفض مسموع فقط لها:

"سأدعكِ تفوزين بهذه الجولة… لكن تذكري يا ستيلا، اللعب أمام رجالي له ثمن، وستدفعينه غاليًا."

ثم استدار نحو رجاله وأشار لهم بالانسحاب. خرجوا بصمت، لكنه بقي واقفًا عند الباب، نظر إليها نظرة طويلة قبل أن يبتسم ابتسامة غامضة ويغادر.

تركت ستيلا السكين تسقط من يدها، أنفاسها ثقيلة وقلبها يطرق كالمطرقة. لقد ربحت جولة، نعم… لكن المعركة الحقيقية لم تبدأ بعد.

بعد أن غادر جيمين ورجاله، جلست ستيلا على الأرض، يديها ما زالتا ترتجفان والسكين بجانبها. حاولت أن تلتقط أنفاسها، ثم أغلقت جهاز الإنذار وأعادت ترتيب البيت كمن يحاول إقناع نفسه أن ما حدث لم يكن سوى كابوس عابر.

توجهت إلى غرفتها، ألقت بنفسها على السرير، والظلام يغمر المكان. ظلت عيناها مفتوحتين لوقت طويل، تسترجع ملامحه، كلماته، ونظرات رجاله حين تحدته. رغم الخوف الذي يسكن صدرها، ابتسمت بخفة:

"لقد هزمته… على الأقل هذه المرة."

مع مرور الوقت، غلبها النعاس شيئًا فشيئًا حتى استسلمت للنوم العميق.

لكن في منتصف الليل، تسلل ظلٌ إلى غرفتها. لم تشعر بفتح النافذة ولا بخطواته الصامتة. اقترب منها ببطء، عيناه الزرقاوان تلمعان في الظلام. جلس بجانبها للحظة، يراقب ملامحها الهادئة وهي نائمة، ثم همس بصوت يكاد لا يُسمع:

" قلت لكِ، يا ستيلا… اللعبة لم تنتهِ بعد."

في لحظة، مد يده ووضع منديلًا مبللًا بمادة مخدرة على فمها وأنفها. حاولت أن تتحرك، أن تصرخ، لكن جسدها ضعف بسرعة، ووعيها بدأ يتلاشى. آخر ما رأته قبل أن تستسلم كان ابتسامته الشريرة تلوح أمام عينيها.

استفاقت بعد ساعات، عيناها مثقلتان، رأسها يدور. حاولت أن تنهض لكنها وجدت نفسها على سرير ضخم بملاءات داكنة، في غرفة غريبة ذات جدران عالية ونوافذ مغطاة بستائر سميكة. قلبها خفق بعنف حين أدركت أنها لم تعد في بيتها.

وفجأة، فُتح الباب ببطء، وظهر جيمين واقفًا بكامل هيبته، يرتدي قميصًا أسود أنيقًا، ملامحه باردة لكنها مشتعلة من الداخل. عيناه الزرقاوان تلمعان تحت ضوء خافت وهو يقول:

"مرحبًا بكِ في قصري، يا ستيلا. من الآن… لن تخرجي إلا بإذني."

جلست ستيلا على حافة السرير، يداها ترتجفان وهي تحاول فهم ما يحدث. الغرفة فاخرة، لكنها كانت كالسجن الذهبي، كل زاوية فيها تصرخ بالقيود أكثر مما توحي بالراحة.

دخل جيمين بخطوات ثابتة، جلس على الكرسي المقابل للسرير، وأسند مرفقه إلى ذراعه باسترخاء وكأنه في مجلس ملكي. ابتسامته الباردة لم تفارق شفتيه وهو يتأمل ارتباكها.

"أتعلمين، يا ستيلا؟ لو أنني أردتُ مجرد امرأة… لكان عندي المئات. المال، النفوذ، السلطة… كلها بين يدي. لكن لا، أنا لم أعد أريد إلا شيئًا واحدًا فقط."

صوته انخفض، وعيناه الزرقاوان اخترقتا قلبها:

"أريدكِ أنتِ."

شعرت قشعريرة تسري في جسدها، لكنها لم ترد أن تُظهر ضعفها. رفعت ذقنها بشجاعة وقالت:

"هذا ليس حبًا، جيمين. ما تفعله بي جنون. هوس…"

ضحك بهدوء، نبرته ممزوجة بالغرور:

" الهوس؟ ربما. لكن الهوس بكِ يا ستيلا هو الشيء الوحيد الذي أبقاني حيًا منذ تركتِني. كل ليلة… كنتُ أراكِ أمامي. كل خطوة، كل رجل تبتسمين له، كل مكان تذهبين إليه… كنتُ هناك، أراقبك."

اتسعت عيناها، وصوتها ارتعش قليلًا:

" كنت… تراقبني طوال هذا الوقت؟"

اقترب منها بخطوات بطيئة، جلس على حافة السرير أمامها مباشرة، رفع يده بلطف مفاجئ ومرر أصابعه على خدها، لكن عينيه كانتا تحملان شيئًا مخيفًا:

" أجل. وأخيرًا… صرتِ هنا، حيث تنتمين. في عالمي، في قصري، تحت عيني."

ثم همس بجانب أذنها بصوت خافت:

" لن تخرجي من هنا… حتى تصرخي باسمي كما كنتِ تفعلين من قبل."

تجمدت أنفاسها، جسدها يقاوم قشعريرة الخوف التي اجتاحت أعصابها. لقد أدركت أن جيمين لم يعد الرجل الذي أحبته، بل وحشًا مغلفًا بالهيبة والوسامة، وحبّه تحوّل إلى سجن.

مختارات

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon