الفصل الرابع: أصداء الدم في الأعماق

لم تكن الرياح تهب على الجبال السوداء فحسب، بل كأنها تسحب أنفاس العالم إلى بؤرة مظلمة، هناك حيث لا يزدهر سوى الندم. كان فيلوس قد أنهى تدريبه الأول مع زيروخان، جسده يئن تحت وطأة الألم، لكن قلبه... كان ينبض بشيء آخر: الغضب المتقد الذي يشبه لهبًا لا ينطفئ.

"كل خطوة تخطوها نحو الانتقام، تقتطع من روحك شيئًا،" قال زيروخان، وهو ينظر إليه بينما يتنفس الصبي بصعوبة، جسده مبلل بالعرق والدم.

رد فيلوس بصوت خافت، لكنه مشبع بالحقد: "إن لم أقطع من روحي، سيقطع الآخرون رأسي."

ابتسم زيروخان، لكن عينيه ظلّتا مظلمتين. "هذا صحيح... ولكن هل أنت من يقرر؟ أم أن الجرح هو الذي يتكلم؟"

ظل فيلوس صامتًا، ينظر إلى الأرض التي ابتلعتها دماء الوحوش التي تدرب على قتالها. في كل مرة يسقط، يرى وجه أمه وأخيه مجددًا، ملوثًا بالدماء، صامتًا كما لو أن الموت التهم الحروف.

**—

في مملكة "نِيثيلن"، حيث يحكم اللورد نيثار، بدأت التوترات في التصاعد بين العائلات السبع الكبرى. كان هناك همس في الظلال: عودة سليل العائلة المنفية، عائلة كِتمان. والأنكى من ذلك، أن أحد الورثة قد نجا. لكن أحدًا لم يكن يعلم من هو...

في قاعة كريستالية داخل قصر عائلة "أورايان"، وقفت ليدي "سيلفا أورايان"، ذات الشعر الفضي والعينين اللتين تشبهان الليل الممطر، تتأمل في خريطة معقدة للعالم السحري.

"إذا عاد فيلوس كِتمان، فلن تكون الحرب القادمة حرب قوى فقط، بل حرب ذاكرة،" قالت وهي تنظر إلى مساعدها، شاب يحمل وشمًا متوهجًا على عنقه.

رد بصوت بارد: "الذاكرة أخطر من السيف يا سيدتي."

**—

بينما كان فيلوس يخوض تمرينه التالي في ساحة محاطة بتماثيل حجرية، ظهرت أمامه فتاة بعينين خضراوين وشعر أسود كالحبر، تمشي بخفة بين الحجارة. لم يسمعها تقترب، رغم أن زيروخان كان واقفًا هناك ولم ينبّه.

قالت الفتاة بصوت ساخر: "أنت لا تبدو كبطل القصص... تبدو كمجرد فتى حزين."

تجمد فيلوس، ثم عقد حاجبيه: "ومن أنت؟"

اقتربت منه بخطوات بطيئة: "أنا من يعرف كيف تذوق القلوب طعم اللامعنى."

كانت تُدعى إيريس. لم تكن مجرد فتاة. كانت وريثة عائلة منفية أخرى، تائهة بين المفاهيم، وجودية في كل كلمة، وعدمية في كل نظرة.

جلسوا تلك الليلة أمام نار ضعيفة، يتحدثون عن المعنى. قالت:

"هل تظن أن الانتقام يمنحك وجودًا؟ هل تعتقد أنك إن قتلت من قتلهم، ستشعر أنك حي؟"

ردّ دون أن ينظر إليها: "بل سأشعر أني لست ضعيفًا."

ضحكت بسخرية مرة: "إذن أنت لا تسعى للعدالة، بل للهروب من الضعف."

كان الكلام كالسكاكين، لكنه ترك أثرًا... نوعًا من الاهتزاز الداخلي الذي جعله في تلك الليلة لا ينام.

**—

في اليوم التالي، دفعه زيروخان إلى مواجهة وحش يُدعى "غُول نيفارا"، وهو مخلوق أسطوري يقتات على الخوف. كلما شعر بالخوف، تضاعفت قوة الوحش. كلما تذكّر ماضيه، ازدادت قبضة العدو إحكامًا عليه.

صرخ فيلوس وهو يُسحق تحت قدم الوحش: "أنا لست الطفل الذي بكى أمام جثث عائلته!"

لكن الوحش ضحك بصوت عميق. "بل ما زلت هو. الجرح لا يكبر، بل يختبئ."

من بعيد، صاحت إيريس: "توقف عن الكذب! لا تهرب من الألم، قاتل به!"

عندها، انبعث من فيلوس وهج غريب، طاقة جديدة لم يكن يعلم بوجودها. كان الجرح نفسه هو البوابة. وبتحويله إلى طاقة، استطاع أن يوجه ضربة مباشرة إلى قلب الوحش.

سقط غُول نيفارا، وجسده يتحلل إلى غبار، تاركًا خلفه بلورة حمراء.

قال زيروخان: "لقد ولدت أول قدرة لك من الذاكرة... أنت الآن في طريقك."

**—

ذلك المساء، جلس الثلاثة حول النار.

قال زيروخان: "نحن لا نتعلم من الألم فقط، بل نصنع أنفسنا منه."

أجابت إيريس: "لكن من لا يعي ذلك، يصبح عبدًا له."

أما فيلوس، فقد ظل صامتًا، ينظر إلى البلورة في يده. لم يكن يعلم بعد، لكن هذه البداية لم تكن سوى خيط صغير في نسيج حرب أكبر.

وفي أعماق جبل بعيد، رجل مغطى بالوشوم السوداء، نظر إلى السماء وقال:

"لقد تحرّك الوارث... وأصبح الوقت قريبًا."

نهاية الفصل الرابع

الجديد

Comments

Serrano manga

Serrano manga

فصل رائع شنو غيطرا من بعد

2025-04-20

2

الكل

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon