الفصل3: تساقط الثلج (1)

...كنت أعلم أننا سنلتقي في النهاية....

...لأنه كان قدرًا محتومًا....

...***...

...اشتعل الغضب من قمة الرأس. ...

...كان الغضب يتوهج حارقًا، مثل حمم تتدفق من قمة الجمجمة، يسيل على الوجه، ويجعل العينين تتقدان بالدماء....

...كان ذلك الغضب يشبه الفحم، كلما اجتررته ازداد اشتعالًا....

...“هؤلاء البشر المزعجون.”...

...تمتم “A” بعبارته المعتادة، وكأنها حديثٌ مع النفس....

...في هذا اليوم أيضًا، كان الضيق ينتشر في جسده كمرض، وكأن لمسةً واحدة قد تفجره في أي لحظة....

...أبسط تفاصيل الحياة اليومية كانت تستفزه باستمرار، فقضى يومه كله يتذمر لنفسه بعبارات غامضة، وإذا سأله أحد عن العمل، أجاب بردود ملتوية ومليئةٍ بالضيق....

...كان يخفف توتره بتخيّل نفسه يقتل واحدًا تلو الآخر من أولئك الذين يزعجونه، مستخدمًا فأسًا....

...دماء. عنف. صراخ، وقطع من اللحم الممزق، قطعٌ من اللحم!، قطعٌ من اللحم!، قطعٌ من اللحم!...

...عند عودته من العمل، وبينه وبين منزله سوى المتجر الصغير أمام البيت، اشترى "A" علبة طعام ولم يتردد في توبيخ العامل الشاب هناك قليلًا....

...شعر بتحسنٍ بسيط في مزاجه بفضل ذلك، لكنه ما إن رأى لافتة “تحت الصيانة. خارج الخدمة” معلّقة على مصعد العمارة، حتى عاد الغضب ليشتعل في صدره من جديد....

...قيل له أن المصعد لن يعمل إلا بعد أربعين دقيقة. فضغط على أسنانه وتوجّه نحو الدرج، لكنه استدار حين سمع صوت تحيةٍ خجولة خلفه....

...“مرحبًا……”...

...كانت فتاةً في الثانية والعشرين من عمرها تقريبًا، تقطن في الشقة المجاورة ضمن نفس المبنى....

...جسدها صغيرٌ ونحيف، لا يتعدى طولها 154 سنتيمترًا، وكان من النادر رؤيتها، لكنها أحيانًا كانت تستقل المصعد في نفس توقيت خروجه....

...“نعم……”...

...تمتم "A" وتوقف عن السير، فترددت الفتاة الخجولة قليلًا ثم صعدت الدرج أمامه أولًا....

...راح "A" يتبعها بخطى ثابتة تُصدر صدى، طق، طق، طق. وبسبب زاوية السلم، وجد عيناه تتجهان نحو مؤخرتها. و كانت ساقاها النحيلتان تتمايل كدمية تحت التنورة المتأرجحة بإيقاعٍ متناغم. ...

...'ما قصة هذه الفتاة……لماذا تستمر في الحديث معي؟'...

...علامات الاستفهام أخذت تومض في ذهنه. فمنذ ثلاثة أشهر، حيتّه بالطريقة نفسها، وهذه هي المرة الثانية....

...'لا سبب يدفعها لمحادثة رجل لا تعرف اسمه حتى……آه، هل من الممكن أنها تكن لي مشاعر؟'...

...بمجرد أن راودته هذه الفكرة، لمعت عيناه ببريق فاسد....

...'صحيح، لو لم تكن مهتمةً، لما حيّتني، ولما ابتسمت لي بخجل، أليس كذلك؟'...

...يا لهذا الأسلوب……إنها تُغري الرجل بهذا الشكل؟...

...من المؤكد أنها تعمّدت ارتداء تنورةٍ في عز الشتاء والتمايل أمامه بهذا الشكل. فلم يكن على السلم سواهما فقط....

...زاد "A" من سرعته في المشي قليلًا. و فجأة، توقفت الفتاة وكأنها شعرت بشيء، ثم التفتت نحوه بسرعة....

...“آه……”...

...ارتبكت بشدة عندما رأت "A" خلفها مباشرة، واقترب منها إلى درجة مقلقة....

