الفصل الثالث: بوابة الذكريات
مرت أيام قليلة منذ الليلة التي بدأت فيها كاثرين رحلتها، ومع كل يوم، شعرت أن الماضي يقترب منها أكثر. العطر القديم أصبح جزءًا من حياتها اليومية، كل رشة منه كانت تثير ذكريات لم تكن تعرف بوجودها. كانت كل رائحة تحمل معها إحساسًا غامضًا بالأماكن التي لم تعد موجودة، والأشخاص الذين فقدوا أثرهم في حياتها.
في صباح مشمس، قررت كاثرين أن تزور أحد الأماكن القديمة التي ذكرتها الصور والملاحظات التي عثرت عليها في المبنى المهجور. المكان كان بيتًا قديمًا مهجورًا، ذو جدران متشققة ونوافذ مكسورة، تحيط به حديقة صغيرة تعج بالأشجار والأعشاب البرية. عندما دخلت، شعرت بأن الهواء محمّل برائحة الماضي، وكأن المكان نفسه ينتظر قدومها.
بينما كانت تتجول في أرجاء البيت، لاحظت وجود باب صغير خلف ستارة مهترئة. كان الباب قديمًا ومغلقًا بقفل صدئ. شعرت كاثرين بالفضول يزداد، وأخرجت مفتاحًا صغيرًا وجدته في الصندوق الذي حملته معها من المبنى السابق. كان المفتاح يلمع تحت أشعة الشمس، وكأن له علاقة مباشرة بهذا المكان. وضعت المفتاح في القفل، وفجأة انفتح الباب بسهولة غير متوقعة.
داخل الغرفة، وجدت مكتبة صغيرة مليئة بالكتب والمخطوطات القديمة. رائحة العطر أصبحت أكثر كثافة، وكأنها تحاول أن تهمس لها بشيء ما. بدأت تتصفح الكتب، وكل صفحة كانت تحمل معها ذكريات أو إشارات لأحداث لم تتذكرها كاثرين من قبل. كانت هناك رسائل مكتوبة بخطوط متعرجة، صورًا لأشخاص يبدو أنهم عرفوا جدتها أو ارتبطوا بها بطريقة ما.
بينما كانت تغوص في صفحات الكتب، لاحظت كتابًا صغيرًا مختلفًا عن البقية، مغلفًا بجلد بني داكن. عند فتحه، وجدت فيه يوميات كتبتها جدتها قبل سنوات طويلة. كانت اليوميات تتحدث عن عائلة كاثرين، عن أسرار دفينة، وعن شخص غامض لم تتحدث عنه جدتها مطلقًا. كل كلمة كانت تُشعل الفضول في قلب كاثرين، لكنها شعرت أيضًا بالرهبة.
فجأة، سمعت صوت خطوات خفيفة في الخارج. تجمدت في مكانها، حاولت تمييز الصوت بين حفيف الأوراق وحركة الرياح، لكنها شعرت بأن شخصًا يتبعها. قلبها بدأ ينبض بسرعة، وعادت إليها ذكريات الليلة التي وجدت فيها الرسالة والعطر. أخذت الزجاجة معها، وشعرت أن لها قوة غريبة تحميها، أو على الأقل توجهها نحو الطريق الصحيح.
خرجت من المكتبة الصغيرة بحذر، ولكنها لم تجد أحدًا. شعرت بالارتباك، لكنها قررت المضي قدمًا. كانت تعلم أن هذا المكان يحمل إجابات لأسئلة لم تُطرح بعد، وأن كل خطوة تخطوها تقرّبها من فهم الحقيقة.
في الخارج، جلست على أحد المقاعد الخشبية، وأخرجت دفتر الملاحظات لتدوين كل ما شعرت به ورأته. بينما كانت تكتب، شعرت بتيار بارد يمر بجانبها، وكأن الهواء يحاول أن ينقل لها رسالة. كانت الرائحة في الزجاجة أقوى من أي وقت مضى، وكأنها تشير إلى اتجاه جديد، مكان لم تزرها بعد، لكنه مرتبط مباشرة بالماضي الذي تبحث عنه.
مع غروب الشمس، شعرت كاثرين بضغط غريب في صدرها. كانت تعرف أن الليل سيحمل معه الكثير من الأسرار، وربما مواجهة مخاوفها. عادت إلى منزلها، حاملة معها كل ما جمعته من الأدلة، وقررت أن تبدأ بتحليل كل رسالة، كل صورة، وكل رائحة. شعرت بأن شيئًا كبيرًا على وشك الانكشاف، وأن كل ما حدث حتى الآن هو مجرد بداية.
في الليل، بينما كانت تتأمل الزجاجة الصغيرة على طاولة غرفتها، رن هاتفها مرة أخرى. هذه المرة، كان الصوت مألوفًا جزئيًا، لكنه مخفي وراء طبقة من الغموض:
"كل شيء على وشك التغير. استعدي، فالخطوة القادمة ستكشف أكثر مما تتوقعين."
أغلق الهاتف ببطء، وأخذت نفسًا عميقًا. شعرت بمزيج من الخوف والحماس، وكأن قلبها يعرف أنها على أبواب مرحلة جديدة من حياتها، مرحلة ستكشف لها أسرارًا لم يكن يمكن لأي شخص أن يتوقعها.
لم تستطع النوم تلك الليلة، كانت تتنقل بين صفحات اليوميات، الملاحظات، والصور، محاولة ربط كل شيء معًا. شعرت بأن الرحلة لم تعد مجرد بحث عن الماضي، بل أصبحت اكتشافًا لهويتها، وربما لمستقبلها أيضًا.
مع بزوغ الفجر، شعرت كاثرين بأن الوقت قد حان للتحرك مرة أخرى. العطر في يدها، الرسائل والصور في حقيبتها، وكل شيء أصبح واضحًا بطريقة أو بأخرى. شعرت بأن العالم حولها بدأ يتحرك وفق خريطة غامضة، وأن الخطوة القادمة ستأخذها إلى بوابة الذكريات الحقيقية، حيث الماضي والحاضر يلتقيان بطريقة لم تتخيلها من قبل.
11تم تحديث
Comments
Best Bts
أوه أعجبتني
2025-08-20
3
Best Bts
/Drool//Heart//Heart//Heart//Heart//Heart//Kiss/
2025-08-20
2