القصة الثالثة:
البداية: النوم كان بيخوفني
"سيف" قاعد قدام الدكتور كريم، عينه تحت، مش قادر يبص في عينه. حاسس إنه جاي يحكي عن حاجة تافهة، حاجة الناس بتقول عليها "عادي"، بس بالنسبة له… مكنتش عادي أبدًا.
بعد لحظة صمت، قال بصوت واطي:
ــ "أنا بخاف أنام."
الدكتور ما علّقش، استناه يكمل، وسيف أخد نفس عميق وقال:
ــ "الموضوع بدأ من سنين… كنت صغير، 6 سنين تقريبًا، كنت بنام عادي زي أي حد، لحد ما بدأت أحلم بكوابيس."
رفع عينه بصعوبة، كأنه بيتذكر حاجة صعبة عليه، وكمل:
ــ "مكنتش كوابيس عادية… كانت كوابيس بتتكرر كل ليلة، بنفس التفاصيل، بنفس الرعب. كنت بصحى مفزوع، مبلول عرق، وقلبي هينفجر من الخوف."
سكت لحظة، وبعدين قال بهمس:
ــ "بس المشكلة إن الكوابيس موقفتش، ولا راحت… كانت بتزيد كل ما كبرت."
الطفولة: لما النوم يبقى عدوك
سيف حكى عن لياليه وهو طفل، إزاي كان بيخاف يغمض عينه، إزاي كان بيحاول يقاوم النوم بأي طريقة، بس في الآخر، كان بيسقط فيه غصب عنه.
ــ "كان عندي 8 سنين لما بدأت أخترع طرق عشان أفضل صاحي، كنت بقرص نفسي، أشرب مياه باردة، أو أقعد أبص للسقف لحد ما النوم يغلبني… بس حتى لما أنام وأنا تعبان، الكوابيس كانت بتستنانى."
الدكتور سأل بهدوء:
ــ "حد كان عارف عن المشكلة دي؟"
سيف هز راسه بلا:
ــ "كنت بحكي لأهلي، بس كانوا بيقولولي: (كل الأطفال بتحلم بكوابيس، نام واقرأ قرآن قبل ما تنام وهتبقى كويس)."
ضحك ضحكة مكسورة وكمل:
ــ "بس مكنتش كويس… أنا كنت عايش في رعب كل ليلة."
المراهقة: لما النوم يبقى اختيار مش متاح
لما كبر، بقى عنده 14 سنة، قرر يعمل حاجة مختلفة… قرر يوقف النوم تمامًا.
ــ "بقيت أفضل صاحي بالساعات، أو أنام ساعة وأصحى قبل ما الكوابيس تبدأ… كنت بعيش طول اليوم مرهق، جسمي تعبان، عقلي تقيل، بس كنت بحس إني كسبت، إني منعت الكوابيس من إنها تسيطر عليّ."
الدكتور سأله:
ــ "بس دا كان مؤقت، مش كده؟"
سيف ابتسم ابتسامة حزينة وقال:
ــ "طبعًا… جسمي انهار بعد فترة، بقيت بحس إني بفقد تركيزي بسرعة، بقيت متوتر طول الوقت، وبدأت أحس إني بشوف حاجات مش موجودة، وده كان الرعب الأكبر."
الانهيار: لما الواقع يبدأ يشبه الكوابيس
ــ "في يوم، كنت ما نمتش بقالى ٣ أيام، كنت ماشي في الشارع، وفجأة… حسيت بشخص واقف قدامي."
الدكتور ركّز معاه وسأله:
ــ "شخص؟"
سيف هز راسه وقال بصوت مخنوق:
ــ "كان راجل طويل، لابس أسود، ملامحه مش واضحة، بس كنت شايفه بوضوح… كان واقف هناك، بعيد، بس كنت حاسس إنه عارف إني شايفه."
سكت شوية، وعينه مليانة رعب، وبعدين كمل:
ــ "غمضت عيني وفتحتها… واختفى."
رفع عينه للدكتور وقال بخوف:
ــ "ساعتها فهمت إن الكوابيس مبقتش بس في النوم… بقت في الواقع كمان."
طلب المساعدة: الخطوة الأصعب
لما الموضوع اتكرر، لما بقى يشوف حاجات مش حقيقية أكتر من مرة، قرر يحكي لأهله.
ــ "أخيرًا حكيت لأمي، كنت متوقع إنها تخاف عليا، تساعدني، تعمل أي حاجة… بس رد فعلها كان أصعب حاجة حصلت لي."
الدكتور سأله:
ــ "قالت لك إيه؟"
سيف ضحك ضحكة بدون روح وقال:
ــ "قالتلي (بطل أوهام… كل اللي في دماغك ده أفلام بتتفرج عليها)."
الدكتور بص له باهتمام وسأله:
ــ "وده خلاك تحس بإيه؟"
سيف عض شفايفه، وبعدين قال بهدوء:
ــ "إني لوحدي… إني حتى لما حاولت أطلب مساعدة، ملقتش حد يفهمني."
سكت شوية، وبعدين قال:
ــ "بس أنا مكنتش بتوهم، دكتور… كنت بعيش رعب حقيقي، كل يوم، كل ليلة."
العلاج: رحلة استعادة السيطرة
الدكتور كريم بص له وقال:
ــ "سيف، اللي مريت بيه اسمه "شلل النوم المتكرر" وممكن يكون سببه القلق المزمن أو اضطراب النوم، بس فيه كمان حاجة تانية… قلة النوم بتسبب هلوسات، ودا اللي وصلك للمرحلة دي."
سيف سأل بترقب:
ــ "يعني أنا مش مجنون؟"
الدكتور ابتسم وقال:
ــ "أبدًا… بس جسمك وعقلك مرهقين لدرجة إنهم بيلعبوا ضدك."
سيف سأل:
ــ "وهبقى كويس؟"
الدكتور رد:
ــ "هنمشي خطوة خطوة… أول حاجة، لازم نرجّع النوم لحياتك، بس بشكل صحي. هنتعلم تمارين استرخاء، وهتبدأ تكتب الكوابيس اللي بتجيلك عشان نحللها مع بعض."
سيف أخد نفس عميق، وقال بصوت أهدى:
ــ "ممكن أنام النهاردة من غير خوف؟"
الدكتور بص له بثقة وقال:
ــ "وممكن تصحى من غير رعب."
النهاية: أول ليلة هادية
بعد أسابيع من العلاج، وبعد ما سيف بدأ ينام بشكل منتظم، وبعد ما بدأ يتعلم يتحكم في خوفه، في يوم، نام… من غير كوابيس.
صحى الصبح، لأول مرة من سنين، وهو حاسس إنه مش مرعوب.
— النهاية الحقيقية لرحلة سيف —
(القصة الرابعة قريبًا… مع وجع جديد.)
10تم تحديث
Comments