...تلعثمت ولم تعرف كيف تتصرف، ثم فجأة، وكأرنب مذعور، بدأت تركض بسرعة نحو الأعلى. و في تلك اللحظة، خفق قلب "A" بقوة، كأن الدم اندفع في عروقه بعنف....

...خفقان……خفقان……...

...بدأ يتبعها وكأن قوةً خفية تدفعه للحاق بها....

...'لماذا؟ لماذا تهربين؟'...

...أنتِ من بادرتِ بالتحية، أنتِ من ابتسم لي، مرتين....

...بدأ فمه يرتجف بضحكةٍ خفيفة، وسال لعابه من لذّة مطاردة الأرنب الخائف، ككلب صيد....

...تنورتها المتطايرة، حركاتها القلقة، نظراتها المرتعبة التي تلمحه بين الحين والآخر……كلها كانت تثيره....

...حدّق في عنقها النحيل كما لو كان يريد أن ينهشه....

...ذلك العنق بدا هشًا، وكأنه لو أمسك به من الخلف وهزّه مرتين أو ثلاثًا، ستسقط منهارةً دون مقاومة....

...وأثناء نظره إليها، بدأت راحة يده تشتعل بوخزاتٍ خفية، وارتفعت داخله رغبةٌ وحشية لا تُقاوَم....

...كان قد مدّ ذراعه ليمسك بعنق الفتاة من الخلف……لكنه تجمد فجأة، ورفع عينيه المتجمدتين إلى الأعلى....

...طق-طق-...

...'يا لسوء الحظ……'...

...ظهر شخص في الأعلى مع وقع خطواته، قاطعًا عليه اللحظة....

...كانت امرأةً طويلة القامة، يزيد طولها عن 170 سنتيمترًا، أنيقةً ونحيفة، ترتدي بدلةً وسروالًا وقميصًا ومعطفًا صوفيًا وحذاءً وإكسسوارات، وكلها سوداء تمامًا....

...توقفت المرأة ذات الملابس السوداء فور أن وقعت عيناها على "A"، وحدّقت فيه من رأسه حتى أخمص قدميه بنظرةٍ باردة....

...نظرتها كانت حادةً كحد شفرة المقصلة، بلا رحمة....

...رغم أن "A" اعتاد على مثل هذه النظرات الوقحة من بعض النساء……إلا أن هذه المرأة كانت مختلفة. فنظراتها الجامدة كانت تنظر إليه كما لو لم يكن رجلًا ولا حتى إنسانًا، بل مجرد شيء جامد بلا روح....

...ثم تحدثت المرأة ذات السواد بصوت جاف،...

...“هل كنتِ في طريقكِ للصعود؟”...

...لم تكن تسأل "A"، بل توجّهت بالسؤال للفتاة التي كانت تفرّ منه....

...ألقت الفتاة نظرةً خائفة نحو "A"، ثم أومأت برأسها سريعًا. فاقتربت منها المرأة الطويلة، ووقفت بجانبها كمن يحميها....

...“إذاً، لنصعد معًا.”...

...كانت حركتها رشيقةً وأنيقة إلى حد بالغ....

...ومع اختفائهما معًا في الأعلى، تُرك "A" وحيدًا في منتصف الدرج، واقفًا في حيرة....

...“ما هذا بحق……”...

...عندها فقط انفجرت مشاعر الغضب المكبوتة في صدر "A"، ولم يستطع أن يتمالك نفسه، فبدأ يشتم بغضب....

...'تلك الحقيرة!'...

...“تبًا! تباً! تباً!! من تظن نفسها تلك العاهرة حتى تحدق بي بتلك النظرة المتعالية! تبا لهذه الـ…”...

...“بففت.”...

...سرعان ما انطلقت ضحكةٌ ساخرة، تلاها صوتٌ تهكمي لرجل غريب من أعلى الدرج....

...“الكلاب على الأقل لطيفة. أما أنتَ، فحياتكَ مجرد قمامة. حتى المستنقع أنظف من عقلكَ القذر.”...

...كان "A" غارقًا أصلًا في حالة من الغضب، فقفز فورًا صاعدًا خمس أو ست درجات دفعةً واحدة....

...من تهكم عليه كان شابًا في أواخر العشرينات. و جلس بهدوء على السلم، كمن يتعمد إعاقة "A" عن اللحاق بالمرأتين، مادًا ساقه اليسرى أمامه....

