...لم تنظر سيان إلى شريكها جوون ولو لمرة واحدة وهي تنزل إلى موقف سيارات الشقق وتصعد إلى السيارة....
...جلست سيان في مقعد السائق، فجلس جوون في المقعد المجاور وأغلق الباب بصوتٍ واضح...
...أخرجت السيارة من الموقف دون أن تنبس ببنت شفة. و كان صوت الرياح القارصة في منتصف الشتاء يعوي بشدة....
...في أنحاء المدينة التي غمرها الظلام، عُلّقت زينة الميلاد بطريقةٍ ركيكة. ألوان حمراء شكلية بلا بهجة ولا بريق. بينما كانت الأشجار المغطاة بالأضواء البراقة تلمع بضجيجٍ مثل أشباح مزيفة....
...طَقطَقة. طَقطَقة. طَقطَقة....
...نقر جوون بخفة على نافذة المقعد المجاور. ذلك الصوت الصغير الذي أحدث تموجاً في الصمت كان يزعج الأعصاب شيئاً فشيئاً....
...“المجنون "A" الذي التقينا به للتو في شقة موجدونغ، تغلي داخله عقدة الاضطهاد، على الأرجح سيقتل المرأة التي اختارها.”...
...تكلم فجأة، فعبست سيان بين حاجبيها....
...“كيف يمكنكَ أن تقول ذلك بثقة؟”...
...“لأنه قتل من قبل طيوراً صغيرة أو قططاً، ربما ثلاث أو أربع مرات.”...
...كان في نبرة صوته شيءٌ من الابتسام الخافت....
...وعندما أظلم وجه سيات بالقلق، سأل جوون بلطف، كما لو أنه كان ينتظر هذا الرد تماماً....
...“إذاً، هل نقتله؟ ذاك المجنون.”...
...“ماذا قلتَ؟”...
...“عندما تريدين طرد الوحش من القرية إلى الأبد، الأفضل أن تقتلينها ببساطة.”...
..."……."...
..."صحيح؟ لنفعل هذا. أول قضيةٍ لنا كانت قضية اختطاف وقتل امرأة تبلغ من العمر 23 عاماً، أليس كذلك؟”...
...اقترح القتل بأسلوبٍ لا يمكن أن يكون أكثر أناقة....
...“إذا راقت لي السيدة لي سيان بحلول نهاية تلك القضية، سأقتل لكِ ذلك المجنون الذي تحدثنا عنه سابقاً.”...
...عبست سيان بين حاجبيها بالكاد بشكلٍ ملحوظ....
...تاي جوون كان يتحدث الآن عن القتل وكأنه أمر عادي، بل ويبتسم أثناء ذلك. هل هذا مزاح؟...
...لا، لا بد أنه طُعم. طُعمٌ لمعرفة ردّ فعلها....
...كما أنها لا تعرف شيئاً عن رجل يُدعى تاي جوون، فإن تاي جوون أيضاً لا يعرف شيئاً عن لي سيان التي لم يلتقِ بها إلا قبل ساعتين....
...كان يتفحصها ببطء، ويختبرها. كما تستكشف الكلاب الغريبة بعضها بشم الروائح....
...وكأنه يريد أن يتعرف على نبرة حديثها، عاداتها، سلوكها…...
...نظرته التي صعدت ببطء على طول عنقها الأبيض والأنيق توقفت عند قرطها. كان قرطاً بسيط التصميم مصنوعاً من العقيق الأسود....
...كان من الواضح أن هذا الرجل كان يحاول الآن أن يقدّر ذوقها في ذهنه. فرسمت سيان حدوداً بصوتٍ باردة....
...“دعني أوضح شيئاً. لا أحب الأحاديث الفارغة أو المزاح الذي لا طائل منه.”...
...“يبدو أنكِ كذلك فعلاً.”...
...“من الآن فصاعداً، دعنا لا نتبادل أحاديث شخصية خارج نطاق العمل. إذا استمر الأمر على هذا النحو، فلن نستطيع إكمال سنة الشراكة وسنضطر لإنهائها قبل ذلك.”...
...“لا أظن أنكِ بحاجة للقلق بشأن ذلك.” ...
...قال ذلك وهو يضحك بخفوت، مؤكداً....
...“نحن، في الأساس، لن نبقى معاً لمدة سنةٍ كاملة. لأنك ستموتين قبل ذلك يا لي سيان. في الثاني عشر من مايو.”...
...تشنجت يدها على عجلة القيادة....
...مايو. ...
...كلمة “مايو” جمدت قلبها ببرودةٍ مفاجئة. لكن سيان تجاهلت تصريح جوون تجاهلاً تاماً، وأرسلت رسالة صوتية إلى أوتيس....
...“لا يوجد أي شيءٍ إضافي تم العثور عليه في شقة يون مين يونغ بموجدونغ. سنتوجه الآن فوراً إلى المثلث لاقتلاع المسمار اليوم.”...
...كان صوتها جافاً وهادئاً كما هو معتاد....
...بعد أن أنهت الإرسال، دخلت إلى موقف سيارات تابع لحوض أسماك قريب....
...“سأشتري سمكةً ذهبية واحدة.”...
...***...
...عندما أوقفت السيارة في الموقف المدفوع، اهتزت قليلاً الزجاجة الموضوعة على لوحة القيادة....
...وضعت سيان الزجاجة التي تحتوي على السمكة الذهبية في جيب معطفها....
...“واحدةٌ فقط؟”...
...ناولها جوون علبة شوكولاتة فاخرة تحتوي على ست قطع. لا بد أنه يسأل إن كانت تريد قطعة....
...رفضت سيان بالإشارة بعينيها فقط. وكأنه كان يتوقع ذلك، أخذ جوون قطعةَ شوكولاتة من العلبة ووضعها في فمه. ثم أغمض عينيه ببطء، مستمتعاً بمذاق الشوكولاتة بعمق....
...كان يبدو من النوع الذي يكره الحلويات…..لذلك كان مفاجئاً أنه يحمل الشوكولاتة معه بنفسه....
...ترجلا من السيارة في نفس اللحظة تقريباً....
...الساعة التاسعة وعشر دقائق مساءً. ونظراً لأن المكان كان نائياً قليلاً، كانت حركة المرور خفيفةً ومتقطعة....
...وكان المطر ينهمر بخفة، شتاءً، كما لو كان ينقسم إلى قطرات دقيقة....
...جوون مدّ رقبته وكأنه يتخلص من التصلب، ثم أشار بذقنه نحو جهة معينة....
...“الساعة 11.”...
...كان يشير إلى الطريق المنحني في أعلى التل عند المثلث، حيث تقف أشجار الشتاء النحيلة مصطفةً بشكل كئيب....
...سارا نحو ذلك الاتجاه بصمت، محافظين على مسافة مناسبة بينهما....
...الريح الباردة التي كانت تعصف بينهما كانت باردة بقدر الحذر الذي كان كل منهما يضمره للآخر....
...توقفا على بعد 20 متراً من المثلث....
...“أين هو المسمار؟”...
...سألت، فاقترب جوون من خلفها. و كلما ضاقت المسافة بينهما، توترت أعصابها تلقائياً....
...حاولت سيان أن تتجاهله قدر ما تستطيع....
...امتزجت رائحة جسده مع رياح الشتاء، تشبه رائحة الأشجار في المستنقعات. و ظهرت هالةٌ زرقاء قاتمة ذو طابع مشؤوم. و كان لها رائحته باردة، فاخرة، وغامضة....
...وضع جوون يده على ساعدها، وضغط قليلاً بأطراف أصابعه ليضبط وضع جسدها....
...كانت تلك أول “إزالة للعمى”. العملية التي تفتح العيون لرؤية الأرواح....
...عملاً ستقوم به مراراً وتكراراً مع هذا الرجل خلال العام المقبل....
...كانت لمسته نظيفة، لكنها تثير قشعريرةً غريبة…..وكأنه يلمسها بكل رقة....
...“فستان شيفون أرجواني.”...
...قال لها ذلك، لكنها لم ترَ شيئاً....
...“لا أرى شيئاً.”...
...ردّت بجفاف، فجذبها جوون نحوه بقوة حتى التصق جسداهما....
...“ذلك لأنكِ ترفضينني.”...
...حين التصق صدره الصلب بها، شعرت بضغط مزعج وتوتر بدأ يتسلل إلى نفسها....
...“هيا، آنسة سيان. افتحي قلبكِ لي تماماً.”...
...جوون مرّر أصابعه ببطء…..من ساعدها، مروراً بكتفها، حتى وجهها....
...وضع يديه على جانبي صدغَيها. و مثل الغطاء الذي يُوضع على عيون خيول السباق ليحجب رؤيتها، انقطع مجال رؤيتها عند حدود راحتيه....
...“هيا…..انظري بعيني. لا تخافي، كما لو أننا أصبحنا واحداً.”...
...همس بصوتٍ خافت، خفي، يكاد يكون مثيراً. كان يلاطفها وكأنه يداعب مبتدئة، أو يعبث بها قليلاً....
...دور “الخشب” مثل تاي جوون، هو تقوية القدرات الروحية لـ”الماء” مثل لي سيان، ومساعدتهم على رؤية الأرواح....
...كلما كانت قوة “الخشب” أكبر، وكلما زادت الثقة بين “الخشب” و”الماء”، كانت عملية فتح البصيرة أسرع، وكان بالإمكان رؤية الأرواح لفترةٍ أطول حتى من خلال مرة واحدة فقط....
...كانت هذه مهمة اعتادت عليها تماماً، لكن هذا الرجل بالذات كان يسبب لها شعوراً بالنفور....
...لا، رغبتها في عدم ملامسته كانت مجرد شعور…..أما العمل فهو عمل....
...زفرت لي سيان نَفَساً أبيضاً من بين شفتيها الممتلئتين، وركّزت عقلها....
...وبعد ثلاث ثوانٍ تماماً، رأت فتاةً في أوائل العشرينات واقفةً أمام المثلث. فدفعت يدَي جوون بحركة سريعة وحاسمة....
...“رأيتها.”...
...“بهذه السرعة؟”...
...رفع حاجبه باستغراب، وكأنه كان يتوقع أن تستغرق الرؤية وقتاً أطول بسبب التوتر النفسي المتبادل بينهما....
...ابتعدت سيان عنه فوراً وتقدمت نحو الفتاة الواقفة عند المثلث....
...كانت ترتدي فستاناً صيفياً خفيفاً لا يتناسب مع برودة أواخر ديسمبر، وتتمتم بكلماتٍ غامضة مع نفسها....
...نظرت الفتاة إلى سيان بطرف عينها بحذر. أدارت سيان نظرها فوراً إلى الجانب، لتتجنب حتى عن طريق الخطأ الالتقاء بعيني الشبح....
...تابعت سيرها بشكلٍ طبيعي وهي تتظاهر بأنها تبحث عن سيارة أجرة، متجولةً بعينيها في الأرجاء....
...ظلت الفتاة تحدق في المثلث وتتمتم بكلماتها....
...“انزلق…انزلق…انزلق…”...
...كان “الرئيس” يردد بثقة أن تاي جوون هو “أفضل خشب في أوتيس”…..وكان على حق....
...الشبح في المثلث بدا واضحاً بشكلٍ مذهل، لا يمكن التفريق بينه وبين البشر الأحياء....
...شعيرات شعرها المتطايرة في الريح، والنقطة الصغيرة على مؤخرة عنقها، كلها كانت مرئيةً بوضوح....
...أخرجت سيان زجاجةً من الفولاذ المقاوم للصدأ، نحيفةً وطويلة، من جيب معطفها وأمسكت بها....
...كانت تحتوي على سائلٍ مركز مصنوع من ملح معالج خصيصاً، يُستخدم لرسم حدود الحواجز المؤقتة....
...بدأت سيان تمشي بشكل دائريٍ حول الفتاة، بقطر يقارب مترين، كما لو كانت تضعها في مركز دائرة. ترسم حاجزاً مؤقتاً صغيراً، وتغلقها على الفتاة في منتصفه....
...قبل أن تُكمل سيان إغلاق الدائرة، دخل جوون إلى داخلها واتخذ موقعاً مناسباً....
...طَق-...
...عادت سيان إلى نقطة البداية في الدائرة وأغلقت “باب” الحاجز....
...كانت مهمةً بسيطة، لكنها تتطلب خبرةً لتنفيذها بسرعة وبمهارة دون أن يشعر بها الشبح المقابل....
...ويبدو أن الفتاة في المثلث أحست بتغير الهواء عند اكتمال الحاجز، فظهر على وجهها التوتر فجأة....
...“عفواً، كم الساعة الآن؟”...
...عندما اقتربت منها سيان وسألتها، ترددت الفتاة قليلاً ثم نظرت إلى يدها لتتأكد....
...“لست أدري…..ليس لدي ساعة…..هه؟ أين وضعت هاتفي؟”...
...كانت تلك ردة فعل جيدة....
...تنقسم “المسامير” التي تؤذي البشر إلى نوعين رئيسيين: الأول، أرواحٌ هائمة ما تزال تحتفظ بقدر من الإدراك ويمكن التحدث إليها....
...الثاني، أرواحٌ شريرة فقدت تماماً إنسانيتها وتحولت إلى وحوش، ولا يمكن التواصل معها....
...يون مين يونغ كانت من النوع الأول. يمكن التحدث معها، ولا تزال تحتفظ بهيئةٍ بشرية....
...تابعت سيان الحديث معها بنبرة هادئة،...
...“ربما لم تعودي بحاجةٍ إلى معرفة الوقت؟”...
...“نعم؟”...
...“يون مين يونغ.”...
...عندما نادت اسمها بوضوح، ارتجف الشبح المقابل....
...و واصلت سيان بنبرةٍ جافة لا تحمل أي تردد،...
...“اختفيتِ ليلة 4 أغسطس، يوم ميلاد صديقتك، وتم العثور عليك في جبل مهجور بمدينة تشونتشون، فجر 14 سبتمبر، بعد شهر تماماً. بالتحديد، في تلك الليلة، زرتِ حانة نبيذ في إيتايوون تُدعى ‘نيويورك نيويورك’…..”...
...“معذرةً، ما الذي تقولينه…..؟”...
...“شربتِ نبيذاً كان يحتوي على مادةٍ منومة وتم اختطافكِ.”...
...“آه…..”...
...“هل تذكرين؟ لقد قُتلتِ في مكتب الصالة الرياضية بمدرسةٍ مهجورة.”...
...“أ…..ماذا؟”...
...انحنت سيان أمام الفتاة المرتبكة بكل احترام....
...“نترحم على روح الفقيدة، ونتقدم بأعمق مواساتنا لمعاناتها كروحٍ هائمة.”...
...__________________...
...تذكرت ذيك الكيدراما الي يروحون يلاحقون ارواح الفاطسين😂...
...المهم ليه قال انها بتفطس في مايو؟ شكل فيها لعنة صدق زي ماقالت النبذة؟ وناسه ...
...المهم اذا لاحظتوا الروايه هذي زي الصيادين يلاحقون ذا الاشباح الي هي المسامير والصيادين اسمهم نجارين...
...Dana...
Comments