أنا ميت… بس عايش

القصة الخامسة: "أنا ميت… بس عايش"

البداية: "حياتي كانت عادية… لحد ما مبقتش"

"حسام" دخل أوضة الدكتور كريم، قعد على الكرسي قدامه، بس مختلف عن كل اللي جم قبله… كان شكله شاحب، عينه غرقانة في السواد، وكأنه ما نامش بقاله سنين. قعد في صمت لدقايق، بيبص للأرض، لحد ما قال بصوت هادي، بس كان مليان وجع:

ــ "أنا ميت… بس عايش."

الدكتور بص له بهدوء وسأله:

ــ "حاسس إنك ميت؟ ليه؟"

حسام ابتسم ابتسامة باهتة وقال:

ــ "لأن مفيش حاجة بتفرّق معايا… لا فرح، لا حزن، لا خوف، لا أمل… كل حاجة بقت زي بعض."

الدكتور سأله:

ــ "إمتى بدأت تحس كده؟"

حسام خد نفس عميق، عينه دمعت، وقال:

ــ "لما ماتت."

"أنا فقدت روحي"

قبل خمس سنين، حسام كان عنده بنت وحيدة في الدنيا… أخته "رنا"، كانت أصغر منه بسنتين، بس كانت أكتر شخص بيحبه.

ــ "هي كانت كل حاجة بالنسبة لي، كنا بنضحك مع بعض، بنحكي لبعض عن أي حاجة، حتى مشاكلنا الصغيرة كنا بنتشاركها… كانت أقرب شخص لقلبي."

بس الدنيا ما بترحمش حد…

في يوم، "رنا" خرجت من البيت تشتري حاجة، وما رجعتش.

حسام صوته اتكسر وهو بيحكي:

ــ "لقيت تليفون من المستشفى… قالولي حصل حادثة."

لما وصل، شافها… بس ما قدرش يستوعب.

ــ "كنت فاكر إنها هتصحى، كنت بقول لنفسي إنها هتقوم، بس الدكتور قال لي: (البقاء لله)."

الدكتور كريم سأله:

ــ "ومن وقتها، وأنت مش حاسس بحاجة؟"

حسام هزّ رأسه وقال:

ــ "من وقتها، وكل حاجة فقدت معناها."

"مفيش حاجة بقت تستاهل"

بعد وفاة "رنا"، حسام حاول يعيش حياته عادي… بس ما كانش قادر.

ــ "كل حاجة فقدت لونها، مفيش حاجة بقت تفرّحني، بقيت أقوم من النوم وأسأل نفسي: (ليه؟)، بقيت عايش لأن جسمي لسه بيتنفس… لكن روحي ماتت معاها."

الناس حاولت تساعده، بس كلامهم كان كله مكرر: "الحياة لازم تستمر"… "هي في مكان أحسن"… "حاول تنسى."

ــ "إزاي أنسى؟ دي كانت حياتي، كانت أكتر شخص بيحبني بجد، كانت بتفهمني من غير ما أتكلم… دلوقتي، أنا الوحدي."

الدكتور كريم سأله:

ــ "ومحدش في حياتك حاول يقرب منك بعد اللي حصل؟"

حسام ضحك ضحكة مليانة وجع وقال:

ــ "حاولوا… بس أنا اللي بعدت."

بدأ يتجنب الكل، يقفل على نفسه في أوضته، حتى أهله بقوا يحسوا إنه بقى شخص غريب.

ــ "مكنتش عايز أعيش، بس كنت خايف أموت… ففضلت في النص، لا عايش بجد، ولا ميت بجد."

"أنا خايف أنساها"

الدكتور سأله:

ــ "طب إيه اللي خلاك تيجي هنا؟"

حسام اتنهد وقال:

ــ "من كام يوم، كنت معدّي من جنب مكان الحادثة… ولأول مرة، ما حسيتش بحاجة، ولا حتى وجع."

سكت لحظة، وكمل بصوت متكسر:

ــ "أنا مش عايز أنساها، مش عايز ييجي يوم وأحس إنها مجرد ذكرى… أنا حاسس بالذنب، لو ابتسمت، بحس إني بخونها، لو حسيت بلحظة سعادة، بحس إني نسيانها."

الدكتور كريم قال بهدوء:

ــ "أنت مش خايف تنساها… أنت خايف تعيش من غيرها."

حسام بص له، والدموع نزلت لأول مرة من شهور، وقال:

ــ "أنا مش عايز أكمل حياتي وهي مش موجودة."

"إزاي أعيش بعد ما فقدت أغلى حد؟"

الدكتور كريم قال له:

ــ "اللي زيك، ما بيكونش عايز يموت، هو بس مش لاقي سبب للحياة… بس الحقيقة، إن رنا نفسها كانت هتبقى عايزة تشوفك عايش، مش مجرد موجود."

حسام بص له وقال:

ــ "بس أنا حاسس بالذنب… لو عشت حياتي، كأني بنساها."

الدكتور قال له بهدوء:

ــ "مش نسيانها هو الحل، الحل إنك تخلي ذكراها سبب إنها تعيش جواك، مش إنها تموت معاك."

سكت لحظة، وبعدين قال:

ــ "قول لي، إيه أكتر حاجة كانت بتحبها فيك؟"

حسام فكر لحظة، وقال بابتسامة حزينة:

ــ "كانت بتقول لي دايمًا إني أكتر شخص عنده قلب طيب، وإنها بتحب فيا إني دايمًا بساعد الناس."

الدكتور ابتسم وقال:

ــ "يبقى دي بداية العلاج… رجّع الشخص اللي هي كانت بتحبه، بدل ما تفضل شخص مش قادر يعيش."

"أنا هحاول"

بعد شهور من العلاج، حسام بدأ يتحسن… بدأ يخرج، يتكلم مع الناس، يشتغل على نفسه، مش عشان ينسى "رنا"، لكن عشان يخليها فخورة بيه، حتى لو مش موجودة.

وفي آخر جلسة مع الدكتور كريم، قال له:

ــ "أنا لسه موجوع… بس على الأقل، بقيت عايش بجد."

الدكتور ابتسم وقال:

ــ "وده أول خطوة عشان تلاقي نفسك من جديد."

— النهاية الحقيقية لرحلة حسام —

(القصة السادسة قريبًا… مع وجع جديد.)

تنزيل على الفور

novel.download.tips
تنزيل على الفور

novel.bonus

novel.bonus.content

novel.bonus.receive
NovelToon
فتح الباب إلى عالم آخر
لمزيد من التشغيل واللعب ، يرجى تنزيل تطبيق MangaToon