...ما بدا واضحًا في البداية لم يكن سوى عينيه فقط……أو بالأحرى، نظرةً حادة قاتلة تقشعر لها الأبدان....

...“أوه……”...

...ارتعش "A" لا إراديًا، وتقلصت كتفاه. ...

...كان ذلك الشاب يرتدي هو الآخر معطفًا أسود وبدلةً سوداء، تمامًا كالمرأة السابقة……...

...وما إن تلاقت أعينهما، حتى اجتاح "A" خوفٌ غريب لا يعرف له سببًا، كأن موجةً من الرعب تدفقت من مؤخرة أذنيه، و من ساقيه، حتى غمرت جسده بالكامل بعرق بارد....

...“هيه، أتنوي التهرب؟”...

...وعندما بدأ "A" يتراجع بخطوات غير مستقرة دون وعي، ضحك الشاب بسخرية كأنما يشفق عليه....

...“رغم حالتكَ البائسة، الا أن غرائز البقاء لديكَ ما زالت تعمل؟ حسنًا، الحشرات دائمًا هكذا.”...

...وصفه بالحشرة……كانت إهانةً جارحة إلى أقصى حد....

...اشتعل قلب "A" غضبًا، لكنه في النهاية تراجع عن فكرة المواجهة....

...لماذا؟...

...لقد شعر بخوفٍ غريزي تجاه ذلك الرجل. لا، بل تجاوز الخوف لدرجة الرعب التام……كأنه على وشك أن يُسحب إلى داخل ذلك السواد في عيني الرجل ويختفي وجوده بالكامل في لحظةٍ واحدة....

...“هئ!”...

...ذُعر "A" لا إراديًا، واستدار بسرعةٍ وركض نازلًا السلالم كالمجنون....

...ذلك الرجل، لا شك أنه كان برفقة تلك المرأة الطويلة كعمود....

...رجل وامرأة في أواخر العشرينات، يبدوان كغربانٍ، أو كموتى يسيرون بملابسهم السوداء الكاملة وكأنهم جاءوا من جنازة....

...وحين وصل "A" إلى الطابق الأول، ارتجف جسده بشدة وتمتم بصوت مبحوح،...

...“ما هؤلاء بحق!”...

...***...

...“من الأفضل أن تخبري والديكِ أن جاركم تبعكِ اليوم.” ...

...قالت سيان ذلك بنبرةٍ هادئة. فأومأت الفتاة الصغيرة والهزيلة برأسها بتردد....

...“نعم……شكرًا لكِ……”...

...لكن من ترددها وبطئها، بدا واضحًا أنها لن تخبر والديها بشيء....

...بعض الأشخاص لا يحبون أن يتسببوا في إزعاج من حولهم، وكانت تلك الفتاة تمامًا من هذا النوع. ...

...لكن الإلحاح أكثر من ذلك سيكون تدخلاً غير مرغوبٍ فيه. لذا، اكتفت سيان بإيماءةٍ مختصرة بعينيها دون أن تتدخل أكثر....

...بادلتها الفتاة الانحناءة بسرعة، ثم دخلت منزلها وأغلقت الباب على عجل....

...وحين استدارت سيان بوجه خالٍ من التعابير، سخر منها جوون الذي كان يستند إلى الحائط....

...“ألا ترين أن قولكِ لها أن تخبر والديها كان مبالغة؟ لم تتعرض لأذى حقيقي، مجرد رجل منحرف بخطواتٍ سريعة يلهث خلفها، هذا كل ما في الأمر.”...

...كان جوون هو الشاب الذي بدأ اليوم عمله كنجارٍ إلى جانبها، لكن سيان قطعت كلامه ببرودٍ حاد و كأنه غريب،...

...“ما إذا كانت مبالغةً أم لا، هذا أمرٌ يعود لتلك الفتاة لتقرره.”...

...“عذرًا، ما اسمكِ مرة أخرى؟ سي……سي يونغ؟”...

...سألها جوون بوجهٍ متصنع يوحي بالنسيان. مع أنهما تبادلا التعارف سابقًا……من الواضح أنه يتعمد استفزازها....

...ردّت سيان بقوة، دون أن تفقد أعصابها،...

...“لا بد أنكَ استلمت ملفي. إن لم تتذكر، فافتحه واقرأه مجددًا.”...

...عندها فقط أطلق جوون ضحكةً خفيفة....

...“لي سيان.”...

...نطق اسمها بوضوح، متعمدًا تقطيعه بنبرةٍ ساخرة....

...“أعجبتني برودتكِ في البداية، لكن يبدو أنكِ فضوليةٌ أكثر مما توقعت، أليس كذلك؟”...

...“وهل هناك سببٌ يجعلني أحرص على نيل إعجابكَ يا تاي جوون؟”...

...قالت سيان ذلك ببرود، وتجاوزته نازلةً الدرج من جديد. فتبعها جوون بخطى هادئة دون استعجال....

...كانت سيان تركز على خطواته وصوته خلفها....

...في شركة أوتيس، هناك أنماطٌ غريبة من أصحاب الشخصيات المضطربة، لكن تاي جوون كان نوعًا خاصًا يستفز الأعصاب بشكلٍ مبالغ فيه....

...يتحدث بخفة واستهزاء، ويبتسم بهدوء……ومع ذلك، تشعر بقشعريرةٍ تسري في ظهرك إن واجهته....

...كان يملك هالةً غريبة، خطيرة، توحي بالغموض والتهديد في آنٍ واحد. ...

...وفوق ذلك، كان عريض الكتفين بشكلٍ لافت، وطويل القامة لدرجة أن سيان بطولها البالغ 173 سنتيمترًا كانت تضطر لرفع رأسها للنظر إليه....

...مظهره كان يفرض نفسه لدرجة أن حضوره وحده يملأ المكان ويغطي على كل ما حوله....

...ثم تحدث ساخرًا من خلفها،...

...“آه، لي سيان. هل أنتِ من ذلك النوع؟ من يؤمنون بوجوب حماية الضعفاء؟”...

...“……؟”...

...“فالضعفاء يجب أن يُستبعدوا.”...

...كان كلامًا مثيرًا للاشمئزاز. لا، من الواضح أنه كان يقصد استفزازها عمدًا....

...كان تاي جوون يختبر مدى ثباتها ويحاول زعزعتها....

...فكرت أن تتجاهله ببرود، لكنها بدلًا من ذلك استدارت قليلًا نحوه، وقبلت بخوض لعبة التحدي معه....

...“لو كانت المنافسة تبدأ من نقطةٍ واحدة، ربما لكان كلامكَ صحيحًا. لكن لا توجد منافسةٌ تبدأ من نفس النقطة أصلًا.”...

...“عدم المساواة هو عين العدالة. حتى في البرية، أول من يُستهدف هم الصغار أو الأحداث. وحدهم الصغار الذين يتحلون بالذكاء والحذر ينجون، أليس هذا عدلًا بينهم؟”...

...“تقصد أن نترك الضعفاء يواجهون الخطر وحدهم؟”...

...“إلى حدٍّ ما، نعم؟ التظاهر باللطف لإنقاذ غزالٍ للحظة لا يغيّر شيئًا في طبيعة الحياة البرية.”...

...“الحياة البرية لن تتغير، هذا صحيح.”...

...قالت سيان ذلك وهي تحدّق به بعينين باردتين....

...“لكن التظاهر بعدم رؤية شيء رغم رؤيته……أنا لا أتبع هذا الطريق.”...

...“آها.”...

...أمال جوون رأسه وكأنه يقول، فهمت، فهمت. ثم ابتسم مجددًا، ابتسامةً تحمل في طيّاتها استفزازًا خفيًا....

...“يبدو أننا، ومن أول يومٍ كشريكين، لا نطيق بعضنا البعض، أليس كذلك؟”...

...“صحيحٌ تماماً.”...

...أجابت سيان بوجه خالٍ من أي تعبير، ثم رفعت رأسها ونظرت إلى الرجل الذي يبلغ طوله 197 سنتيمترًا، وأصدرت أمرًا ببرود،...

...“لهذا، من الأفضل أن تخرس الآن وتتبّعني بهدوء، مفهوم؟”...

...___________________...

...ناس ماتمشي الا بالعين الحمرا🙂‍↔️...

...البطله تجنن طويله بس البطل وش كل ذا الطول؟ 😭...

...شخصيته حلوه ههع عاجبني هواشهم ...

...Dana...

الجديد

Comments

Kazoha

Kazoha

عاجبني هواشهم لكن شخصيته طين

2025-05-03

0

Kazoha

Kazoha

كانت أقري مور

2025-05-03

0

الكل

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon