الفصل الرابع: بوابة الأسرار

الفصل الرابع: بوابة الأسرار

مع مرور الأيام، شعرت كاثرين بأن كل شيء حولها بدأ يكتسب معنى مختلفًا. العطر القديم أصبح دليلها، كل رشة منه كانت تفتح لها أبوابًا للذكريات التي كانت مخفية، ولأحداث لم تفكر بها من قبل. شعرت بأن الماضي يتحدث إليها من خلال الرائحة، وكأنه يرسل لها إشارات دقيقة يجب أن تلتقطها بعناية.

في صباح هادئ، خرجت كاثرين نحو أحد الأماكن التي أشارت إليها الملاحظات والصور التي عثرت عليها سابقًا. كان المكان يقع في حافة المدينة، بين مبانٍ مهجورة وحدائق متشابكة، يحيط به صمت غريب يخترقه أحيانًا صوت طيور بعيدة. شعرت كاثرين بأن المكان نفسه يرحب بها، وكأن الأرض والهواء يحيطان بها بطاقة غريبة تحثها على الاستمرار.

وصلت أمام بوابة قديمة مصنوعة من الحديد المعقد المزخرف. كانت متصلة بسور متهالك، وكأنها تحرس سرًا قديمًا منذ سنوات. نظرت حولها، ثم أخرجت مفتاحًا صغيرًا وجدته بين أوراق اليوميات والصور. عند وضع المفتاح في القفل، شعرت بالدفء ينتشر في يديها وكأن المفتاح يعرف الطريق الصحيح منذ البداية. صرير الباب كان خفيفًا، لكنه حمل معها شعورًا بالخوف المختلط بالإثارة.

داخل البوابة، وجدت حديقة كبيرة مهجورة، مليئة بالأشجار العالية والأزهار البرية التي لم تزرها من قبل. كل شيء يبدو وكأنه توقف عن الزمن، والهواء مشبع برائحة العطر القديم، أقوى من أي وقت مضى، كأن المكان نفسه يحتضن الماضي.

بين الأشجار، لاحظت كاثرين مسارًا ضيقًا مغطى بأوراق الخريف. تبعته ببطء، وكل خطوة تشعرها بأن شيئًا ما يقترب. عند نهاية المسار، وجدت منزلًا صغيرًا، قديمًا ولكنه يبدو مأهولًا بطريقة غامضة. النوافذ مطلية بالغبار، والأبواب مغلقة، لكن شعورها كان قويًا بأن هذا المكان يحمل إجابات لما تبحث عنه.

دفعتها شجاعتها إلى الاقتراب من الباب الأمامي، الذي كان مغطى بنقوش غريبة وأشكال قديمة تشبه رموزًا سرية. عندما لمست المقبض، شعرت به اهتز قليلاً تحت يديها، وكأن المكان نفسه يختبرها. فتحت الباب ببطء، ودخلت إلى داخل المنزل.

الداخل كان مظلمًا جزئيًا، لكن أشعة الشمس التي تسللت من النوافذ أظهرت رفوفًا مليئة بالكتب القديمة، مخطوطات مهترئة، وأوراق متناثرة على الأرض. كل شيء هنا كان يحمل عبق الزمن، ومع كل خطوة كانت تشعر كاثرين بأن كل ذكرى من ماضيها تبدأ بالظهور بوضوح.

جلست على الأرض، والزجاجة أمامها، وبدأت تتصفح المخطوطات بعناية. كل ورقة كانت تحمل إشارات عن شخصيات مرتبطة بعائلتها، وعن أحداث غامضة لم تفهمها من قبل. شعرت بأن العطر أصبح أكثر قوة، وكأنه يوجهها إلى الكتاب الصحيح بين المئات.

بعد دقائق، وجدت دفترًا صغيرًا مخفيًا تحت رف قديم. عند فتحه، اكتشفت أنه يحتوي على رسائل موجهة إلى جدتها من شخص غامض، يتحدث عن أسرار العائلة وعن أحداث مهمة لم تُكشف بعد. كل كلمة كانت تصفع قلبها بلطف، وكأنها تدفعها إلى اكتشاف الحقيقة بمفردها.

بينما كانت تدرس الرسائل، لاحظت حركة في الزاوية الأخرى من الغرفة. تجمدت، وشعرت بقشعريرة تمر عبر جسدها. لم يكن هناك أحد، فقط صدى خطواتها وأصوات الرياح التي تمر عبر النوافذ المكسورة. شعرت بأن المكان يختبر صبرها، ويختبر قدرتها على مواجهة الحقيقة.

مع مرور الوقت، بدأت تربط كاثرين بين اليوميات القديمة، الرسائل، والصور التي جمعتها. بدأت الخريطة الغامضة تتضح، وكل جزء من الماضي أصبح له مكان في الحاضر. شعرت بأن الرحلة لم تعد مجرد بحث عن الأسرار، بل أصبحت رحلة لاكتشاف نفسها، وقوة داخليّة لم تعرفها من قبل.

عندما خرجت من المنزل، وجدت الشمس تغرب خلف الأشجار، مرسلة أشعتها الذهبية عبر الحديقة المهجورة. أخذت نفسًا عميقًا، وعرفت أن الخطوة القادمة ستكون الأكثر أهمية، خطوة ستكشف لها الغموض الكبير الذي كان يحيط بعائلتها منذ سنوات طويلة.

في تلك الليلة، جلست كاثرين في غرفتها، والزجاجة بجانبها، والدفتر مفتوح أمامها. رن الهاتف مرة أخرى، والصوت هذه المرة كان أكثر وضوحًا:

"الرحلة الحقيقية تبدأ الآن. لا شيء سيكون كما تعتقدين، استعدي."

ابتسمت كاثرين لنفسها، وشعرت بمزيج من الخوف والحماس، وكأن قلبها يعرف أن هذا هو بداية مرحلة جديدة. المرحلة التي ستكشف لها كل ما أخفته السنوات، وتربط بين الماضي والحاضر بطريقة لم تتخيلها من قبل.

ومع بزوغ الفجر، شعرت كاثرين بأن الوقت قد حان لتحريك كل ما تعلمته إلى خطوة جديدة، خطوة ستأخذها إلى عالم من الأسرار، الذكريات، والاكتشافات التي ستغير حياتها إلى الأبد.

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon