...“أنا…..هاه؟ أنا قُتلت؟”...
...تراجعت يون مين يونغ ببطءٍ إلى الوراء. ثم بدأت تهز رأسها بسرعة وكأنها ترفض تصديق هذا الوضع....
...“لـ، لا! أنا، أنا……لا، لالالالالا!”...
...ومع استعادتها للذكريات، بدأ جسدها الروحي يشع باللون الباهت المميز للجثث، وانبعثت منه رائحة العفن الكريهة....
...“ما هذا؟ ما الذي يحدث؟ آه، ذلك الرجل! النبيذ، السيارة…..أمي. الهاتف…..الساعة كانت 11:20، أمي اتصلت ولم أجب. كان يجب أن أجيب…..آه، يؤلمني. سيدي، أرجوك……أنقذني لمرة واحدة فقط.”...
...تراجعت المرأة حتى زاوية الحاجز، وانقلبت عيناها فجأة، وامتلأت مقلتاها بالبياض المحمر المتوتر....
...كانت الأشباح في هذه اللحظة هي الأخطر. لأنه لا يمكن التنبؤ بجنونها، أو مدى انفجارها. وخصوصًا عندما تختلط ذكريات الماضي بالندم والكراهية كما الآن....
...بدأت يون مين يونغ تصر على أسنانها وتحرك أطرافها بعنف....
...“أنقذني……أرجوك، سيدي، سأبقي كل هذا سراً حقاً…..آه، آاه!”...
...كانت سيان واقفةً بهدوء، لكنها كانت قد أمسكت بمسدس صيد الأشباح بيدها اليمنى. وببطء شديد، وضعت يدها اليسرى داخل جيب معطفها وأخرجت منه صورة....
...“تتذكرين هذا الرجل، أليس كذلك؟ إنه القاتل الذي قتل يون مين يونغ.”...
...“كييييييييييااااااااه!”...
...اهتز الحاجز بصوت طنينٍ مرتفع، ودوّى صراخٌ يمزق الأذنين في أصداءٍ متكررة....
...صرخة الشبح كانت دائماً مرعبة بسبب موجاتها الصوتية الغريبة. لكن تاي جوون لم يرف له جفن....
...تابعت سيان الحديث بصوتها الجاف المعتاد....
...“هذا الرجل، محتجزٌ حالياً في مركز التوقيف، ومن المتوقع أن يُحكم عليه بالسجن لعامين ونصف.”...
...“عامان ونصف؟”...
...“في الواقع، سيقضي أقل من ذلك.”...
...“ماذا…..تم القبض عليه بتهمة قتلي؟ لكن هل يُغفر له ذلك إذا قضى عامين ونصف فقط؟ اجتماعياً؟ هل يُعتبر بذلك قد كفّر عن جريمته؟ من الذي وافق على هذا! من الذي قرر ذلك!”...
...“يون مين يونغ.”...
...نادت سيان اسم الشبح بتركيز وخبرة....
...“قد يكون من الصعب تقبله، لكنكِ أيضاً تسببتِ في وقوع ضحايا أبرياء، يون مين يونغ. في هذا المفترق، وقع أربعة عشر حادثةِ مرور.”...
...“أنا..…”...
...“الوفيات كانت سبعة.”...
...“لأني…..لأني لم يساعدني أحد! كنت أكرههم لذلك كثيراً!”...
...“من بين الضحايا امرأةٌ حامل تبلغ من العمر 32 عاماً وطفلٌ يبلغ ثلاث سنوات.”...
...“كنت! كنتُ أريد قتلهم جميعاً!”...
...نظرت المرأة نحو سيان من خلال شعرها المتناثر، وكانت عيناها المخيفتان مشبعتين برغبةٍ قاتلة وكراهية تكاد تنفجر....
...فيووووو-...
...فجأة، هبت ريحٌ بيضاء ناصعة على شكل زوبعة، ثم اتخذت شكلًا ماديًا في لحظة....
...ومع تلك الريح البيضاء، ظهر كلبٌ أبيض ضخم الجثة....
...كان تاي جوون يراقب الوضع دون اهتمام، لكنه غيّر نظرته لأول مرة عندما رأى “الكلب”....
...ما استدعته سيان كان “سامجوك”، كلبٌ بثلاثة أرجل، ساقٌ أمامية واحدة وساقان خلفيتان....
...السامجوك هو كلبٌ قادر على تمزيق حتى الأشباح، وثمةً عدد نادر جداً من الأشباح يمكنها مواجهته والنجاة....
...ذلك السامجوك وقف لحماية سيان، وهو يزمجر بكشف أنيابه الحادة....
...تقدمت سيان إلى الأمام بخطواتٍ ثابتة تُسمع بوضوح....
...“نحن منظمة أوتيس، وهي منظمة خاصة دولية.”...
...وضعت يدها على رأس السامجوك، بينما كانت تحدق مباشرةً في الشبح الذي يبدو وكأنه سينفجر في أي لحظة، وكأنها تقول بوضوح من هو صاحب هذا الوحش المفترس....
...“الرجل خلفي هو موكّت، العين التي ترى الأشباح. وأنا، سوجو، اليد التي تتحدث مع الأشباح. نحن فريقٌ واحد، يُطلق علينا اسم ‘الانتقام’.”...
...بالدقة، كانت هي “اليد” التي تقتلع الأرواح....
...“من الآن، ستعرض أوتيس على يون مين يونغ خياراً واحداً.”...
...“خيار..…؟”...
...أجابت سيان، وهي ترفع زجاجةً شفافةً تحتوي على سمكةٍ ذهبية بلون اليوسفي إلى مستوى وجهها، وكأنها تجيب بها....
...“الخيار الأول، أن تُحبسي داخل هذه القارورة لمدة مئة عام، إلى أن تختفي تماماً الكراهية التي تحملينها في قلبكِ.”...
...“لا! لماذا يجب أن-!”...
...“الخيار الثاني، أن تنتقمي من الرجل الذي جعلكِ هكذا، ثم تتلاشين.”...
...“أتلاشى؟ ماذا تعنين بالتلاشي…..أن أختفي؟ من هذا العالم إلى الأبد؟”...
...“نعم.”...
...“لكنني الضحية!”...
...“وأيضًا الجانية.”...
...“مـ، ماذا؟ أنا التي قُتلت!” ...
...انفجرت الشبح غاضبة....
...“توسلتُ إليهم أن ينقذوني، وبكيتُ حتى التهبَت عيناي أطلب المساعدة…..فلماذا! لماذا يجب أن أُحبس مئة عام وكأنني مجرمة! لماذا!”...
...“كونك قُتلتِ لا يمنحكِ الحق في إيذاء الأبرياء.” ...
...رسمت سيان الخط بوضوح دون تردد. فارتجفت شفاه الشبح وقد سيطر عليها الظلم والذهول....
...“لـ، لكن..…”...
...“إما أن تنتقمي وتتلاشي، أو تبقي موجودةً وتعيشي مع الندم. عليكِ اختيار أحدهما.”...
...تابعت سيان كلامها بنبرةٍ باردة كصقيع ديسمبر....
...“وإن لم تستطيعي اتخاذ القرار بنفسكِ، فسأتولى أنا إنهاء أمركِ هنا والآن.”...
...“آه…..آه.”...
...بدأت يون مين يونغ تلهث بارتباك، غير قادرةٍ على التصرف. ...
...كانت كقنبلة على وشك الانفجار، ولا أحد يعلم متى....
...يجب الحذر، فالقتال مع الأشباح يصبح في غاية الخطورة من اللحظة التي يفقد فيها المرء هيبته أمامها. لهذا كان من الضروري دومًا أن يُقمع الشبح بقوة، في كل دقيقة وثانية....
...بقوة الكلمات، وبالضغط الروحي للكلام....
...قامت سيان بسحق الروح بنبرةٍ حازمة لا تقبل الجدل....
...“يون مين يونغ، سأمنحكِ خمس دقائق لتختاري.”...
...***...
...عندما يُفرض على الأرواح اتخاذ القرار خلال خمس دقائق، فإن ردود أفعالهم عادةً ما تنقسم إلى نوعين....
...إما يقاتلون بشراسة، أو ينهارون بالبكاء ويستسلمون. وكانت يون مين يونغ من النوع الثاني....
...خفضت رأسها بذعر، ونظرت إلى قدميها....
...ربما كانت تقاوم بشدة أثناء لحظة قتلها، إذ كانت آثار كدماتٍ زرقاء تحيط بأظافرها المطلية بالأزرق السماوي....
...نظرت يون مين يونغ إلى تلك الكدمات وانفجرت في بكاءٍ حزين....
...“هُك…..هـ، هـيييك..…”...
...حتى المحاربين الروحيين المخضرمين يشعرون في مثل هذه اللحظات بالأسى أو بعض الذنب…..لكن تاي جوون كان باردًا تجاه يون مين يونغ إلى حدٍ لا يُحتمل....
...من البداية، لم يكن هذا الرجل مهتمًا بأي شيء سوى سيان وحدها. وكان يمكن الشعور بذلك في نظراته....
...نظرة تاي جوون الثاقبة من خلف ظهرها كانت تصيبها كصاعقةٍ من الكهرباء، لكن سيان رفعت ذقنها بتأنٍّ وتجاهلته ببرود....
...“أنا…..سأنتقم.”...
...أخيرًا، قررت يون مين يونغ أن تنتقم سريعًا. ...
...كما كان متوقعًا. فأغلب الأشباح، دائمًا، وأبدًا، يختارون الفناء مع خصومهم....
...“قتلني بتلك الطريقة، وقد يعيش هو حتى الثمانين…..بينما أنا، حتى بعد مرور مئة عام، وحتى بعد أن يموت ويختفي من هذا العالم، عليّ أن أبقى حبيسة في زجاجة بلاستيكية..…”...
...طقطق-...
...صرّت الروح على أسنانها بحقدٍ بالغ....
...“لا…..ذلك لا يُحتمل، لا يمكنني قبوله.…..سأمزقكَ بيدي هاتين إربًا إربًا.”...
...اظهرت ذلك الإحساس الذي يبعث القشعريرة حتى داخل الدماغ....
...أخذت طاقة الشبح بالانتشار الكثيف، وغمر شعور الانتقام الوحشي الحاجز بلون معتم. ...
...ردّت سيان بصوتٍ أكثر حدة وبرودًا، حتى لا تُقهر أمام الشبح....
...“بما أنك اخترتِ الانتقام، فلن نتدخل في أي نوعٍ من أنواع القسوة التي سترتكبينها.”...
...“أهذا يعني بأنه يمكنني…..أن أفعل ما أشاء؟”...
...“الضحية، إن أرادت، يحق لها أن ترد على الجاني بأي طريقة. لكِ كامل الحرية لتأخذي بثأركِ كما ترغبين.”...
...المهمة الأساسية لمنظمة أوتيس الدولية للعلوم الخفية كانت القضاء على الأشباح الشريرة التي تؤذي البشر....
...لكن إذا كانت الروح الضحية هي من تحوّلت إلى شبح، فقد تعرض المنظمة عليها انتقامًا خاصًا....
...منح الضحية فرصةً واحدة فقط لعدالة كاملة لا لبس فيها. هذا أيضًا كان من مهام أوتيس....
...“لكن، الوقت الذي يمكننا منحه لك يا يون مين يونغ هو سبعة أيام فقط.”...
...“سبعة أيام؟ هذا أكثر من كافٍ.”...
...بدأت الروح تفرك يديها بحماس، وقد تملّكها التوتر والحماس معًا....
...“آه…..بسرعة، بسرعة! هيا، هيا، هيا، لدي الكثير مما أريد فعله بذلك الوغد!”...
...حتى يون مين يونغ، التي كانت تبكي قبل لحظات، أصبحت تضحك الآن....
...التقلب السريع في المشاعر كان سمةً بارزة لدى الأشباح؛ يضحكون بعد الغضب، ويغضبون بعد الضحك، على نحوٍ مرعب....
...على أي حال، بدا أن المهمة الأولى ستُنجز دون مشكلة....
...في الواقع، بالنظر إلى خبرة لي سيان وتاي جوون، كانت هذه المهمة سهلةً بشكلٍ مدهش....
...بالطبع، يتم إعطاء المهمات السهلة في بدايات تشكيل الفرق مثل “الإنتقام” لتعويد الأعضاء على العمل الجماعي....
...ما تبقّى الآن مجرد بعض الأسئلة الطقسية التي تُطرح قبل اصطياد الشبح....
...بدأت سيان بطرحها بصوتٍ جاف....
...“هل عرض عليكِ القاتل أي رموزٍ غريبة، أو صور، أو إكسسوارات؟ أو قام بتصرفات مريبة؟”...
...“رموز..…؟”...
...قطّبت يون مين يونغ جبينها....
...كان الهدف من هذا السؤال استكشاف ما إذا كان في الحادث جانب ديني أو طائفي، لأن الجماعات السرية والمعتقدات الباطنية تظهر باستمرار كالأعشاب الضارة....
...لكن في العادة، نادرًا ما يتم الحصول على معلومات مفيدة من هذا النوع من الأسئلة....
...“نعم، هناك.”...
...كان الحظ جيدًا هذه المرة....
...“ما كان الشيء الغريب؟”...
...“ثعبان. ثعبان.”...
...“ثعبان؟ كيف كان شكله؟”...
...“مثل قطع الزمرد السميكة على شكل خاتم..…”...
...“خاتم؟”...
...“نعم، كان شكل حلقة الخاتم، ماذا أقول، ثعبانًا مرعبًا. كان الرجل يرسم شيئًا مثل دائرةٍ سحرية باستخدام يده التي كانت ترتدي الخاتم…..”...
...'ماذا؟'...
...ارتجفت عيون سيان فجأة، وشعرت بتصلب في حدقتها. و على الفور، بدأت في الغوص في التفاصيل....
...“هل كان الرجل يرسم تلك الدائرة السحرية على جسدكِ، أم على الأرض المحيطة بكِ؟”...
...“على الأرض. كان يرسم أشكالًا غريبة…..وأشياء مثل الحروف أيضًا.”...
...هذا كان يعني أنها كانت “قرابين”….....
...كانت هناك علامات باردة، حيث بدأت الأمور تأخذ منحى مريبًا....
...بدأت سيان في طرح المزيد من الأسئلة حول الخاتم....
...“يون مين يونغ، هل كان القاتل يرتدي خاتم ثعبان من الزمرد المربع الشكل حتى بعد قتلِكِ؟”...
...“لا…..بعد أن قتلني..…”...
...كانت الشبح تكافح لتذكر التفاصيل، فاهتزت شفتاها....
...“عاد إلى سيول…..إلى شركته. كان الرجل غاضبًا جدًا، وكان يصرخ عبر الهاتف.”...
...“لماذا كان القاتل غاضبًا؟ ما السبب؟”...
...“كنتُ جالسة في المقعد الخلفي للسيارة، أراقب الرجل الذي كان يتحدث عبر الهاتف..…”...
...“يون مين يونغ، ما الذي أغضب القاتل تحديدًا؟”...
...“المعلومات. قال أن المعلومات كانت خاطئة.”...
...“أي معلومات؟”...
...“قال…..قال أن يون مين يونغ لم تكن توأمًا في الرحم..…”...
...في تلك اللحظة، فتح تاي جوون فمه فجأة بعد صمت طويل....
...“توائم في الرحم..…”...
...وفي نفس اللحظة، انكسر حاجز الطاقة، وبدأت طاقة العالم الخارجي تتسرب عبر الشقوق في الحاجز....
...'يا إلهي…..'...
...لم يكن سوى كلمةٍ واحدة فقط، لكن صوت تاي جوون الثقيل كان كافيًا لإفساد توازن الحاجز الذي أنشأته سيان....
...____________________...
...واو ابي اسمع صوته ...
...المهم مبأن المجنون A هو المقصود؟ ...
...Dana...
Comments